لِمَ كل هذه الضجة على ما حدث في كلية الزراعة بجامعة الانبار؟ كل شيء في عراق ٢٠١٩ يعيدك الى عراق ما قبل ٢٠٠٣! الشوارع الجسور البنايات تقاطعات الطرق المستشفيات المدارس الجامعات، كل شيء يحيلك الى ما قبل ٢٠٠٣!
لم يُقدم ما بعد ٢٠٠٣ ما يجعل ذاكرة العراقيين تغادر ما قبل ٢٠٠٣ ! حتى الذين لديهم خصومة حقيقية مع عهد ما قبل ٢٠٠٣ (لا خصومة الانتهازيين والمنتفعين والمنافقين والسجناء السياسيين الوهميين والرفحاويين) توارت اصواتهم وتنديداتهم احتراماً وخجلاً، خلف كَمٍ لا نهاية له من الظلم والجور والتهميش والاقصاء والفقر والفساد والسرقات التي جاء بها عهد ما بعد ٢٠٠٣! ما المطلوب من شعب يراد له ان يموت موتاً بطيئاً؟ ما المطلوب من شعب يُرغم على تشييد تماثيل لزعماء دولٍ تضج ذاكرته حولهم بكل مآسي الكون؟ أنتم اول من سيّس كل شيء، الشوارع والتقاطعات والجامعات ومؤسسات الدولة تضج بمختلف الصور والرايات، التي جئتم بها من كل فجٍ عميق! (استمتعوا) بنهب أغنى بلد في الدنيا، ودعوا الناس تلوك الذكريات بحلوها ومرّها، وهي ترى وطنها يضيع من بين أصابعها!