مثنى عبد الله
بعد ترأسه مجلس الأمن القومي الإيراني، غداة مقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني، يعود المرشد الأعلى علي خامنئي للظهور مجددا خطيبا ـ في الأسبوع الماضي ـ على منبر جمعة طهران، حيث كانت آخر مرة اعتلى فيها المنبر نفسه في عام 2012. فما هي الدوافع وراء هذه الممارستين السياسية والدينية؟ ولماذا في هذا الوقت بالذات يكون الظهور على هذه الشاكلة وسط المسؤولين والجماهير؟
إن الظروف التي تحيط بإيران استثنائية بكل المعاني والظروف والأحوال، وربما لم تمر بمثلها منذ زمن بعيد. ولابد أن تصيب المرشد الأعلى حالة الاستثنائية هذه، خاصة أن أمن النظام واستمرارية المنهج، تأخذان مراتب متقدمة على كل ما يلي ذلك، حتى إن خسر بعض رجالاته، بل أكثر ما يقض مضجعه أن يكون النظام مهددا بهذا الشكل الحاد، لذا كانت الضغوطات الداخلية والخارجية، والغياب المفاجئ للرجل الثاني في النظام بكل ما يمثله من أداة فاعلة في تحقيق السياسات الايرانية في الداخل والخارج، بعد مقتله على أيدي القوات الأمريكية قرب مطار بغداد الدولي، هي التي دفعت الرجل لممارسة التثقيف السياسي والديني معا، بوجوده على المسرح بفعاليات سياسية ودينية مباشرة. فطهران اليوم تعاني من انقسامات كبيرة في البنية الداخلية للنظام، وقد انعكست هذه حتى على بنية أذرعها في المنطقة، فالزلزال الذي يقع في المركز لابد أن تصيب ارتداداته الفروع. وقد كان مقتل سليماني زلزالا كبيرا، أفقد الأذرع الخارجية بؤرة السيطرة والقيادة، وبات صانع القرار في طهران في حالة قلق كبير، من ردود الفعل غير المحسوبة للأذرع في الصراع الدائر مع واشنطن. وبالتالي قد يتحمل صانع القرار الإيراني وزر ذلك إن حصل. فحسابات هذا الصراع كانت بيد القتيل، بكل ما كان يمثله من كاريزما وصلاحيات وعقل مدبر بها، يستطيع أن يبقي الجميع تحت مركزيته.
طهران اليوم تعاني من انقسامات كبيرة في البنية الداخلية للنظام، وقد انعكست هذه حتى على بنية أذرعها في المنطقة





