يتوقع أن تعود وتيرة قمع المتظاهرين في العراق بأعلى مستوى لها في الأيام المقبلة، في بغداد ووسط البلاد وجنوبيّها، وذلك مع استمرار المظاهرات وتراجع أغلب الكتل السياسية عن إقالة الحكومة والتسليم بالضغوط الإيرانية التي أجبرت المطالبين بإقالة الحكومة وإجراء انتخابات مبكرة، على القبول بحزم الإصلاحات والمهلة الزمنية للحكومة لتنفيذها.
وتستعد العاصمة العراقية بغداد والمحافظات الجنوبية، اليوم الجمعة، للمشاركة في مظاهرات تحمل عنوان “جمعة الصمود”، دعت إليها التنسيقيات المنظمة للمظاهرات في مختلف محافظات البلاد.
وتأتي هذه المظاهرات في ظل مطالبة المتظاهرين ومنظمات من المجتمع المدني بـ”التحقيق الفوري” للكشف عن الجهة التي استوردت أو زودت قوات الأمن العراقية بقنابل الغاز المسيل للدموع.
وجاءت هذه المطالب بعد تصريح وزير الدفاع العراقي نجاح الشمري، قال فيه إن الحكومة العراقية لم تكن الطرف المستورد لهذا النوع القاتل من قنابل الغاز.
وبدأت السلطات العراقية في قمع المظاهرات العامة الأسبوع الماضي بدفع المتظاهرين إلى الخلف من ثلاثة جسور تمتد عبر نهر دجلة باتجاه المنطقة الخضراء المحصنة.
ويرفض المتظاهرون حتى الآن مقترحات الحكومة للإصلاحات الاقتصادية والدستورية، ويدعون القيادة السياسية برمتها إلى الاستقالة، بما في ذلك رئيس الوزراء عادل عبد المهدي. كما يدعون إلى إنهاء النفوذ الإيراني في شؤون الدولة العراقية.
و استشهد أكثر من 300 شخص منذ الأول من تشرين الأول/أكتوبر مع إطلاق قوات الأمن العراقية الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي على حشود المتظاهرين في بغداد، والمحافظات الجنوبية، بحسب الأمم المتحدة.
وبدأت الموجة الثانية من المظاهرات في أواخر تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وارتفع سقف المتظاهرون الذي خرجوا احتجاجا على تردي الأوضاع المعيشية ومكافحة الفساد، إلى حد المطالبة بـ”إسقاط النظام”.
ولم تتمكن الحكومة من تهدئة الاضطرابات التي وضعت الطبقة السياسية، المدعومة من إيران، في مواجهة شبان لم يشعروا بأي تحسن يذكر في ظروفهم المعيشية، حتى في وقت السلم، بعد عقود من الحرب والعقوبات.
والمظاهرات التي يشهدها العراق، هي أشد وأعقد تحد منذ سنوات للنخبة الحاكمة التي هيمنت على المشهد السياسي بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في 2003.