عرباين ومطايا ومسوؤلون في النجف

محمد الرديني

في يوم ما حطَّ بي الرحال في قرية مصرية قريبة من الحدود الليبية،امضيت فيها ساعتين وغادرتها بسرعة بعد ان وجدت ان التاكسي هناك عبارة عن" مطي" يجر عربة خشبية بقيادة مصري لفحته الشمس فزاد سمرة فوق سمرة.

تركتها لأني اقتنعت منذ زمن بعيد بأن البلد الذي يستعمل " المطي" كتاكسي لابد ان نقرأعليه السلام ونحمد الله على ما يصفون.

في يوم آخر حطَّني حسن الطالع في البحرين ووجدت نفس المطي ولكن ليس كتاكسي فهناك البيك آب ذات النفر الواحد تتولى هذه المهمة.

وتأكدت تماما ان" المطي"، مكرم القارىء، ما يزال عنوان التخلف الفقري الذي تريد الحكومات ان تفرضه علينا.

وتكر المسبحة ويحطني القدر في النجف الاشرف، فيها تجولت وانا ادري انها من بين المدن الغنية التي يؤمها اكثر من مليوني مسلم سنويا عدا اطنان الدنانير التي يرميها اولاد الطين من العراقيين، ووجدت التحسينات على قدم ورجل فقد شمَّر المسوؤلون هناك عن سواعدهم لينشروا المطايا في حواريها، خصوصا بالمدينة القديمة وبالقرب من مرقد امامنا علي بن ابي طالب.

استدعوا خبراء التصميم من البلدان المتخصصة، وليس بينهم زها حديد، لينشأوا كراجات تأوي المطايا والعربات الخشبية. هذه المدينة حملت لقب "مدينة المليون عربانة" بعد ان شهدت رواجا في نقل الزوار الى المراقد المقدسة.

وحين تسألهم: لماذا الحمير بالذات؟

يجيبوك بغطرسة: شكو بيها عيني، فالزائر الباكستاني او الهندي لا يجد فرقا بين التنقل في بلده وهنا، فالحمير واسطته في التنقل ولهذا فهو لايشعر بالغربة وكأنما يتجول في بلده!

قوانين مبيت الحمير والعربات الخشبية صارمة للمحافظة على النمط المعيشي والتراث الابداعي، فهي مرقمة وتؤجر بالفي دينار يوميا (لاندري هل البلدية هي التي تجبي هذه الواردات ام الروزخونية؟) شرط ان يضع المؤجر هويته الشخصية عند بوابة الكراج اياه كأمانة (طبعا اخاف يشرد بالحمار).

وحين تسأل عن مبادرات المحافظ في تجديد وسائل النقل وعصرنتها يقال لك:

المحافظ مو بحال هاي الشغلة.. شغلته فقط الموﻻت والعمارات واﻻستثمارات.. هو واعضاء مجلس المحافظة. ولكن نائب المحافظ السابق عبد الحسن عبطان والذي يشغل حاليا وزير الشباب هو من كسر القاعدة واستورد سيارات التاكسي وباعداد هائلة، كلها صفراء اللون على الطريقة الامريكية وباعها بعد ذلك باﻻقساط للسواق العموميين وحمَّل كل سيارة اكثر من 40 ورقة دوﻻرية فئة 100 دوﻻر شريطة ان تبقى باسم الدولة لحين تسديد اقساطها الشهرية البالغة 4000 دوﻻر.. ووضعت عليها علامات مميزة تسمح لهم بالدخول والعمل في المدينة القديمة لنقل الزائرين، وبعد اكمال بيعها قاموا بمنعها من الدخول الى المدينه القديمة ..(ضربوهم بوري).

ولكن الامر لم يقف عند هذا الحد فقد تم منع سيارات التاكسي من دخول المدينه القديمة حتى يسمحوا للحمير بنقل الركاب والبضائع بحرية تامة وخصوصا الزوار الذين توصلهم الحمير الى اكثر من 200 فندق في المدينة.

احد المشاكسين لمَّح الى ان مدينة النجف ستحمل لقب مترو النجف الحديث، او شركة النقل الفضائي وربما يتم التصويت على لقب فجر الاسلام ذات المسؤولية المحدودة.

 

فاصل تحذيري

حاشا لله ان نتعرض الى خزنة المرجعيات وماذا تفعل بها. اذ سينبري لنا الكثير من اصحاب العمائم ويقولوا: اسمع يا هذا ان ماتقوله خط احمر، فنحن بنينا المدارس والمستشفيات ودور الحضانة واولينا رعاية خاصة لليتامى واصحاب الماعون وغيرها الكثير، وما الحمير الا وسيلة نقل يرتزق منها فقراء المدينة.

اكرر، اذا كانت الحمير تتجول في المدينة، أية مدينة، فاكتب على ناسها السلام، خصوصا اذا كانوا قريبين من مقبرة دار السلام.

 

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :136,027,266

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"