وافقت تركيا يوم الخميس على وقف هجومها في سوريا خمسة أيام للسماح للقوات الكردية بالانسحاب من ”منطقة آمنة“ تسعى أنقرة لإقامتها وذلك في اتفاق أشادت به واشنطن ووصفه زعماء أتراك بأنه نصر كامل.
أعلن عن الهدنة مايك بنس نائب الرئيس الأميركي عقب محادثات في أنقرة مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وسرعان ما أشاد بها الرئيس الأميركي دونالد ترمب وقال إنها ستنقذ ”ملايين الأرواح“.
وفي حال تنفيذها، ستحقق الهدنة الهدفين الرئيسيين اللذين أعلنت عنهما تركيا عندما شنت الهجوم قبل ثمانية أيام وهما: السيطرة على شريط من الأراضي السورية بعمق يتجاوز 30 كيلومترا، وطرد وحدات حماية الشعب الكردية، الحليف السابق لواشنطن، من المنطقة.
وذكر بيان أميركي-تركي مشترك عقب المحادثات ”أن القوات المسلحة التركية ستتولى إقامة المنطقة الآمنة“.
وقال عضوا مجلس الشيوخ الأميركي لينزي جراهام وكريس فان هولن إنهما ”سيواصلان بكل قوة“ العمل على خططهما لفرض عقوبات صارمة على تركيا رغم إعلان وقف إطلاق النار.
وقال سياسي تركي لرويترز إن أنقرة حصلت ”على ما تريد بالضبط“ من المحادثات مع واشنطن. وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن الجيش التركي ”يوقف“ فقط العمليات حتى تغادر وحدات حماية الشعب الكردية المنطقة.
وأضاف الوزير أن المقاتلين الأكراد سيُجبرون على ترك أسلحتهم الثقيلة وسيتم تدمير مواقعهم. كما رفض الوزير وصف الاتفاق بأنه ”وقف لإطلاق النار“ قائلا إن وقف إطلاق النار يجري الاتفاق عليه بين أطراف شرعية فقط وليس مع الأكراد الذين تعتبرهم تركيا إرهابيين.
وقال الوزير التركي ”عندما تغادر العناصر الإرهابية المنطقة الآمنة، يمكننا وقف العملية“.
وذكر البيان المشترك أن واشنطن وأنقرة ستتعاونان بشأن التعامل مع مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية وأفراد عائلاتهم المحتجزين في سجون ومخيمات بالمنطقة وهي قضية تثير قلقا دوليا.
* شكوك بشأن رد الأكراد
قال بنس إن واشنطن كانت على اتصال بقوات سوريا الديمقراطية التي وافقت على الانسحاب وتنفذه حاليا.
لكن الوضع الكردي لم يتضح بعد.
وقال القيادي الكردي البارز آلدار خليل في تصريح لتلفزيون العربية إن الأكراد سيصدرون قريبا بيانا بهذا الشأن مضيفا أنهم رفضوا في السابق المنطقة الآمنة التركية.
وأضاف أنهم سيلتزمون بوقف إطلاق النار لكنهم سيدافعون عن أنفسهم إذا تعرضوا لهجوم.
وقال بنس إنه بمجرد أن تصبح الهدنة دائمة، فإن واشنطن ستمضي قدما في خططها الخاصة بسحب كامل قواتها العسكرية من شمال سوريا.
وقال ترمب إن ”أنباء عظيمة ترد من تركيا“.
وأضاف ”شكرا لك يا أردوغان. سيتم إنقاذ الملايين من الأرواح“.
وأبلغ بنس مؤتمرا صحفيا عقب محادثات بالقصر الرئاسي في أنقرة استغرقت أكثر من أربع ساعات ”اتفقت الولايات المتحدة وتركيا يوم الخميس على وقف إطلاق النار في سوريا“.
وقال نائب الرئيس الأميركي ”الجانب التركي سيوقف عملية نبع السلام لمدة 120 ساعة من أجل السماح بانسحاب وحدات حماية الشعب الكردية من المنطقة الآمنة“.
وأضاف ”سيتم وقف أي عمليات عسكرية ضمن عملية نبع السلام وستتوقف العملية بالكامل بعد استكمال الانسحاب“.
وقال بنس إن الاتفاق المبرم مع أردوغان نص على عدم انخراط تركيا في عمليات عسكرية بمدينة كوباني السورية الحدودية لكن جاويش أوغلو قال إن بلاده لم تقدم التزامات في هذا الشأن.
* أزمة إنسانية
وأضاف بنس أنه تحدث مع ترمب عقب المحادثات وأن الرئيس عبر عن امتنانه لإبرام اتفاق وقف إطلاق النار موضحا أن هدف واشنطن الرئيسي كان وقف العنف وأنها نجحت في تحقيقه.
وفجر الهجوم أزمة إنسانية جديدة في سوريا في ظل نزوح 200 ألف مدني، وأثار مخاوف أمنية تتعلق بآلاف من مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية في سجون الأكراد.
وواجه ترمب اتهامات بالتخلي عن المقاتلين الأكراد الذين كانوا شركاء واشنطن الرئيسيين في معركة إنهاء دولة الخلافة التي أعلنها تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا حين سحب القوات الأميركية من على الحدود بينما بدأت تركيا هجومها في التاسع من تشرين الأول/أكتوبر.
وأيد مجلس النواب الأميركي بأغلبية ساحقة يوم الأربعاء مشروع قرار يندد بقرار ترمب سحب القوات الأميركية من شمال شرق سوريا.
وبدأ الهجوم التركي بعدما سحب ترمب قوات أميركية من المنطقة عقب اتصال هاتفي مع أردوغان. وأعلن الرئيس الأميركي عقوبات على تركيا عقب انطلاق العملية لكن معارضيه قالوا إنها ضعيفة للغاية.
وقال بنس إن العقوبات ستُرفع عندما يصبح وقف إطلاق النار دائما.
وفي حال نجاحه، سيخفف الاتفاق من حدة شقاق كبير بين واشنطن وتركيا حليفتها في حلف الأطلسي. لكن الانسحاب الأميركي سيعزز كثيرا موقف روسيا وإيران، خصمي واشنطن، داخل سوريا.
ورد الأكراد على إعلان الانسحاب الأميركي بتحويل ولائهم فعليا، ودعوا قوات من الحكومة السورية، التي تدعمها موسكو وطهران، لدخول بلدات ومدن في مناطق خاضعة لسيطرتهم.