التغييرات في القيادات العسكرية.. الكتاب يُقرأ من عنوانه: خورشيد سليم حسن الدوسكي نموذجاً

يحيى العراقي

تناقلت أجهزة الإعلام قبل أيام خبر إجراء من يسمى برئيس (حكومة الشراكة الوطنية العراقية الجديدة) المدعو حيدر العبادي تغييرات في المواقع القيادية في الأجهزة والتشكيلات العسكرية والأمنية للعصابات الصفوية الطائفية الحاكمة والتي غدت تأتمر علناً وجهاراً نهاراً بأوامر الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس الإيراني.

 

http://www.pmo.iq/press/12-11-20143.htm

 

 

بابكر زيباري مع فلك الدين كاكائي في جبال إيران سنة 1980


وقد أشارت بعض المصادر (صفحة وزير الدفاع خالد العبيدي على الفيسبوك وتصريحات للنائب شاخوان عبدالله عضو لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب) أن من بين من ستشملهم هذه التغييرات رئيس أركان جيش العصابة الحاكمة الحالي الفريق أول بيشمركة بابكر بدر خان شوكت الزيباري (Babaker Baderkhan Shawkat Zebari) وهو ملازم سابق فار من الخدمة في الجيش الوطني وملتحق بعصابات التمرد الكردية ومتعاون مع القوات الإيرانية منذ منتصف سبعينيات القرن الماضي.

 

 

بابكر زيباري سنة 1984 في شمال العراق

 

حيث جرى الحديث (مع وجود لغط حول ذلك) أنه سيتم إستبداله بالفريق الركن (بيشمركة أيضاً) خورشيد سليم حسن الدوسكي (الذي هو الأخر من الفارين أيضاً من الخدمة في الجيش الوطني ومن الملتحقين بعصابات التمرد الكردية منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي).

 

الدوسكي مع  مسعود بارزاني ونيجرفان بارزاني

 

خورشيد سليم حسن الدوسكي (Khursheed Saleem Hassan Al-Dosekey) الذي يشغل حالياً منصب معاون رئيس أركان جيش العصابة الحاكمة كان قد حصل على فرصة عادلة (مثله مثل أي عراقي آخر) للدخول إلى الأكاديميات العسكرية الوطنية العراقية أيام النظام الوطني الحر العروبي المستقل قبل الغزو والإحتلال، حيث تخرج الموما إليه (وكما تتحدث صفحته الشخصية في الفيسبوك) من الكلية العسكرية في أواخر عقد السبعينيات من القرن الماضي وتمكن أيضاً من الدخول إلى كلية الأركان والتخرج منها.

 

https://www.facebook.com/pages/فريق-ركن-خورشيد-سليم-الدوسكي/185589238265642

 

 

سيرة خورشيد سليم العسكرية

 

هذا الأمر لاشك يمثل دليل قاطع يوضح بشكل جلي زيف الإدعاءات الكاذبة التي روج لها الأعداء كثيراً وكلامهم عن تطهير عرقي وجرائم ضد الإنسانية قالوا إنها كانت ترتكب بحق (الأكراد) و(الشيعة) ومن أجلها نصبوا المحاكم وعلقوا المشانق للمسؤولين والشخصيات والرموز الوطنية ظلماً وعدواناً.

المومأ إليه وبعد أحداث عام 1990– 1991 ومشاكل إستعادة الدولة للأمن والنظام في مناطق العراق والشمالية منها على وجه الخصوص وبعد نشوء إدارة محلية غير مرتبطة بالدولة في شمال العراق وإنسحاب أجهزة الدولة من تلك المناطق بفعل الضغط الدولي وجهد عناصر العمالة والتخريب.. غادر المومأ إليه إلى شمال العراق وإلتحق بالميليشيا المحلية هناك والمسماة (بيشمركة) وكان مقرباً من مسعود بارزاني.

 

مع مسعود بارزاني ونيجرفان بارزاني وبابكر زيباري

 

وقد تدرج بالرتب العسكرية في هذه الإدارة حتى أصبح برتبة عميد ركن ورئيساً لأركان قوات مسعود بارزاني ومن خلال ذلك صار يشرف على جانب من قوات (البيشمركة) المشتركة في المنطقة وقام بإنشاء مدرسة عسكرية في منطقته العشائرية (زاخو) أطلقوا عليها تسمية (الكلية العسكرية الثانية).

