تميزت خطبة ما يسمى بمرجعية النجف اليوم، بأنها غنية بالعبارات المفخخة بالسموم ، والتي ينبغي التنبه لها من عموم الشعب العراقي والمنتفضين الأبطال.
١- اقتصرت على التذكير بالكوكبة الأولى ممن بخلت بإطلاق عنوان الشهداء عليهم ، وعبّرت عنهم بالذين ضرجوا بدمائهم...، في الوقت الذي قدمت الإنتفاضة ولا تزال تقدم كواكب الشهداء أفرادا وزرافات ، وهذا التمييز مقصود بالتأكيد. ٢- إقتصرت مطالبتها بتجنب العنف والعنف المفرط، على القوى الأمنية، بينما هي تعلم أن مستخدمي العنف هم دائرة أوسع من القوات الأمنية ، وكأنها أطلقت العنان للميليشيات والحرس الثوري باستخدام العنف لتكريس حالة تبادل الأدوار بين القوى المواجِهة للمتظاهرين. ٣- وصفت استخدام العنف والعنف المفرط بأنه لا مسوغ له ، وامتنعت- وهي مرجعية دينية عليها تحديد الحكم الشرعي- عن استعمال المصطلحات الشرعية الواضحة والمباشرة مثل حرام ولا يجوز . ٤- ذكرت أن التظاهر السلمي هو حق لكل بالغ كامل، ومعنى ذلك أنها سلبت هذا الحق عمن هو دون الثامنة عشر من العمر ، وأتاحت للسلطة منع من هو دون هذا السن عن التظاهر . وهذا يعني ثني طلبة المدارس الإبتدائية والمتوسطة والثانوية عن المشاركة، وتقليل أعداد المتظاهرين بسلب حق التظاهر عمن هو دون الثامنة عشر. علما أن هذا التقييد مخالف للدستور الحالي لأن المادة ٣٨ ثالثا ، مطلقة. مضافا الى أن تحديد من له الحق من المواطنين، ليس من صلاحية و سلطة أية جهة غير الدستور والدولة. ٥- التعبير عن انتفاضة الشعب العراقي بالحركة الإصلاحية تحجيماً لها وتحكماً بسقف مطالبها. ٦- تزكية الميليشيات وما يسمى بالحشد الشعبي ومنع التعرض لها بالنقد والمعارضة، وقد عبّرت عن هذه القوى بعبارة (ومن التحق بهم في محاربة الإرهاب الداعشي) وهي عبارة شاملة لكل الميليشيات داخل وخارج الحشد الشعبي . وعلى الرغم من أن هذه المرجعية المقيتة أبت أن تستعمل كلمة (لا يجوز) في تجنب استخدام العنف والعنف المفرط في حق المتظاهرين ، فإنها استعملت التعبير الفقهي (لا يجوز) في نقد الميليشيات وبعبارة فضفاضة غير محددة (ولا يجوز أن يبلغ مسامعهم أي كلمة تنتقص من قدر تضحياتهم الجسيمة) وهي عبارة مائعة يمكن استغلالها ضد أي نقد لهذه الميليشيات التي ارتكبت أبشع الجرائم الوحشية بحق الشعب العراقي. مضافا إلى ذلك أن هذه التزكية للميليشيات التي وصفتها بأنها حاربت الإرهاب الداعشي تنطوي على مغزى طائفي يحرك النوازع الطائفية. ٦- حصرت العمل على الحل بالقوى السياسية الممسكة بالسلطة، وهذا يعني حصر الحل بإطار الوضع السياسي الحالي، إصراراً في الإبقاء عليه. إن كل هذه النقاط تؤكد أن الموقف الحقيقي لهذه المرجعية هو ضد طموحات وتطلعات الشعب العراقي وضد مطالب الشعب بالتغيير الجوهري. إن هذه الخطبة المفخخة بالسموم، تؤكد من جديد أن ما يسمى بالمرجعية هي صمام أمان للقوى السياسية التي هيمنت على الساحة منذ الإحتلال والى الآن، وأنها صمام أمان للعملية السياسية الفاشلة والفاسدة ، ولن تكون صمام أمان للشعب العراقي.