حمل الرئيس الأميركي دونالد ترمب إيران، الجمعة، المسؤولية عن هجمات على ناقلتي نفط عند مدخل الخليج العربي، بما يعزز احتمالات تفجر مواجهة في الممر الملاحي الحيوي لقطاع النفط.
وهددت طهران من قبل بإغلاق مضيق هرمز الذي يمر عبره نحو خُمس استهلاك العالم من النفط في حالة منعها من تصدير نفطها. وجاءت الانفجارات التي وقعت الخميس بعد هجمات مشابهة قبل شهر على 4 ناقلات حمّلت واشنطن طهران المسؤولية عنها أيضا. كما وقعت في وقت تصاعدت فيه حدة التوتر بين البلدين. وشددت الولايات المتحدة الشهر الماضي من العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران التي ردت بدورها بالتهديد بزيادة أنشطتها النووية. وقال ترمب لشبكة فوكس نيوز ”إيران فعلتها.. وتعلمون أنها فعلتها لأنكم رأيتم القارب“. وكان يشير إلى نشر الجيش الأميركي مقطع فيديو، الخميس، قال إنه يظهر ضلوع الحرس الثوري الإيراني في الهجوم الذي استهدف الناقلة النرويجية فرنت ألتير والناقلة اليابانية كوكوكا كاريدجس في خليج عمان عند مدخل الخليج العربي. وحين سُئل كيف يعتزم التعامل مع طهران ومنع وقوع المزيد من الحوادث من هذا النوع قال الرئيس الأميركي ”سنرى“. وأكد أن أي خطوة لإغلاق مضيق هرمز لن تستمر طويلا. لكن ترمب أبدى استعداده للتفاوض مع إيران، وقال ”نريد أن نعيدهم لطاولة التفاوض. أنا مستعد عندما يكونون مستعدين... لست في عجلة“. وكانت إيران قالت مرارا إنها لن تخوض محادثات مع الولايات المتحدة من جديد إلا في حالة تراجع ترمب عن قرار الانسحاب من الاتفاق النووي. وعبرت طهران وواشنطن أكثر من مرة عن عدم رغبتهما في خوض حرب. لكن هذا لم يسهم بشيء يذكر في تهدئة المخاوف من انزلاق البلدين إلى أتون صراع مسلح.
النفط والتأمين وارتفعت أسعار النفط، الجمعة، بنسبة نحو 1% وهو ما يعكس القلق العالمي، كما قالت شركات للتأمين على الملاحة إن تكلفة التأمين على السفن التي تمر في الشرق الأوسط قفزت بنسبة 10 % على الأقل بعد الهجمات. ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الجمعة، إلى إجراء تحقيق مستقل في الهجمات وقال لمجلس الأمن الدولي إن العالم لن يستطيع تحمل ”مواجهة كبرى في منطقة الخليج“.
الهجمات واليابان ووقعت هجمات الخميس بينما كان رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، يزور طهران حاملا رسالة من ترمب. وكانت اليابان من كبار مستوردي النفط الإيراني إلى أن شدد ترمب العقوبات. ويرى خبراء سياسيون في استهداف ناقلة نفط على صلة باليابان رسالة واضحة من طهران إلى طوكيو برفض جهودها. كما أعلنت ايران رفض الوساطة اليابانية التي لم يتم الكشف عن تفاصيلها. وقال المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي ”لا أعتبر ترمب أهلاً لتبادل الرسائل وليس لدي أي رد له الآن أو في المستقبل“. وقال البيت الأبيض إن ترمب وآبي ناقشا أمر الهجمات في اتصال هاتفي، الجمعة.
مقطع فيديو من جانبه قال الجيش الأميركي إن مقطع فيديو بالأبيض والأسود التقطته مقاتلة أميركية يظهر أفرادا من الحرس الثوري على متن أحد قوارب الدورية الخاصة بهم وهم يقتربون من كوكوكا كاريدجس بعد أن شهدت الناقلتان انفجارات ويزيلون لغما لاصقا لم ينفجر من هيكل الناقلة. ويجري قطر الناقلة اليابانية، التي أجلي طاقمها، إلى ميناء إماراتي، الجمعة، بعد أن قالت شركة هولندية إنه تمت الاستعانة بها لإنقاذ الناقلتين. أما الناقلة النرويجية فرنت ألتير التي اشتعلت فيها النيران بسبب الانفجار فما زالت تتقاذفها الأمواج في خليج عمان على الرغم من إخماد الحريق الذي أدى إلى تفحم هيكلها. وقال مسؤول أميركي طلب عدم ذكر اسمه، الجمعة، إن زوارق إيرانية عسكرية سريعة تمنع قاربين من قطر ناقلة النفط النرويجية فرنت ألتير المعطوبة في خليج عمان. ودعت الصين والاتحاد الأوروبي وغيرهما جميع الأطراف إلى ضبط النفس. وقالت ألمانيا إن مقطع الفيديو الذي نشرته الولايات المتحدة لا يكفي لتحميل إيران المسؤولية عن هجوم الخميس.
