كي لا تسرق الثورة التاريخ: 2019-11-21 13:44:21 Tweet نواف شاذل طاقة يوما بعد يوم، تشتد أزمة النظام السياسي الفاسد في المنطقة الخضراء، وتتفاقم عزلته، حتى اصبح وقادته أعجاز نخل خاوية قد تتهاوى في أي لحظة. وفي هذه الأثناء، تعرى البرلمان وافتضح امر فساده، وحتى الفتات الذي كان يقدمه للشعب بين الحين والآخر لم يعد قادرا على توفيره، لأنه مثقل بالفساد، تتقاذفه إرادات اجنبية أفقدته القدرة على الحركة. إعلام النظام، من جانبه، منهار ولَم يعد أحد يسمعه؛ إلى ذلك، وبعد انتفاض محافظات عراقية عديدة في الوسط والجنوب في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وبينما كان الشبان المنتفضون بمدينة كربلاء يتساقطون على الأرض برصاص قوات أمن النظام، وكان حظر التجوال سار في المدينة، وقف مراسل (العراقية) الحكومية في كربلاء أمام الكاميرات في شارع خال من المارة ليقول على الهواء إن العلاقة بين القوى الأمنية والمتظاهرين سادها “تعاون .. وعلاقة لطيفة .. وتبادل ورود واعلام عراقية”!! أما وجوه النظام التي كانت تدافع عنه ليل نهار في وسائل الإعلام فقد أخفت رؤوسها ويقال انها باتت خارج العراق بينما اختار البعض الآخر ركوب الموجة. الخلاصة هي أن النظام يترنح، ويوشك على الانهيار، الأمر الذي يقتضي من المنتفضين أن يستعدوا لليوم التالي، اليوم الذي يعقب سقوط النظام، وان يهيئوا البدائل التي يتعين عليها ان تمسك بزمام الأمور وان لا تترك أي فراغ ينفذ منه الانتهازيون والمنتفعون. ولا أظن أن المنتفضين تنقصهم الكفاءات والخبرات لإدارة كفة البلاد، فبينهم الطبيب، والمهندس، والمحامي، وخريج الجامعة المثقف، والمدرس، والأديب، والشاعر، ناهيك عن حقيقة أن الداخل العراقي بمؤسساته المدنية والعسكرية الوطنية، بما في ذلك جامعاته، يزخر بالكفاءات والخبرات المهمشة، الأمر الذي ينبغي معه تمكينها من أداء دورها لمنع حدوث الفراغ، كي لا تسود الفوضى، ولا تسرق الثورة. لقد سبقتنا تجارب عديدة في المنطقة سرقت فيها الثورات من أيادي صانعيها في وضح النهار وعادت رموز الفساد المتمرسة تمارس دورها القديم بثياب جديدة. وهكذا، لن يكون من المستبعد، بل ربما من المؤكد، أن تكون ثمة جهات أجنبية، وفي مقدمتها إيران، تنتظر اللحظة المناسبة لاختطاف الانتفاضة وإعادة العملية السياسية البغيضة بعناوين ومسميات جديدة فيضيع الجهد وتذهب التضحيات سدى. إن الانتقال من اجواء الانتفاضة والمضي نحو تحقيق الثورة وغاياتها التي قدم فيها العراقيون دماءً زكية يتطلب اول ما يتطلب الانقلاب على المحاصصة الطائفية والعرقية المقيتة وما جلبته لنا من دمار وويلات، وذلك من خلال اعادة كتابة الدستور بأياد عراقية وبما يكفل بناء عراق موحد خال من الطائفية والعرقية، عراق تتحقق فيه المساواة لجميع العراقيين أمام القانون، عربًا كانوا أم أكرادًا أم تركمانًا، مسلمين أم مسيحيين، شيعة أم سنة، في إطار نظام مدني ديمقراطي حقيقي يحترم الإنسان وحقه المقدس في الحياة الحرة الكريمة. وعليه، فان المهام التي ستلقى على عاتق المنتفضين نهار اليوم الذي نستيقظ فيه ولا نجد الفاسدين في الحكم أخطر بكثير من النهارات التي سبقتها. نشر المقال هنا