الجزائريون يفرضون «حظر تجوال» شعبي على حكومة بوتفليقة بانتظار موقف الجيش

تسير الأزمة الجزائرية إلى مزيد من التعقيد، فمرور الأيام والأسابيع لم يكن كفيلا بتقليص حالة الغليان التي يعيشها الشارع الجزائري، والذي يبقى مصرا على موقفه ومتمسكا بمطالبه، في حين يخيم الصمت على السلطة، التي لا يبدو أن لديها الكثير من الأوراق لتلعبها في هذه الفترة، في حين تواجه حكومة نور الدين بدوي أسوأ أيامها، في ظل الرفض الذي يقابل به وزراؤها في كل مرة يحاولون النزول فيها إلى الشارع، بحيث فرض الجزائريون «حظر تجوال» على وزرائها ومسؤوليها، لتبقى كل الأنظار موجهة إلى الجيش لمعرفة موقفه، في ظل تأزم الوضع وتراجع الخيارات، وتزايد مخاطر الانزلاقات .

وأعلنت الداخلية الجزائرية، الإثنين، استقبال 9 طلبات ترشح للرئاسة في انتخابات مقرر إجراؤها في 4 تموز/يوليو المقبل، وسط رفض من الحراك الشعبي والمعارضة.
وأوضح بيان للوزارة أن 9 أشخاص أودعوا طلبات لديها منذ فتح باب الترشح، الخميس الماضي، وحتى مساء الأحد، دون الكشف عن أسمائهم.
وحسب قانون الانتخابات الجزائري، تتواصل عملية جمع التوكيلات 45 يوما قبل إيداع ملف الترشح كاملا أمام المجلس (المحكمة) الدستوري للنظر فيه.
وواجهت دعوة الرئيس المؤقت عبد القادر بن صالح لهذه الانتخابات رفضا من الحراك والمعارضة، كما أعلنت نقابة القضاة رفضها الإشراف على الاقتراع قبل تلبية مطالب الشارع برحيل رموز نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.
ويستعد الطلبة عبر العديد من الجامعات الجزائرية للخروج في مظاهرات جديدة اليوم الثلاثاء بمناسبة يوم العلم المصادف للسادس عشر من نيسان/أبريل، في أعقاب القرار الذي اتخذته عدة تنظيمات طلابية بالدخول في إضراب مفتوح، على خلفية الحراك الشعبي الذي تعيشه البلاد منذ قرابة شهرين، في وقت كان فيه الطلبة قد حاولوا الإثنين الخروج في مظاهرات على مستوى الجامعة المركزية في العاصمة، فتم منعهم بإغلاق أبواب الجامعة، دون أن يحد ذلك من إرادتهم في التظاهر داخل الحرم الجامعي، فيما طوقت قوات مكافحة الشغب مداخل الجامعة، علما أن الطلبة عادوا إلى مقاعد الدراسة بعد العطلة الإجبارية الطويلة التي فرضها عليهم وزير التعليم العالي السابق الطاهر حجار قرابة شهر كامل لتخفيف الضغط الذي كانت تعيشه الجامعات، لكن أشياء كثيرة تغيرت منذ بداية هذه العطلة وفي مقدمتها رحيل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، دون أن تنهي تلك الاستقالة حالة الغليان التي يعيشها الشارع الجزائري، فيما يحوم شبح السنة البيضاء على الجامعة الجزائرية، في ظل الإضرابات والاحتجاجات وتذبذب الدراسة على مستوى العديد من المدن، وهو ما يزيد الوضع احتقانا.
في المقابل قال المحامي والحقوقي مصطفى بوشاشي إنه منع من إلقاء محاضرة في جامعة البليدة (40 كيلومترا غرب العاصمة)، إذ كتب بوشاشي على صفحته: «نعتذر لطلبة جامعة سعد دحلب بالبليدة ومتابعي الصفحة على عدم تمكننا من إلقاء المحاضرة التي كانت مبرمجة (الإثنين) على الساعة العاشرة صباحا، ويرجع ذلك إلى منع الأستاذ بوشاشي من الدخول إلى الحرم الجامعي»، قبل أن يوجه التحية إلى طلبة الجامعة، «خاصة أولئك الذين يدرسون في كلية علوم الطبيعة والحياة، والذين بذلوا كل ما في وسعهم من أجل تحضير وبرمجة هذه المحاضرة».
من جهته كان رئيس الحكومة الجزائرية الأسبق مولود حمروش قد نشر مساهمة مطولة في صحيفتي «الخبر» و«الوطن، أعرب فيها عن انبهاره بالحراك الشعبي الذي تعيشه البلاد منذ 22 شباط/فبراير الماضي، والذي منع أي تصادم دموي بين العصب بواسطة شبكات الولاء والإذعان، معتبرا أن «الحراك جنب الجيش التدخل وتمكينهم من المحافظة على انسجامه التام، بفضل حجم وقوة وحدة الحراك الشعبي».
واعتبر حمروش أن «تموقع قيادة الجيش مع مطالب الشعب المشروعة قد حافظ على الطبيعة الوطنية للجيش، وبقي على قيادة الجيش الآن الإسهام في إتمام بناء الدولة الوطنية وصياغة دستور وإقامة مؤسسات تملك فعليًا سلطات الترخيص والضبط والتأهيل والرقابة التي ستضع نهائيا الجيش في مأمن من أي تنازع سياسي متحزب ومن توظيف له كقاعدة حكم سياسي أو كوسيلة في يد أي كان».
وذكر أنه «سيكون من المزعج حقًا الاعتقاد بأن تشييد الدولة الوطنية، هو تحصين للجيش وحماية له من كل خطأ»، مشددا على أن «تشييد الدولة الوطنية يرسخ الديمقراطية ويجعلها تؤدي وظيفتها، ويجعل الحكومة محل تنافس وتداول، شرط ألا ينجر عن ذلك طعن في أسس الدولة وفي دور الجيش ولا يشوش على المنظومة الوطنية الدفاعية والأمنية، ولا يطعن أو يتخلى عن واجباتنا والتزاماتنا الدولية»، معتبرا أنه من الخطأ التوهم بأن استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وتعيين رئيس الدولة بالنيابة، وتنظيم انتخابات رئاسية ستسد كل الثغرات وتنهي كل الاعتراضات وتعالج كل الأمراض وتحقق كل التطلعات».
وأوضح أن «مثل هذا التوهم قد يجعلنا لا نلتفت لدروس تجاربنا التاريخية الثمينة في ممارسة الحكم التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه اليوم. كما يمكن أن ينسينا مثل هذا التوهم الكم الهائل من التبذير في الوقت والطاقات البشرية والمالية»، مشيرا إلى أن «الأسابيع المقبلة من الحراك الشعبي ستكون حرجة وحاسمة، لتأكيد قدرة النخب السياسية على التوجه بثبات نحو حماية الدولة والجيش، وذلك بوضع آليات وميكانيزمات ديمقراطية حاكمة، وإيجاد رقابة فعلية تمارسها مؤسسات فاعلة ومنتخبون فعليون».

 المصدر

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :135,620,358

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"