من استحضر عفريت #داعش هل يستطيع صرفه؟!

ياسين أكتاي

تشير التحركات التي بدأت بسرعة كبيرة أن ثمة حرباً طويلة الأمد ستحدث في المنطقة، بعد الحرب الجديدة التي أعلنها الرئيس الأمريكي باراك أوباما على الإرهاب، عشية الذكرى الثالثة عشرة لأحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001.

وتعمل الولايات المتحدة الأمريكية على تصفية التنظيم المعروف إعلامياً باسم" داعش" في العراق والشام، عبر تشكيل تحالف دولي من مختلف دول المنطقة.

وقام وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بزيارة إلى تركيا الأسبوع الماضي عقب زيارة وزير الدفاع مباشرة، وتبعتها زيارات أخرى لدول المنطقة بشأن إجراء محادثات تهدف إلى إقامة تحالف ضد تنظيم "داعش".
ومن المتوقع خلال هذه الزيارات مشاركة تركيا بكل قوة ودعم محتمل لهذا التحالف. 

بيد أن النية التي أبدتها أمريكا تجاه دول المنطقة، ولا سيما تركيا، بعدما أعلنت أنها لن تقوم بعمليات إنزال بري منذ البداية، يبين لنا طبيعة هذه الحرب ومداها. وتعيد جميع هذه اللقاءات إلى الأذهان -وخاصة الموجهة نحو تركيا- الاتصالات التي حدثت قبل احتلال العراق في 2003.
ويمكن القول إن الأمر يختلف هذه المرة اختلافًا كبيرًا، إذ أن الحملة التي شنتها أمريكا على الرئيس العراقي صدام حسين، كانت مشبوهة إلى حد ما، ومع أن الأدلة التي أدت إلى غزو العراق بذريعة وجود أسلحة نووية، تَبَين بعد ذلك أنها ملفقة بشكل قاطع. بيد أننا الآن أمام تنظيم "داعش" في العراق والشام، وهو عبارة عن تنظيم إرهابي يشكل خطورة على الجميع، ولا توجد هناك شكوك لدى أي شخص تجاه خطورته. ومما لاشك فيه أن وجود "داعش" ونشاطها يضر تركيا بالدرجة الأولى، لذلك فإن مجابهة تنظيم "داعش" والقضاء عليه هو مطلب من مطالب تركيا قبل أي شيء. 

لكن الخطة باتت غير واضحة المعالم بخصوص شيئين مهمين، أولهما: إلى أية درجة يمكن الثقة في هذا التحالف الذي تحرك لدفع هذا البلاء المتمثل في "داعش"، وثانيهما: إلى أية درجة يريد  هذا التحالف دفع هذا البلاء والقضاء عليه.

ويمكننا أن نتساءل قليلاً، هل هذا التحالف يعمل على تصفية  تنظيم "داعش"، أم يحاول تنفيذ خطط مختلفة عبر هذا التنظيم؟ ولماذا كان يدعونا لاستعراض تنظيم "داعش" من خلال بث فيديوهات تتعلق به؟
إننا بحاجة إلى المعرفة والتحليل الجيد للظروف التي نشأ فيها تنظيم "داعش" حتى يمكن مجابهته. 

إذا كان مدار الحديث يدور حول هذا النقطة التي تم التوصل إليها، فلا نلمس ذلك من الولايات المتحدة الأمريكية، ولا من الدول المشاركة في التحالف الذي دعت إليه. وقد ذكرنا ذلك مراراً وتكراراً، فإن تنظيم "داعش" هو نتيجة أظهرها وجود نظام "الأسد" في سورية، الذي تحول إلى تنظيم إرهابي يقوم بتدبير المؤامرات.
وفي حقيقة الأمر فإن المجتمع الدولي الذي يتابع، ليل نهار، ما يقوم به النظام الأسدي من قتل أكثر من 200 ألف شخص خلال الثلاث سنوات والنصف الماضية، ولم يحرك له ساكناً، إنه لذو مغزىً حين يتحرك سريعاً أثناء متابعة الجرائم التي حدثت من خلال بث فيدوهات لتنظيم "داعش" وهو يقوم بها.