 

مع مسعود بارزاني

 

عقب الغزو والإحتلال الأميركيين تم تقديمه من قبل مسعود بارزاني إلى جانب قادة عسكريين لمليشيات من الأحزاب العميلة المشاركة بالعملية السياسية الإجرامية التي جرت برعاية الإحتلال ليكون هؤلاء نواة قيادة لما يسمى بـــ(الجيش العراقي الجديد) بعد أن قرروا التخلص من الجيش الوطني، حيث شكل المومأ إليه مع مجموعة من البيشمركة نواة لما سمي بــ(الفرقة الثالثة) وكان مقرها معسكر الكسك (Camp Kasik) شمال غرب مدينة الموصل وشمال شرق مدينة تلعفر على الطريق الواصل بين مدينة الموصل ومعبر ربيعة الحدودي.

وقد أشرفت فرقة تدريب أمريكية (الفرقة 98) على تدريب هذه الوحدة التي كان عليها لاحقاً أن تتولى مهمات الأمن في المنطقة حيث شاركت بجانب القوات الأمريكية في عمليات مقاتلة قوات تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين بقيادة أبو مصعب الزرقاوي التي كان يتمركز جانب من نشاطها في مدينة تلعفر في عامي 2004 و 2005.

 

مع الجنرال بتريوس

 

الأمريكان قدروا عالياً جهود وأفكار خورشيد سليم حسين الدوسكي الذي إرتبط بصداقة مع الجنرال ديفيد بتريوس (David Petraeus) وقد تم منحه وساماً أمريكياً عالياً نظيراً لخدماته ولنصائحه المفيدة لهم من أجل الحصول على تعاون المواطنين في المنطقة معهم وقد إرتكزت نصائحه على عدة أمور من بينها تقسيم المدن والأحياء وبناء السواتر والحواجز حول المناطق لتقييد حركة الناس وبضمنهم المسلحين والتحكم بمنافذ الدخول والخروج منها والعمل على تحسين تصرفات القوات العراقية التي كانت تمسك الأرض وتكون مسؤولة عن أمن المناطق .. تحسين تصرفاتها تجاه السكان وتوفير فرصة لخلق فجوة بينهم وبين المسلحين. وقد أشاد بالدور المبدع للفريق الدوسكي وسجل شهادة عن تفاصيله الضابط الأمريكي المقدم باول ينغلنغ (Paul Yingling) في مقال له نشره في مجلة الحروب الصغيرة.

 

http://smallwarsjournal.com/documents/yinglingarticle3.pdf

 

 

الدوسكي يتقلد وساماً أميركياً

 

الحديث عن وضع هكذا نماذج ذات إنتماءات عنصرية وحزبية واضحة وجلية وقوية وبسيرة مهنية طافحة بالخيانة في مواقع غاية في الأهمية والحساسية في حياة الناس تتطلب فيمن يشغلها وبحسب عناوين وتفاصيل الوظيفة المؤداة أن يكون مهني حيادي غير منحاز وفي خدمة الجميع وفي خدمة المصالح العامة المشتركة لهم بإعتباره يتقاضى مرتباً مستحصلاً من الضرائب التي يدفعوها والثروات العامة المشتركة التي تمول نفقات الدولة وأن يكون متجرداً من الإنتماءات والعصيبات الضيقة ومحافظاً على إنتمائه للأعم الأشمل بهويته الحضارية واضحة المعالم والإنتماء وبثوابته وقيمه.

هل عقمت المؤسسة العسكرية العراقية الوطنية الضخمة العظيمة أن تقدم ضباطاً أكفاء ذوي إستقلالية وتاريخ خدمة وطني متصل ناصع مشرف حافل بالإنجازات، وهي التي تخرج من مؤسساتها ضباطاً تبوؤا مراكز متقدمة في العديد من الدول المجاورة أم أن الظروف ما تزال تفرض علينا إعادة تدوير هذه النفايات التي تشربت بالعمالة والتبعية والخيانة وتغليب الولاءات العنصرية والطائفية والحزبية.

ونحن إذ نستمر في معايشة هذه المحنة والمأساة ومكابدة آلام دوام تسلط هذه النماذج البائسة فإن من الأهمية بمكان أن يتجنب بعض كتابنا ومثقفينا السقوط والمشاركة في عملية تسويق الأوهام التي أدمن بعض العاجزين والفاشلين عليها كأسلوب يسترون به جانباً من كسلهم وعجزهم وفشلهم المزمن.

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :135,619,172

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"