الموقف البريطاني على صعيد متصل ألقت بريطانيا باللوم على إيران والحرس الثوري الإيراني في الهجوم على ناقلتي نفط في خليج عمان قائلة إنه لا يمكن لأي بلد أو جهة أخرى غير رسمية القيام بذلك. وندد وزير الخارجية البريطاني، جيريمي هنت، بالهجوم قائلا إنه انتهاك للأعراف الدولية، ودعا إيران إلى وقف كل أشكال الأنشطة المزعزعة للاستقرار. وأضاف الوزير في بيان ”هذه الهجمات الأخيرة تجسد نمطا من السلوك الإيراني المزعزع للاستقرار وتشكل خطرا كبيرا على المنطقة“.
البنتاغون يسعى لتحالف دولي في غضون ذلك قال القائم بأعمال وزير الدفاع الأميركي، باتريك شاناهان، الجمعة، إن الإدارة الأميركية تركز على بناء إجماع دولي عقب الهجمات على ناقلات النفط. وقال شاناهان للصحفيين خارج مقر وزارة الدفاع (البنتاغون) إنه ومستشار الأمن القومي جون بولتون ووزير الخارجية مايك بومبيو يشتركون في نفس الهدف. وعندما سئل في وقت لاحق عما إذا كان يدرس إرسال المزيد من القوات أو عتاد عسكري للشرق الأوسط، قال شاناهان للصحفيين ”كما تعلمون، نحن دوما نجهز خطط طوارئ متنوعة“. وتابع ”عندما تنظرون إلى الموقف، سفينة نرويجية، وسفينة يابانية، والسعودية، والإمارات، و15 % من تدفقات النفط العالمية عبر مضيق هرمز، لذلك نحتاج بالطبع لإعداد خطط طوارئ تحسبا لتدهور الموقف. ونحتاج أيضا لتوسيع الدعم (الدولي) لنا في هذا الموقف“. وأوضح شاناهان أن دور البنتاغون سيشمل تبادل معلومات المخابرات مثلما فعلت القيادة المركزية بالجيش الأميركي، الخميس، بنشرها تسجيل فيديو يعرض لقطات لدورية من الجيش الإيراني وهي تزيل لغما لم ينفجر من جانب إحدى الناقلتين. وأوضح شاناهان ”سننشر أي معلومات نتمكن من رفع السرية عنها. سنقوم بذلك. هذا ما ننوي القيام به“. وشددت واشنطن الشهر الماضي العقوبات على النظام الإيراني وسعت إلى دفع مشتري النفط من إيران إلى وقف وارداتهم. وانخفضت صادرات النفط الإيرانية إلى نحو 400 ألف برميل يوميا في أيار/ مايو من 2.5 مليون برميل يوميا في نيسان/ أبريل العام الماضي وهو ما حرم الاقتصاد الإيراني من مصدر الدخل الرئيسي. وقالت طهران الشهر الماضي إنها ستعزز من أنشطة تخصيب اليورانيوم في خطوة قد تفضي لتراكم مخزونات تتخطى الحد المقرر بموجب الاتفاق. وكانت واشنطن قد اتهمت طهران أو مجموعات تعمل بالوكالة لصالحها بالمسؤولية عن هجمات وقعت في 12 أيار/مايو وتسببت في تعطل 4 ناقلات للنفط في ذات المنطقة. وقالت أيضا إن طهران مسؤولة عن هجمات بطائرات مسيرة في 14 أيار/مايو على محطتين لضخ النفط في السعودية. وتقول الإدارة الأميركية إن الاتفاق النووي الموقع في 2015 والذي تفاوض عليه باراك أوباما قاصر جدا وترى أن إعادة فرض العقوبات على طهران سيعيدها لطاولة التفاوض ويجبرها على تقديم المزيد من التنازلات.