هاتان واقعتان ملونتان، وشمتا جسم الأسبوعين البائدين بأمريكا المؤجّل تلفها إلى حينٍ مرئيّ من الدهر.
الأولى انولدت من رحم حادثة مقتل شاب أسود برصاص شرطي أبيض برّأتهُ المحكمة الفدرالية ، فاشتعلت فيرغسون وما حولها ، وظهر من بين أزقتها وجيوب فقرها عتاة تطالب بالثأر وبالعدالة ، وفي أحد مشاهد الحريق الكبير ظهرت الحرامية من كل لون وجنس والتي سمّاها أهل العراق بإسم "الحواسم"، وهم الحرامية اللصوص وقد فرهدوا من دكاكين المدينة وأسواقها كل شيء، من علب الماء الرخيصة ، حتى شاشة التلفزيون المعلقة على جدار مطعم ماكدونالد .
أما الثانية فكانت في ولاية نيويورك الثمينة ، وقد وقعت بعد موت فتى خنقاً بعضلات شرطي أبيض .
ولأنّ العين بالعين والسنّ بالسنّ والخشم بالخشم والآه بالآه والدمع بالدمع والبادىء أظلم ومسخّم، أراني هذه الأيام شامتاً مبتهجاً حالماً بثورة شعبية كبرى تعيد لأمريكا الوغدة انسانيتها وتكفّ شرورها ولصوصيتها وغطرستها عن الفقراء فوق الأرض كلها .
سأطلب الآن من النظام الحاكم بواشنطن أن لا يستعمل القوة المفرطة ضد شعبه، خاصة السود المساكين من أصول أفريقية، أتوا بهم ببواخر الرقّ والعبودية ليخدموا ويزرعوا ويصنعوا ويقاتلوا ويُقتلوا، ثم صاروا يمنعونهم من ولوج مطاعم البيض ، مثلهم مثل الكلاب ، وفي أمكنة أخرى يدخل الكلب ويُمنع الإنسان الأسود حتى لو كان ابن خالة أوباما .
كذلك أدعو أثرياء العرب أن يستثمروا عبادة الأمريكان للمال ، لتجنيدهم في التجسس على بلادهم ، والعمل في فضائيات متطورة وموجهة لشعب أمريكا ، لصبّ زيت الكلام والدعاية على نار الثنائية المتناقضة ، البيض والسود ، تماماً كما صنعوا بنا وحولونا إلى شيعة تتناطح حدّ الموت والجنون مع سنّة .
بعد ذلك سنفتي بأنّ احتلالهم العسكري لأرضنا ، هو مثل احتلالهم الاقتصادي لنفطنا ، وانّ الإحتلالين مقاومتهما قانونية وواجبة .
ثمّ نفعّل وبمعاونة المظلومين بمشارق الأرض ومغاربها ، حملة عالمية هدفها النهائي استصدار قرار ملزم من مجلس الأمن بتجريد أمريكا من كلّ أسلحة الدمار الشامل ، وقد استخدمتْ الذرية منها في هيروشيما وناكازاكي، والنابالم والجرثومي في فيتنام ، واليورانيوم والفسفور الأبيض في العراق بلاد ما بين القهرين .
ثم نقوم بإصدار البيانات القوية المعلنة التي تنادي بأننا مع وحدة الأراضي الأمريكية ، لكننا نعمل تحت الطاولة وفي الغرف الموصدة، على تفكيك الوغدة وشرذمتها ونبش عصبياتها القومية والدينية واللونية .
وبالمستطاع أيضاً تنظيم جوائز فنية وثقافية وإعلامية وعلمية، مقدارها أكبر من مقدار جائزة نوبل، ونمنحها حصرياً للمنشقّين والعملاء والجواسيس الأمريكان الذين ننجح في تجنيدهم لصالح قضايانا ومصائرنا وحقوقنا الحقة، وهذ أمر سهل جداً لأن الأمريكان الحرامية هم أضعف خلق الله أمام قوة المال وسلطتهِ المروعة .
لا تغرنّكم وجوههم البيض وعيونهم الزرق الحلوة، لأن حقيقتهم هي في مناظر فرهود ميزوري ونيويورك ولوس انجلوس.
بعد ذلك سيضعف الثور ويهدأ ويصير آدمياً، فينفتح الباب الرحيم على علاقة طيبة حبية محترمة معهم، وسنكون معهم الحب بالحب والصفح بالصفح، وسيكون العالم أكثر أمناً وسلاماً وتحضّراً ومحبة وجمالاً.