تضمّن بيان الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق السيدة جينين هينيس-بلاسخارت، الصادر يوم الاربعاء 18/12، على الأهمية الملحّة للظروف الراهنة قائلةً "في هذه المرحلة، فإن الوقت جوهريٌّ، والوضع يستدعي اتخاذ إجراءاتٍ حاسمة. ولا يسعُ للعراق تحملُ حلول إسعافيةٍ مؤقتةٍ أو تدابيرَ قسرية".
وهذه هي المرّة الأولى التي يستخدم فيها ممثل الأمين العام عبارة (تدابير قسرية ـ coercive measures) ولا يمكن التنبؤ بما قصدته السيدة بلاسخارت بذلك، لكنّ المعروف ان (التدابير القسرية) لا يتخذها في الأمم المتحدّة إلاّ مجلس الأمن الدولي بموجب الفصل السابع من الميثاق. لكنها قد تكون قصدت مواصلة استخدام (العنف) من قبل السلطات، بل زيادته بإجراءات أخرى. فهل بقي في جعبة السلطات أكثر من كل العنف الذي استخدمته، من قتل عمدٍ لجموع المتظاهرين، واعتقالات لناشطين، وتغييب، وترهيب؟! ألا يستدعي ذلك (إجراءات قسرية) فعلاً من الأمم المتحدة ضد سلطة أوغلت بدماء شعبها؟ كما اكدّت السيدة بلاسخارت أن العراق يواجه "نمطاً جديداً من عمليات الاختطاف والقتل المُستهدف للمدافعين عن حقوق الإنسان والمتظاهرين"، مؤكدّةً أنّه "تقع على عاتق الدولة المسؤولية التامة في حماية شعبها. وليس لحالات الاختطاف والاعتقالات غير القانونية وحوادث القتل البشعة مكانٌ في الديمقراطية، ويجب ألّا تُصبح الوضع الطبيعي الجديد في العراق " في اشارة الى كونها أضحت عملاً ممنهجاً، حيث شهدت ساحات الإعتصام اغتيال العديد من الناشطين البارزين خلال الأيام القليلة الماضية واختطاف وتغييب عددٍ آخر منهم بأساليب يتّضح منها ان جهات تابعة للسلطة هي من يقوم بتلك العمليات. واختتمت تصريحها بالقول "يجب أن يتحمل القادة السياسيون العراقيون هذه المسؤولية من خلال الاستجابة للمطالب المشروعة للإصلاح دون مزيد من التأخير". ولا يزال المتظاهرون ينظرون الى موقف الأمم المتحدّة بشيء من الريبة اذ يرون أن أجهزة الأمم المتحدّة تتحمل جزءاً كبيراً مما يجري في العراق بسبب مسايرتها لنظامٍ اتضح فساده ومستوى إجرامه منذ أيامه الأولى بعد عام 2003. لكنّي أجد أن هذا الموقف بدأ يتضح شيئاً فشيئاً منذ اندلاع المظاهرات، في الأول من تشرين الأول 2019، إذ إبتعد عن موقف السلطة بعد أن كان مجرد صدىً لها في معظم الأحداث السابقة.