التعليم في العراق يشكو الإهمال

أحمد صبري

كحال القطاعات الأخرى يشهد القطاع التعليمي في العراق تدهورا خطيرا في شتى الميادين إلى حد بقائه في آخر سلم جودة التعليم التي تصنفها اليونسكو في معرض تقييمها السنوي، في حين غاب العراق عن مؤشر جودة التعليم العالمي الصادر من المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس مؤخرا، لأن قطاع التعليم في العراق لا يمكنه الدخول في المنافسة في هذا المؤشر لعدم توفر الشروط والمواصفات اللازمة لهذه المنافسة.

حال التعليم في العراق يعكس أزمات العراق التي ترحّل من عام إلى آخر دون معالجة الكوارث التي حلّت بهذا القطاع الحيوي الذي بقي منذ احتلال العراق وحتى الآن في آخر أولويات الحكومات المتعاقبة بعد أن كان العراق يتصدر دول المنطقة، باعتباره يمتلك أفضل أنظمة التعليم، وحاز على جوائز كثيرة من منظمة اليونسكو، ناهيك عن خلوه من الأمية قبل فرض الحصار عليه عام 1990.
وبحسب إحصائية منشورة تعكس حجم التدهور الذي يشهده قطاع التعليم فإن عدد الطلاب المسجّلين في الصف الأول الابتدائي في أحد الأعوام بلغ مليونا، وصل منهم إلى الصف السادس الإعدادي وشاركوا في الامتحانات النهائية (البكالوريا) نحو 400 ألف طالب فقط، ما يعني أن العراق خسر 600 ألف طالب، وهذا مؤشر على انحدار التعليم.
غير أن إحصائية وزارة التربية العراقية تشير إلى أن الطلبة الذين شاركوا في امتحانات البكالوريا للعام الماضي، لم ينجح منهم 4%، من مجموع مليون طالب تم تسجيلهم في المدارس.
ولم يقتصر الأمر على المدارس وإنما تعداه إلى الجامعات التي انحدر مستوى التعليم فيها إلى الهاوية لافتقارها إلى كل المستلزمات مثل الأقسام الداخلية وإلى المختبرات العلمية وقاعات الدراسة المقبولة، ناهيك عن تدني مستوى التدريسيين بسبب ضعفها وقلة خبرتها وتبوء عناصر غير كفؤءة وغير مؤهلة، ولا تمتلك الخبرة والتجربة مناصب عمداء الكليات ورؤساء الجامعات نزولا إلى المدرسين، حسب نظام المحاصصة الطائفية الذي انعكس سلبا على سمعة الجامعات خلال السنوات الماضية، ناهيك عن سماح السلطات بفتح جامعات وكليات أهلية لا تتوافر في أغلبها أبسط الشروط اللازمة، لا سيما قبول الطلاب من ذوي المعدلات المتدنية جدا مقابل مبالغ مالية، أو قبول طلاب بعد حصولهم على شهادات مزورة من مدارس دينية من دول الجوار لتسهيل قبولهم في الكليات الأهلية وحتى الحكومية!
وما يفاقم أزمة التعليم في العراق وسبل النهوض به هو تدني التخصيصات المالية له في الموازنة العامة التي كشفت لجنة التربية النيابية عن أنه لا يكفي لإصلاح وتأهيل القطاع التربوي، وبناء المدارس، ناهيك عن خلو تخصيصات وزارة التربية من أي درجة لتعيين المعلمين أو المدرسين.
إن تدهور التعليم يعكس خطورة مساره على الأجيال القادمة ومنعة المجتمع وتحصينه من التخلف والتجهيل، فعزوف الكثيرين عن الالتحاق بالمدارس وتسرب الطلاب بات ظاهرة دقّت منظمات محلية ودولية ناقوس الخطر من احتمالات الكارثة التي ستحل بالعراق، إذا لم تعالج أسبابها، وتوضع الحلول اللازمة لها، لا سيما تأمين الأجواء المناسبة للدراسة، فليس من المعقول أن تكتظ قاعات الدراسة بنحو 60 طالبا، وربما أكثر، نصفهم يجلسون على الأرض في مدارس طينية لا تتوافر فيها مستلزمات الدراسة، ناهيك عن وقف تسرب آلاف الطلاب بسبب الحاجة المادية أو انعدام أجواء الدراسة، في وقت أدار السياسيون وجوههم عن هذه الظاهرة، وفضلوا مصالحهم على معالجة هذه الظاهرة التي ستضع العراق أمام كارثة حقيقية ستزيد من عزلته وعجزه في مواكبة العلم والمعرفة والتعليم.

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :136,029,215

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"