مما لا شك فيه أن تنظيم "داعش" يشكل تهديداً كبيراً على تركيا لأبعد الحدود. ولكن ما هو تنظيم "داعش"؟ وقبل الإجابة عن ذلك، ألم تتحول الحرب التي ستحدث ضد هذا التنظيم بمثابة الدخول في نفق مظلم كاحتمال كبير؟
وبالتأكيد، وعلى أسوأ الاحتمالات، فإن محاولة أحدهم جعل الهدف الأساسي من تنظيم "داعش" هو عدم الاستقرار الذي سيستمر طويلاً في المنطقة، حتى يجعلنا نلحق بركب هذا التنظيم.
وما دامت إدارة الانقلاب في مصر والمنظمات التي يدعمها كل من "الأسد "و"نوري المالكي" موجودة، ولم تنهر البنية التحتية لتنظيم "داعش" وكذلك المنظمات المشابهة له. فإذا ما قضوا على التنظيم، سيخرج العديد من التنظيمات التي تتناول نفس فكر "داعش". 

وبما أن التحالف الذي تحاول الولايات المتحدة الأمريكية تكوينه، يضم دول الخليج، ففي حقيقة الأمر هم المسؤولون الأوائل عن الظروف السياسية التي نتج عنها ظهور تنظيم "داعش". فضلاً عن ذلك، لم تسجل الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوربية أي اعتراض على السياسة التي ينتهجها هؤلاء(دول الخليج) في مصر.

هنا لدينا تساؤل بسيط إن شئتم:

هل تجاوز عدد المتظاهرين المصريين الذين قتلوا في يوم واحد فقط في ميدان رابعة في مصر في 14 أغسطس 2013 عدد الأبرياء الذين قتلهم التنظيم في العراق؟ وإن مَنْ لم يتمكنوا من إظهار ردود فعل تجاه الأحداث غير الإنسانية التي وقعت في مصر، ولا تجاه مجازر "بشار الأسد" التي لا يمكن مقارنتها بأي شكل من الأشكال، ليست مسألة يمكن التغاضي عنها في بداية الحملات الكبرى ضد استفزاز تنظيم "داعش".

وتحاول تركيا جاهدة فهم وتحليل المصيبة التي تعصف بالمنطقة، والمتمثلة في تنظيم "داعش" بشكل جيد. وتتبين آراءها حول التدابير اللازمة لمجابهة "داعش". لذلك تقترب تركيا بحذر نحو التحالف الذي يحاولون تكوينه على عجلٍ كأنهم يهربون الأموال من النار!

وإذا ما نظرنا إلى وجهة نظر المعارضة حول الانضمام إلى هذا التحالف، نجد أولى الأصوات المنادية بخصوص الانضمام إلى التحالف لمجابهة "داعش"، تأتي من رئيس حزب الشعب الجمهوري "كمال قليتش دار أوغلو"، الذي لم يظهر نموذج المعارضة الإيجابية تجاه الحكومة حتى الآن. كما يقول أيضاً أننا مستعدون للدعم في حالة إعلان الحرب على "داعش". ما سبب إعلان هذا الدعم الصادم؟ إذن هل تتصور أن هذا الأمر بمنتهى السهولة! ولكن في واقع الأمر هل تعلم جيداً ماذا يعني "تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش)؟
بالطبع هناك ضرورة مُلحة لمجابهة "داعش"، ولكن هذه المجابهة تتطلب المواجهة القوية مع نظام "بشار الأسد"، فهل يستمر كيتشدار أوغلو في تقديم الدعم له.
هذا سؤال آخر ننتظر الإجابة عنه بفارغ الصبر.


نشر المقال هنا

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :135,624,727

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"