رعـد البيدر
( بُروّز الوجود التُركي وانعِكاساتِه على تَدَهوّر خِلافَة الدولة العباسية )
اتضَّحَ من خلاصة مقالاتِنا السابقة أن الفُرس قد ساهموا بقيام الدولة العباسية، وكان من الطبيعي أن يكون لهم دور في تلك الدولة - حيث أضفوا على الكثير من مؤسساتها وتنظيماتها الإدارية والاقتصادية والاجتماعية صِبغَة فارسية - ساعدَهُم بذلك نقلُ عاصمة الخلافة إلى بغداد في زمن المنصور ؛ فازدادت قُرباً من بلاد فارس ، ونقلوا الكثير من سلوكيات وقوانين المُلك الفارسية إليها، منها تقسيم الخاصة والعامة إلى طبقاتٍ اجتماعيةٍ تبعاً للفعاليات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي يُمارسها الأفراد ، وادخلوا نظرية الحق الإلهي والحكم المُطلَّق للحاكم - تقوم النظرية على أن الحاكم هو ظل الله في الأرض ، وهي أفكار مُستوحاة من عصر التبشير المسيحي في بداياته الأولى عندما بشّر بها عيسى عليه السلام ‘ وحاول اليهود إحراجه أمام القيصر؛ فقال :أعطوا لقيصر ما لقيصر ولله ما لله ، وتلك واقعة لا يستوعِبُها حَيِّز المقال... تسبَبت المقولة بظهور " نظرية السيفين " وتعني أن يتوَّزع الحكم بين رجال الكنيسة والملوك، واستمر تطبيق تلك النظرية قائماً في أوربا إلى قيام الثورة الفرنسية في 14 تموز / يوليو 1789. من أجل ما سبَّق قال الجاحظ " أن دولة بني العباس أعجمية خراسانية، ودولة بني مروان ويقصد " بني أُمية " عربية أعرابية ".





