واصلت تركيا هجومها العسكري على مقاتلين أكراد حلفاء للولايات المتحدة في شمال شرق سوريا يوم الخميس وقصفت بلدات وأهدافا من البر والجو في عملية أجبرت الآلاف على الفرار من ديارهم.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن ما لا يقل عن 23 مقاتلا من قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد وثمانية مدنيين بينهم إداريان في هذه القوات قتلوا.
ولم تكشف قوات سوريا الديمقراطية عن عدد الضحايا، وقتل ستة مقاتلين من جماعات معارضة سورية مدعومة من تركيا.
وأضاف المرصد أن أكثر من 60 ألف شخص فروا منذ بدء الهجوم. وباتت بلدتا رأس العين والدرباسية، على بعد نحو 60 كيلومترا إلى الشرق، مهجورتين إلى حد كبير بسبب الهجوم.
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في كلمة لأعضاء من حزبه العدالة والتنمية في أنقرة إن 109 مسلحين قتلوا إلى الآن خلال يومين من القتال، بينما قال الأكراد إنهم يقاومون الهجوم.
وأفاد مسؤول أمني تركي كبير بأن الجيش التركي قصف مستودعات للأسلحة والذخيرة ومواقع أسلحة وقناصة وأنفاقا وقواعد عسكرية.
ونفذت مقاتلات عمليات في عمق يصل إلى 30 كيلومترا داخل سوريا، ورأى شاهد من رويترز قذائف تنفجر على مشارف بلدة تل أبيض.
وقال أردوغان في كلمته ”العملية مستمرة حاليا بمشاركة جميع وحداتنا... 109 إرهابيين قتلوا حتى الآن“.
و كانت تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي، قد قالت إنها تعتزم إقامة ”منطقة آمنة“ من أجل إعادة ملايين اللاجئين السوريين.
لكن القوى العالمية تخشى أن يؤدي الهجوم إلى تفاقم الصراع الدائر في سوريا منذ ثماني سنوات ويزيد من مخاطر هروب أسرى تنظيم الدولة الإسلامية من المعسكرات التي يحتجزون بها وسط الفوضى.
وسعى أردوغان لتهدئة هذه المخاوف، قائلا إن متشددي التنظيم لن يُسمح لهم بمعاودة الظهور في المنطقة.
وقال أردوغان، مستهدفا الاتحاد الأوروبي والسعودية ومصر التي أبدت معارضتها للعملية، إن المعترضين على ما تقوم به تركيا ”ليسوا صادقين“.
وهدد بالسماح للاجئين السوريين في تركيا بالتحرك إلى أوروبا إذا وصفت دول الاتحاد الأوروبي تحرك قواته بأنه احتلال. وتستضيف تركيا نحو 3.6 مليون شخص فروا من الصراع في سوريا.
وقال لأعضاء حزبه العدالة والتنمية الحاكم بأنقرة عن منتقدي تركيا وخص منهم السعودية ومصر ”ليسوا صادقين، هم يصيغون كلمات وحسب... لكننا نقوم بأفعال وهذا هو الفارق بيننا“.
وبدأت العملية التركية بعد أيام من تراجع القوات الأميركية بعيدا عن الحدود، وأدان أعضاء بارزون في الحزب الجمهوري الأميركي الرئيس دونالد ترمب لفتحه الطريق أمام التوغل التركي. ووجهت انتقادات واسعة النطاق إلى قراره باعتباره تخليا عن أكراد سوريا الذين كانوا حلفاء أوفياء للولايات المتحدة في قتال تنظيم الدولة الإسلامية بسوريا.
* ”فكرة سيئة“
قالت الإدارة الذاتية التي يقودها الأكراد في شمال سوريا إن سجنا يضم أخطر المجرمين من أكثر من 60 دولة تعرض لقصف تركي، وإن الهجمات التركية على سجونها تهدد بحدوث ”كارثة“.
وتحتجز قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد الآلاف من مقاتلي الدولة الإسلامية وعشرات الآلاف من أقاربهم.
ولم يرد تعليق فوري من تركيا عن أوضاع السجون.
ووصف ترمب الهجوم التركي بأنه ”فكرة سيئة“ وقال إنه لا يؤيده. وأضاف أنه يتوقع من تركيا، كما وعدت، حماية المدنيين والأقليات الدينية ومنع حدوث أزمة إنسانية.
لكن أحد أقرب حلفاء ترمب من الجمهوريين، وهو السناتور لينزي جراهام، انتقد قرار سحب القوات الأميركية من شمال شرق سوريا وكشف عن إطار عمل لفرض عقوبات على تركيا مع السناتور الديمقراطي كريس فان هولن.
وتستهدف العقوبات التي يقترحها جراهام وهولن أصول مسؤولين كبار بينهم أردوغان وعقوبات تتعلق بشراء تركيا نظام الدفاع الصاروخي الروسي إس-400 وفرض قيود على تأشيرات السفر.
كما تستهدف أي شخص يجري تعاملات عسكرية مع تركيا أو يدعم توليد الطاقة لتستخدمها قواتها المسلحة وتحظر المساعدة العسكرية الأميركية لتركيا.
وسيجتمع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يوم الخميس لبحث الوضع في سوريا بناء على طلب الدول الأوروبية الخمس الأعضاء: بريطانيا وفرنسا وألمانيا وبلجيكا وبولندا.
وأبلغت أنقرة مجلس الأمن المؤلف من 15 دولة في رسالة اطلعت عليها رويترز بأن العملية العسكرية ستكون ”متناسبة ومحسوبة ومسؤولة“.
وقالت جامعة الدول العربية التي تضم 22 دولة إنها ستعقد اجتماعا طارئا يوم السبت.
وندد رئيس الوزراء (الإسرائيلي) بنيامين نتنياهو بالتوغل العسكري التركي محذرا من احتمال حدوث تطهير عرقي.
وقال نتنياهو على تويتر ”(إسرائيل) مستعدة لتقديم مساعدات إنسانية للشعب الكردي الشجاع“.
وقالت روسيا إنها تعتزم تكثيف الجهود من أجل فتح حوار بين الحكومتين السورية والتركية في أعقاب التوغل.
وأدانت إيطاليا الهجوم قائلة إنه ”غير مقبول“ وأضافت أن الأعمال العسكرية في السابق كانت دائما تقود للإرهاب.
ودعت بريطانيا لضبط النفس وحذرت من أن الخطوة التركية تهدد بتقويض القتال ضد المتشددين وقد تسبب معاناة إنسانية.
وقال وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب إنه تحدث مع مسؤولين أتراك ”للتعبير عن خيبة أمل بريطانيا وقلقها حيال التوغل العسكري في شمال شرق سوريا وللمطالبة بضبط النفس“.