‏"الحشد الشعبي" وسياسة الأرض المحروقة

مركز الثورة العربية للاستشارات العسكرية

بعد مرور أكثر من 93 عاماً على صدور أخر فتوى للمرجعية الشيعية في النجف وأعلانها الجهاد أبان ثورة العشرين الخالدة ضد الاحتلال البريطاني وبعد هزيمة القوات الحكومية في نينوى والمناطق المحيطة في 10 حزيران 2014 واقتراب مسلحي تنظيم الدولة الاسلامية الذين أطلقت عليهم وسائل الاعلام تسمية (داعش) من العاصمة بغداد، أدركت المرجعية الشيعية حجم الخطر الزاحف على الحكومة الموالية وعلى هيمنة الشيعة على مقاليد السلطة ، لذلك أصدر المرجع الشيعي علي السيستاني فتوى الجهاد الكفائي (بالدفاع عن الارض والمقدسات وتأكيد المرجعية على دعهمها واسنادها لابناء القوات المسلحة) .

 

والجهاد الكفائي يعني تطوع عدد مناسب من الأشخاص للجهاد بما يحقق الغرض الذي من أجله تم اعلان الفتوى، وهو رقم مفتوح يزيد او قد ينقص حسب الحاجة . وكان المرجع الايراني علي خامنئي في مقدمة الداعمين لهذه الدعوة بقوله (أنا على يقين بأن فتوى السيد السيستاني للجهاد الكفائي إلهام إلهي)، واعتبرت المرجعية قتلى الحشد الشعبي شهداء.

واستنفرت المراجع الدينية الشيعية الاخرى وحكومة المالكي والاحزاب الطائفية والفعاليات الشعبية وارتدى الجميع بما فيهم رجال الدين الشيعة الملابس العسكرية وحمل السلاح خوفاً تحسبا للخطر القادم الذي يمثله تنظيم الدولة الاسلامية، وفتحت ابواب التطوع وزج المتطوعين في معسكرات التدريب وشكلت هيئة تسمى ب (هيئة الحشد الشعبي) التي يرأسها اليوم هادي العامري زعيم منظمة بدر وهي ميليشيا  تابعة الى ايران ويعاونه ابو مهدي المهندس وهو ارهابي معروف ومتهم بتفجيرات الكويت ولبنان ومطلوب دوليا. والتحقت بهذا الحشد أعداد من المجرمين وأصحاب السوابق والعاطلين عن العمل.

وزجت ايران بقوتها العسكرية والمتطوعين على عجل لحماية العاصمة بغداد وسامراء تحت غطاء الاستجابة لفتوى السيستاني وحماية المقدسات الشيعية واعتبرت المعركة الجارية مع التنظيم القريب من حدودها الغربية معركة تهدد الأمن القومي الايراني .

وأرسلت ايران الطائرات المقاتلة نوع سيخوي والطائرات المسيرة وفتحت مراكز تنصت، ودفعت بشحنات كبيرة من الاسلحة والاعتدة لدعم واسناد هذا الحشد. ويعترف ابو مهدي المهندس بأن ايران كانت ترسل يوميا طائرتين محملة بالأسلحة والأعتدة. كما تولى قائد فيلق القدس قاسم سليماني شخصياً قيادة الحشد الشيعي والمتطوعين والحرس الايراني في معارك أمرلي في محافظة صلاح الدين وجرف الصخر شمال بابل وفي سامراء والمناطق المحيطة بها.

وأطلقت يد المليشيات التابعة الى ايران (العصائب، بدر، حزب الله، سرايا السلام- المهدي). واعتبر الثلاثي (الشيعة والحكومة وايران) بأن المعركة مع التنظيم معركة مصير وتهديد للوجود الشيعي في العراق.

وسخرت موارد وأموال الدولة العراقية لهذه المهمة لأغراض التسليح وصرف الارزاق ودفع الرواتب والمخصصات، واستنزفت ميزانية عام 2014 لهذا الغرض فضلا عن زيادة حجم السرقات والفساد والتلاعب بأموال الدولة العراقية تحت هذا الغطاء.

