أكثر من 2000 مغيب من كركوك في سجون شمال العراق

لا يزال مصير آلاف المختطفين والمغيبين في العراق من المحافظات والمدن المنكوبة “مجهولا”، وفيما يأخذ ملف المختطفين من المدن المنكوبة على يد الميليشيات القريبة من إيران طابعا طائفيا، ويأخذ ملف المغيبين في كركوك طابعا قوميا بعد اختطافهم من قبل قوات الأسايش الكردية خلال سيطرتها على محافظة التأميم في السنوات التي أعقبت الاحتلال الأميركي للعراق في العام 2003.

وتصاعدت حملات الاعتقال والاختطاف من قبل قوات الأسايش والبيشمركة الكرديتين في الأعوام (2014 و2015 و2016 و2017) بالتزامن مع سيطرة تنظيم الدولة (داعش) على العديد من المناطق العراقية، وطالت تلك الحملات السكان العرب بالدرجة الأساس في كركوك والنازحين العرب إلى التأميم ثم المواطنين التركمان في المحافظة.
وتؤكد جهات برلمانية وحقوقية وجود أكثر من 12 ألف مغيب في العراق تم اختطافهم من قبل الميليشيات الموالية لإيران والمنضوية في الحشد الشعبي، خلال فترة الحرب على المدن، وبحسب الجهات الرسمية فإن أغلب هؤلاء المغيبين هم من أبناء مدن الأنبار ونينوى وصلاح الدين وديالى وشمال بابل وكركوك.

*تغييب لأكثر من 10 سنوات

حميد الجبوري (51) عاما، من سكنة منطقة واحد حزيران بمدينة كركوك ونجله علي (25) عاما، اعتقلتهما قوات الأسايش الكردية دون مذكرة قبض قضائية من داخل منزلهما بتاريخ العاشر من شهر سبتمبر/أيلول من العام 2014.
محمود الجبوري قريب المعتقلين الاثنين ووفقا لشهادته قال إن ‘‘قوة من أسايش كركوك القريبة من حزب الاتحاد الوطني الكردستاني والمحافظ السابق نجم الدين كريم داهمت العديد من المنازل في منطقة واحد حزيران في ساعة متأخرة من الليل، واعتقلت العشرات من أهالي الحي من ضمنهم اثنين من اقربائه واقتادوهم إلى سجون مؤقتة في كركوك قبل نقلهم إلى سجون الأمن في اقليم كردستان العراق’’.
وأضاف الجبوري أن ‘‘مصير أقربائه المختطفين وغيرهم بقي مجهولا لغاية اليوم وإن محاولات التوصل إليهم باءت بالفشل"، مؤكدا أن ذوي المختطفين وصلت إليهم معلومات من ذوي معتقلين آخرين، تفيد بوجود أبنائهم في سجون الأسايش العامة في أربيل، غير أن الجهات الأمنية في كردستان رفضت اعطاء أي معلومات عن مصير المختطف حميد الجبوري ونجله علي وأدعت أن اسميهما ليس موجودا ضمن قوائم الموقوفين في سجن الأسايش العام بأربيل.
أما سلوان العبيدي أحد سكنة حي قصاب خانه في كركوك يأمل بالمبادرات التي تطرح بين فترة وأخرى الكشف عن مصير شقيقه (عمر) الذي اختطفته قوات الأسايش من سوق كركوك الكبير قبل 13 عاما ولا يزال مصيره مجهولا لغاية اليوم.
سلوان قال إن ‘‘شقيقه عمر وخلال مروره في سوق المدينة الكبير في العام 2006 اعتقلته قوات الأسايش ولم يكشف مصيره لغاية اليوم’’، وبين العبيدي أنه لجأ لجميع الجهات الحكومية في كركوك وكردستان والحكومة المركزية في بغداد للكشف عن مصير شقيقه لكن لم يحصل على إجابة من جميع تلك الجهات، مطالبا النواب العرب في كركوك بالتحرك دوليا وطرح القضية على الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بسبب فشل الجهات الحكومية في العراق بالكشف عن مصير المغيبين بل وتورطها بالتستر على الجهات الخاطفة الخارجة عن القانون.
ولم يشهد ملف المختطفين في كركوك أي تقدم بعد فرض القوات الحكومية السيطرة على مدينة كركوك في السابع عشر من تشرين الأول عام 2017، إذ بقي مصير الآلاف مغيبا لغاية اللحظة.

