تسمحولي اتفلسف!

محمد الرديني

دعوني اتفلسف قليلا، فهي على الاقل ملاذ الذي قال عنهم شيخنا الجواهري:

عندي من الاسى جبل

يمشي معي ويرتحل.



حين تضيق فرص العيش بمواطن عراقي ويرى كل شيء مظلما حوله ويقرر التخلص من الحياة منتحرا فيكون امام الحكومة العراقية (المبجلة) خياران:

الاستقالة الجماعية او تشكيل لجنة من امانة مجلس الوزراء لشراء شيء من "الغيرة" او حبات من "الضمير" من الشركات الامريكية المتخصصة.

ولأن الخيارين مستحيلين فستبقى الحكومة على رأس عملها مع بقاء تلك الشركات الامريكية تبيع منتوجها لمن يهمه الامر.
عباس مهدي مواطن من الديوانية لديه كل المواصفات للحصول على عمل فهو خريج جامعي وعمره لايتجاوز 44 سنة، ولكن فرصة العمل هذه كانت بعيدة عنه قريبة من رهط المنطقة الخضراء وما جاورها.
ظل يعيش على الامل فترة طويلة وفجأة وجد نفسه يسكن في بيت من الصفيح مع زوجته واولاده الخمسة.
لم يعد يطيق ذلك فقد كان يحلم ان يرى اولاده وهم يلبسون ثيابا جديدة في مناسبات الاعياد وغيرها وحين انتكس به الحلم قرر قبل يومين ان يتخلص من الحياة فانتحر وغادر الدنيا الى غير رجعة.
سيقول البعض ان الناس تموت بالعشرات يوميا فلماذا الحديث عن حالة فردية؟
هذا صحيح ايها السادة، ولكن الاصح منه ان الحكومة التي يرسم اعضائها الزبيبة على جباههم لا تؤمن بالتكافل الاجتماعي رغم انهم (مسلمون) حد النخاع، والاصح كذلك ان العشرات الذين يموتون يوميا انما يموتون بفعل فاعل اما الذي يموت لانه جوعان في بلد من اغنى بلدان الشرق الاوسط فهذه كارثة، وهي تقسم الى قسمين لا ثالث لهما:

الاول: ان جماعة المنطقة الخضراء كفرة بامتياز، والثاني: ان اللصوص يعيشون في اعلى درجات الرفاهية بعد ان انحنوا للدولار من "ورا ومن كدام".
كم مواطنا مثل عباس مهدي سيصمد في هذا الزمن الاغبر؟ وكم مسوؤلا عنده غيرة سيطالب الحكومة بتشريع قانون التكافل الاجتماعي؟

سنجد مواطنين بعدد هموم القلب مثل عباس مهدي ولكننا لا نجد ولن نجد مسوؤلا عنده غيرة!

اما قلت لكم اني اريد ان اتفلسف قليلا لأن ليس من المعقول ان اطالب حكومة تجلس على خزينة فارغة ومسروقة بأن تفكر بمواطنيها الذين اصبحوا فضائيين منذ ان كانت الموصل على خارطة العراق.
في كل بلاد الكفار، ويمكن ان تسألوا اعضاء الحكومة عن ذلك، تتكفل وزارة الشوؤن الاجتماعية بجميع احتياجات العاطلين عن العمل، ولأنهم كفار واولاد ستين "كذا" تصرف لجميع العاطلين رواتب ثابتة مع مخصصات لعلاج الاسنان سنويا وفحص البصر والعلاج المجاني مع مجانية الادوية، اما اذا وصل مواطنهم الى سن 65 سنة فيزاد راتبه بمعدل 100 دولار اسبوعيا مع بطاقة يستعملها في التنقل مجانا بالحافلات في اي مكان يريده.
أليس هؤلاء كفار بامتياز ايها السادة وجماعتنا حريصين على اداء صلاة الجمعة اما في بقية الايام فالله وحده يعلم ماذا يفعلون في الكرادة داخل او خارج!

 

نشر المقال هنا

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :135,624,722

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"