توقفت مجلة “لوبس” الفرنسية عند “الثلاثي” الذي قالت إنه يحكم الجزائر والذي يقوده سعيد بوتفليقة، وذلك منذ أن أصبح شقيقه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة طريح الفراش.
وقالت المجلة إنه خلف بوابات فللهم الفاخرة في المرادية أو حيدرة على مرتفعات الجزائر العاصمة؛ يراقب من وصفتهم بأمراء النظام الجزائري بقلق كبير الحراك الشعبي ضد ترشيح بوتفليقة “لعهدة خامسة”؛ وذلك لأنهم يدركون أن هذا الحراك الشعبي الضخم لا يستهدف فقط عبد العزيز بوتفليقة، بقدر ما يستهدف جميع أذرع النظام الذي يحكم البلاد منذ عقود وقادها إلى ماهي عليه اليوم.
وأوضحت “لوبس” أن السلطة في الجزائر هي بمثابة صندوق أسود حقيقي يضم عائلة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وكبار الضباط وعدد من رجال الأعمال؛ وهو “ثلاثي” حل تدريجياً محل السلطة المطلقة للرئيس بوتفليقة، منذ بدايات مرض هذا الأخير.
وذكّرت المجلة الفرنسة أن بوتفليقة و بعد منعه من الوصول إلى سدة الحكم في أعقاب وفاة هواري بومدين الذي كان يأمل في خلافته؛ قرر طيلة العشرين عاما التي قضاها في المنفى؛ الانغلاق والعودة إلى محيطه الأسري وتحديدا إخوته وأخته الوحيدة زهور. زهور التي عملت قابلة؛ كانت تتولى الاعتناء بالرئيس بعد عودته للبلاد عام 1999 وأصبحت مع مرور الوقت مساعدة طبيبه خاصة في إقامة زرالدا بالضاحية الغربية للجزائر حيث تقيم العائلة. وإثر إصابته بمرض السرطان؛ عام 2010 توفي مصطفى الذي كان يعمل طبيبا خاصا للرئيس بوتفليقة.
غير أن الرجل القوي الذي يقال إنه يحكم فعلاً مكان بوتفليقة هو سعيد؛ الرجل النحيل الذي يذكر شكله ببوتفليقة في سنواته الأولى. فمنذ الجلطة التي تعرض لها الرئيس الجزائري عام 2013 أصبح سعيد “الصوت الرئاسي” الوحيد. فهو الذي يتحدث مكان الرئيس – بما في ذلك مع رؤساء الدول والحكومات الأجنبية.
وتابعت المجلة الفرنسية الحديث عن أن القطب الثاني للنظام الجزائري هو الجيش المصطف بذريعة الانضباط خلف الأقوى في صفوفه وهما حالياً: رئيس الأركان أو رئيس جهاز المخابرات العسكرية. لكن الصراعات الداخلية تستعر في صفوف الجيش منذ عدة أشهر، وقد أدت إلى سقوط قيادات كبيرة فيه، كما أن غرار الجنرال عبد الغني هامل رئيس الإدارة العامة للأمن الوطني (الشرطة) تمت إقالته في شهر يونيو الماضي على خلفية قضية تهريب كوكايين.
وأيضا ثمة تضارب في الآراء بشأن دور المخابرات السري للغاية؛ إذ يؤكد الكثيرون أن دور “الشرطة السياسية” القوية قد تقلص منذ “تقاعد” الجنرال القوي محمد مدين عام 2015 بعد أن ترأس الجهاز لمدة ربع قرن.
أما القطب الثالث للنظام الجزائري، فأوضحت المجلة أنه يضم رجال الأعمال الذين صعد الكثير منهم بفضل الحكم السيء لبوتفليقة، حيث أصبح للبعض منهم علاقات وطيدة مع النظام؛ كما هو حال الملياردير علي حداد الذي يتفاخر بصداقته مع سعيد بوتفليقة ومسؤولين مدنيين وعسكريين آخرين.
وأيضا، يعتبر رجل الأعمال رضا كونيناف أحد الرجالات الرئيسة للنظام الجزائري؛ وقد تم الحديث قبل عامين عن استعداده لتمويل حملة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الرئاسية … وحتى سعيد إذا قرر أن يخلف شقيقه!.
وأشارت المجلة الفرنسية إلى أن الجزائر اليوم تُعد من بين أكثر البلدان التي ينخرها الفساد والرشوة والمحسوبية، وفق تصنيف منظمة الشفافية الدولية الذي وضعها في المرتبة 105 من أصل 180، بين مصر والسالفادور. فالنظام الجزائري قائم على اختلاس أموال النفط والغاز.
وخلصت المجلة الفرنسية إلى أن ترشيح أصحاب القرار الحقيقيين لبوتفليقة مرة أخرى رغم حالته الصحية الحرجة، إنما هو دليل على عدم إيجادهم شخصية قادرة على تقديم ضمانات الحصانة لمن هم في السلطة.