*تسجيل ألفي مختطف رسميا

محافظ كركوك الحالي راكان سعيد الجبوري كشف عن وجود أكثر من ألفي مغيب من أبناء المحافظة تم اعتقالهم من قبل قوات الأسايش الكردية خلال سيطرتها على المحافظة في الفترة التي سبقت عمليات استعادة المدينة من قبل السلطة المركزية، مؤكدا وجود المغيبين من المحافظة في سجون كردستان ولاسيما في محافظتي أربيل والسليمانية.
وقال الجبوري إن ‘‘لجان مشتركة شكلت مؤخرا تضم حكومة كركوك المحلية والحكومة الاتحادية لمتابعة قضية المغيبين والمعتقلين من المحافظة، وإن اللجنة يقع على عاتقها مفاتحة حكومة اقليم كردستان ومطالبتها بتسليم المعتقلين إلى الجهات الحكومية في كركوك ليتم إطلاق سراح الأبرياء منهم وإحالة المتورطين بجرائم الى القضاء’’.
وأضاف الجبوري أن ‘‘ادارة كركوك سلمت حكومة بغداد قوائم تضم أسماء ألف معتقل، وقدمتها الأخيرة إلى السلطات في أربيل‘‘، مبينا أن ادارة المحافظة ستكمل قريبا قوائم جديدة تضم ألف معتقل لتسلم أيضا بذات الطريقة للجهات الحكومية، داعيا رئاسة الاقليم وحكومة كردستان إلى اتخاذ خطوات سريعة وعاجلة لإطلاق سراح المعتقلين من أبناء كركوك لإنهاء المشكلة التي استمرت سنوات عدة.
لكن إسماعيل الحديدي، الذي يعمل مستشاراً للرئيس العراقي الحالي، يؤكد وجود نية حقيقية للسلطات في كردستان بإنهاء ملف المعتقلين والمغيبين، وقال إن ملف المغيبين في عموم العراق ومن ضمنها كركوك ملف شائك يتطلب جهدا حكوميا وارادة سياسية حقيقية لحله وانهائه’’، بحسبه.
وأكد أن اللجان التي تشكلت مؤخرا ومن خلال أعمالها تشير إلى وجود تجاوب من قبل حكومة كردستان لإنهاء ملف المختطفين، لافتا إلى أن الجهات الحكومية في الاقليم نقلت مؤخرا العشرات من المعتقلين من سجونها وسلمتهم للقوات الأمنية في كركوك لعرضهم على القضاء في المحافظة وإطلاق سراح الأبرياء منهم’’، بحسب الحديدي.

*رفض عودة الأسايش

ويلقي ملف المختطفين من كركوك بضلاله على مستقبل الخارطة السياسية والادارية والأمنية في المحافظة، إذ تؤكد الجبهة التركمانية رفضها المطلق لإعادة القوات الكردية من الأسايش والبيشمركة إلى المحافظة لتورطهما بالهيمنة على المدينة ومصادرة السلطات فيها، واختطاف أعداد كبيرة من أبناء المكون العربي والمكون التركماني في الفترات السابقة.
وأوضح محمد سمعان مسؤول تنظيمات الجبهة التركمانية في كركوك أن بعض مناطق كركوك تشهد محاولات لتنظيمات جديدة وبدعم من جهات سياسية وصفها بـ”المعروفة”؛ لزعزعة الأمن والاستقرار ولاسيما في أطراف قضاء الحويجة وقضاء داقوق، مبينا أن تلك المحاولات الغرض منها إعادة قوات البيشمركة والأسايش الكردية لكركوك.
وشدد سمعان على رفض الجبهة التركمانية لإعادة القوات الكردية إلى المحافظة بأي شكل من الأشكال، مبينا أن أحد أبرز رفض الجبهة لتلك العودة هو تورط تلك المجاميع باختطاف وتغييب أعداد كبيرة من أبناء كركوك الذين لا يزال مصيرهم مجهولا لغاية اليوم.
وتؤكد أعداد المختطفين الكبيرة، والكشف عن جثث المئات منهم شمال بابل مؤخرا؛ عدم جدية السلطات الحكومية بحسم ملف المغيبين، كما تؤكد تواطئها مع الجهات المتورطة باختطاف الآلاف بدوافع طائفية وقومية، وهو ما يجعل من التدخل الدولي ضرورة لا بد منها لحل تلك المشكلة التي تمثل احدى نتائج الاحتلال الأميركي لبلاد الرافدين.

المصدر

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :135,622,541

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"