تفاقم ظاهرة الاختفاء القسري في العراق

د. أيمن العاني

يومًا بعد آخر؛ يتزايد الكشف في العراق عن حالات الاختفاء القسري التي طالت المدنيين من أنباء المناطق المستهدفة بذريعة الإرهاب، حيث لا تزال أعداد الأشخاص المختفين قسرًا في العراق تقدر بمئات الآلاف في ظل عدم وجود تدابير جادة من الحكومة في بغداد لمعالجة هذه الظاهرة المستطيرة الشر على الأفراد والمجتمعات.

ووفقًا لشهادات ذوي الكثير من ضحايا هذا الانتهاك؛ فإن أغلب حالات الاختفاء القسري تبدأ ليلًا عندما يقوم عدد من العناصر المسلحة الذين يرتدون زي القوات الحكومية والأقنعة ويحملون شعارات ميليشيا الحشد باقتحام بيوت الضحايا، واقتياد الرجال المتواجدين تحت تهديد السلاح إلى وجهات غير معلومة. وفي صباح اليوم التالي، بحسب الشهادات، يذهب ذوو الضحايا إلى مراكز الشرطة المحلية والمحاكم القريبة ومقرات المخابرات للاستفسار عن أقاربهم، لكن جميع تلك الجهات تقول إنه ليس لديهم أي معلومات، ويطلبون من ذوي الضحايا -بأسلوب تهديد مبطن- عدم العودة أبدًا للسؤال عنهم. ومنذ ذلك الحين، لم يرهم ذووهم ولم يتلقوا أي معلومات بشأن مكان وجودهم.

وبعد 2014، عاد ملف الاختفاء القسري في العراق من جديد بعد اعتقال عشرات الآلاف من النازحين تعسفيًا على أيدي القوات الحكومية وميليشيا الحشد المتحالفة معها، التي تم دمجها منذ ذلك الحين كجزء من قوات الحكومة في بغداد لقتال تنظيم الدولة (المعروف أيضًا باسم داعش).

وفي 2018؛ تم الكشف عن مئات السجون السرية التي تديرها ميليشيا الحشد الطائفي في مناطق متفرقة شمالي محافظة بابل، ووجد أن تلك السجون تضم داخلها عدة آلاف من أبناء المناطق المستهدفة بذريعة الإرهاب، بينهم (400) معتقل من أبناء ناحية (جرف الصخر) وحدها، في وقت كانت الحكومة تنفي معرفتها بأماكن احتجازهم.

ويُعرَّف الاختفاء القسري بموجب القانون الدولي بأنه اعتقال أو احتجاز شخص من قِبل مسؤولي الحكومة أو وكلاء حكوميين أو الأشخاص أو مجموعات الأشخاص الذين يتصرفون بتصريح من الحكومة أو دعمها أو قبولها ، ويعقب ذلك رفض الاعتراف بالاعتقال أو الكشف عن مصير الشخص الذي تم اعتقاله أو مكان وجوده. وينطوي الحظر أيضًا على واجب التحقيق في حالات الاختفاء القسري المزعوم ومحاكمة المسؤولين عنها. وعليه، يمكن اعتبار احتجاز النازحين على أيدي القوات الحكومية وحلفائها بمثابة حالات اختفاء قسري، علمًا أن الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، التي يعد العراق طرفًا فيها، تحدد التزامات الدول بمنع جميع حالات الاختفاء القسري والتحقيق فيها ومقاضاة مرتكبيها.

وعلى الرغم من الدعوات والمناشدات الدولية للإفصاح عن مصير الآلاف من المختفين قسرًا في العراق، ما تزال حكومة بغداد ترفض الاعتراف بمصير الأشخاص الذين تعرضوا لهذا الانتهاك وتمتنع عن ذكر أي تفاصيل بشأن هذه الممارسة التي تتسبب بمآسٍ لا تنتهي للضحايا وذويهم، بل تحاول هي وجهات أخرى تسويغ ما يجري من جرائم ونسبتها إلى الإرهاب.

نشر المقال هنا

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :136,042,681

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"