ميليشيا الحشد الشعبي تمثل أحد ادوات المرجعية الشيعية الطائفية التي ترتبط بمكتب المرجع السيستاني مباشرة و تمارس ادوار خطيرة يمكن تحديدها بالآتي:

اولا- تعزيزقطعات الجيش والاشتراك بقتال تنظيم الدولة الاسلامية وبإعادة السيطرة على الاراضي من يد هذا التنظيم.

ثانيا- توليها قيادة الوحدات العسكرية المنهارة في قواطع شمال بغداد وسامراء والانبار وجنوب غرب بغداد وشمال بابل وصلاح الدين وبعد فقدان الثقة بالقادة والامرين نتيجة المعارك الاخيرة.

ثالثا- قتل واعتقال وتعذيب وإهانة وتشريد المواطنيين الأبرياء وعلى الهوية .

رابعا- اعتماد سياسة الارض المحروقة في المناطق التي تدخلها وذلك بحرق وتهديم وتفجير البيوت والمنازل وتهديم المساجد وتجريف المزارع والبساتين وسرقة الممتلكات الشخصية والحيوانات والسيارات والمكائن الزراعية وأعتبارها كغنائم ومن ثم بيعها في ساحات مخصصة يطلق عليها (ساحات بيع غنائم السنة) وباسعار متدنية.

خامسا- القيام بالتهجير الطائفي لعوائل العرب السنة ومنع عودتهم  الى مناطق سكناهم وقراهم ومدنهم حتى في حالة اعادة السيطرة وانسحاب داعش مما أدى الى ازدياد أعداد النازحين الى اكثر من 2 مليون نازح يعيشون في ظروف معاشية وجوية قاسية. كما تمارس البيشمركة الكردية ذات الدور بمنع النازحين من العودة الى المناطق العربية والتي تسميها بالمتنازع عليها.

سادسا- تستخدم ميليشيا الحشد الشيعي كأداة للتغيير الديموغرافي في المناطق ذات الاغلبية السنية لاسيما في محافظة ديالى الحدودوية والتي يريد منها النظام الايراني امتداداً لاراضيها ومدخلا الى العاصمة بغداد وسامراء.

سابعا- استغلال صفة الحشد والتسهيلات الامنية الممنوحة للقيام بأعمال خطف المواطنيين وأطلاق سراحهم مقابل مبالغ مالية كبيرة ولقد كثرت عصابات الخطف في بغداد بالذات وأصبحت تهدد حياة الابرياء.  

وبدلا من إعادة هيكلة وبناء القوات المسلحة العراقية وفق معايير المواطنة والمهنية وتطهير هذه المؤسسة من الفساد والتمييز الطائفي والعنصري وبلورة عقيدة عسكرية وطنية، تخطط الحكومة لانخراط الحشد الشعبي بتشكيلات الحرس الوطني المزمع تشكيلها بالاتفاق مع الادارة الامريكية لقتال تنظيم الدولة الاسلامية واستعادة المدن الخارجة من السيطرة، ويعد ذلك القرار أحد الحلول الترقيعية التي سيكون لها تداعيات خطيرة على وحدة واستقرار العراق.

 

تقييم:

-  فتوى المرجع السيستاني بالجهاد الكفائي تعد تحريضاً ودعوة للمذهبية ساهمت باطلاق يد المليشيات وعصابات الاجرام بالقتل والتهجير والسرقة والنهب والارض المحروقة وعمليات الخطف وإفقار المناطق ذات الهوية العربية السنية التي شهدت انتفاضة مباركة، منذ مطلع عام 2013

-  الحشد الشعبي كيان طائفي ومسيس غير منظبط بات يشكل تهديداً للأمن الوطني، يستخدم هذا الحشد كأداة طائفية لغرض التطهير الطائفي والتغيير الديموغرافي واستهداف حياة وأمن وسرقة ونهب ممتلكات المواطنيين الابرياء التي ولدت سخطاً  كبيرا لدى اوساط المجتمع العراقي.

-  ان الدور الايراني بالتدخل في العراق ومن قبل في سوريا ولبنان واليوم في اليمن وسط صمت المجتمع الدولي والعربي مؤشر على اطلاق يد النظام الايراني وهيمنة مشروعه الطائفي والتوسعي في المنطقة وتهديد بقية العواصم والدول العربية وفي مقدمتها أقطار الخليج العربي.

  

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :135,622,983

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"