قال المرصد العراقي لحقوق الانسان إن المئات من العوائل فقدت أبنائها أثناء عمليات التحرير التي جرت في عدد من مدن المحافظات العراقية ومنها صلاح الدين، ويعتقد انهم محتجزون لدى جماعات مسلحة كانت تقاتل إلى جانب القوات الحكومية العراقية.
في حين قالت شبكة الرصد إن "مصير المعتقلين مايزال مجهولا رغم محاولات عوائلهم التواصل مع السلطات العراقية لمعرفة مصيرهم، لكنهم لم يتوصلوا الى اي معلومة تساعدهم على الوصول لأماكنهم أو الجهة التي أخفتهم".
وأكد رئيس مجلس محافظة صلاح الدين أحمد الكريم أن هناك 2800 شخص من مختلف مدن المحافظة معتقلين لدى الفصائل المسلحة، بعضهم مضى على اعتقاله اكثر من 4 سنوات دون التعرف على الجهة التي تحتجزهم بالرغم من المخاطبات الرسمية والشفوية التي اجرتها الحكومة المحلية في صلاح الدين ومنها مع بعثة الامم المتحدة في العراق.
وأوضح أن لا توجد هناك اي مبررات لاستمرار احتجاز هؤلاء الأشخاص حتى الآن ورغم ذلك ما يزال مصيرهم مجهول بالرغم من التحركات الكبيرة التي أجرتها الحكومة المحلية في المحافظة مع مختلف الجهات الرسمية ومنها مجلس الوزراء وهيئة الحشد الشعبي إضافة الى التواصل مع المرجعيات الدينية.
وأضاف المرصد العراقي لحقوق الإنسان أن مدينة سامراء تتصدر النسبة الأكبر بين مدن المحافظة في أعداد المختفين قسريا وأشار إلى إن "إطالة أمد غيابهم دون أن تتحرك الحكومة العراقية لمعرفة مصيرهم، يُشكل خطراً على حياتهم ويُسهم في تغييبهم أكثر.
ويذكر أن هناك أطراف سياسية عراقية استخدمت قضية المختفين قسرياً ورقة ضغط وأخرى استخدمتها لابتزاز الخصوم، لكن بالمحصلة بقي الذين اختفوا واحتجزوا في أماكن لا يُعرف أين هي ولا لمن تتبع وفقا للمرصدر.
وأفاد مقدام الجميلي وهو نائب عن المحافظة " أن التحالفات السياسية التي عقدتها الكتل السياسية في المحافظة بنيت على أساس الكشف عن مصير المعتقلين والمغيبين، وأن هناك أطراف وعدت نواب المحافظة الذين يتبنون هذا الملف بالمساعدة في معرفة مصير المخفين لكن حتى الآن لم يتحقق أي شيء".
بينما أكد محمود خلف قائم مقام قضاء سامراء أن "هناك الكثير من العوائل فقدت أبنائها بعد تحرير المدينة من داعش وهناك أكثر من جهة تشرف على احتجازهم بحسب شهادات الأهالي".
وأضاف أن "هناك تحركات رسمية أجرتها إدارة المدينة مع مختلف الجهات للكشف عن مصير أبنائها دون التوصل إلى أي نتيجة بهذا الخصوص وأن الكثير من ذوي المعتقلين يخشون رفع شكوى لدى الجهات الرسمية مخافة على مصير ذويهم".
وكان المرصد العراقي لحقوق الإنسان قد ذكر تعريف الاختفاء القسري في المادة (2) من الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري بأنه الاعتقال أو الاحتجاز أو الاختطاف أو أي شكل من أشكال الحرمان من الحرية يتم على أيدي موظفي الدولة، أو أشخاص أو مجموعات من الأفراد يتصرفون بإذن أو دعم من الدولة أو بموافقتها، ويعقبه رفض الاعتراف بحرمان الشخص من حريته أو إخفاء مصير الشخص المختفي أو مكان وجوده، مما يحرمه من حماية القانون".
وتنص الاتفاقية بأن "ممارسة الاختفاء القسري العامة أو المنهجية تعد جريمة ضد الإنسانية".
روى (ع ن) وهو من سكان محافظة صلاح الدين أن "شقيقه طالب جامعي في المرحلة الأخيرة اختفى بالقرب من سيطرة الرزاة بتاريخ 31-12-2015 بعد أن أجرى آخر اتصال معهم مساء ذلك اليوم ولم يعرف مصيره حتى الآن".
وتابع أيضاً "نعتقد أن شقيقي لدى فصيل تابع للحشد الشعبي. قرأنا اسمه في قوائم تنشر باستمرار على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي دون التوصل إلى أي نتيجة تقودنا إلى مصيره. هناك جهات عدة اتصلت بنا وطلبت مبالغ مالية بغية مساعدتنا في التعرف على مصير شقيقي لكننا لا نمتلك تلك المبالغ التي لا تقل عن عشرة آلاف دولار في أفضل الأحوال".
و روى مواطن آخر (ح أ) أن "قوة تابعة لإحدى الفصائل المسلحة اعتقلت والده شيخ العشيرة البالغ من العمر (80) عاما في قضاء الشرقاط لدى عبوره إلى الساحل الأيمن للمدينة بتاريخ 7-1-2017 برفقة (200) مواطن لا يزال مصيرهم مجهول.
واستغرب من اعتقال شخص بهذا العمر الذي تجرمه القوانين والمعاهدات الدولية".
وواصل حديثه "هناك جهات طلبت منّا مبلغ (100) ألف دولار أميركي من اجل الإفراج عن والدي لكنها أخلت بالاتفاق بعد أن اشترطنا إرسال فيديو مصور لمعرفة إذا ما كان بعده على قيد الحياة".
وتحدث مواطن آخر "فقدنا الاتصال بوالدي البالغ من العمر (55)عاما لدى وصوله إلى سيطرة الرزازة بين الأنبار وكربلاء في شهر 12 من العام 2015 ولم يعرف مصيره حتى الآن لكن وصلتنا بعض المعلومات غير المؤكدة و التي تشير إلى وجوده في معتقل بمدينة جرف الصخر".
وذكرت امرأة أن "ابنها المهندس والموظف الحكومي البالغ من العمر (40) عاما جرى اعتقاله من قبل مسلحين كانوا مع القوات الأمنية العراقية في تموز/يوليو من العام 2016 في سيطرة (الأسمدة) التي تقع شمال بيجي أثناء عملية النزوح التي قامت بها العائلة قبيل تحرير مدينة الشرقاط ولم تعرف مصيره حتى الآن".
وتابعت "دفعت 3 آلاف دولار أميركي لوسطاء بغية الإفراج عنه لكنني لم أتوصل إلى أي نتيجة تقودني إليه، لكن بعض المعتقلين المفرج عنهم من سجن (صدر القناة) قالوا لي إنه مازال على قيد الحياة".
و استكملت حديثها "رفعت شكوى قضائية لدى المحاكم معززة بشهادات ووثائق تشير إلى براءة ابني وأرسلتها إلى مختلف الجهات الحكومية لكنني لم أحصل على أي معلومة تقودني إليه. راتبه الوظيفي توقف منذ أكثر من 3 أعوام، وهو المعيل الوحيد لي".
وختم المرصد العراقي لحقوق الإنسان بالقول إن "عمليات تحرير صلاح الدين شهدت عمليات اعتقال عشوائي وحالات اختفاء قسري لمجرد تشابه الأسماء أو لأسباب أخرى، وعلى حكومة عادل عبد المهدي أن تُعالج ملف المختفين قسرياً قبل أن يمر الوقت وتضيع الحقائق".