من الامور الملفتة للنظر خلال الاسبوعين الماضيين وحتى هذه اللحظة هو انتشار حركة في محافظات وسط و جنوب العراق تمثلت بقيام مجاميع مكونة من رجال دين معممين (سادة و مشايخ) يرافقهم اشخاص وجهاء او ابناء وجهاء عشائر للتحرك في المناطق الريفية لمحافظات الوسط و الجنوب الشيعي العراقي وتحديدا على رؤساء العشائر في تلك المناطق.
وتمثلت حركتهم بدعوة شيوخ العشائر الى تسجيل ابناء عشائرهم في تشكيل عسكري جديد بحيث ان باب لتسجيل مفتوح لما نسبته (20%) من ابناء العشيرة مدعين ان التشكيل جاء بناء على امر المرجعية و هو مرتبط بوزارة الدفاع ومن امتيازاته انه تشكيل خاص بكل محافظة ولا يغادرها الى سواها (على غرار مشروع الحرس الوطني) وان راتب العنصر هو (750) الف دينار ..
على هذا الاساس قام الالاف من ابناء عشائر محافظات الوسط و الجنوب بالتسجيل في هذا التشكيل عن طريق التوقيع على استمارة تحمل صورته الشخصية واسم محافظته وهذه الاستمارة عنوانها (بيعة ولاء) وتتضمن اعلان الموقع عليها البيعة والولاء والطاعة والتقليد للمرشد الايراني علي خامنئي.
كذلك فان القائمين على هذه الحركة ابلغوا المتطوعين بان ارتباطهم وتمويلهم هو من خامنئي. الامر الذي دفع بعض شيوخ العشائر للذهاب الى مكتب السيستاني في النجف للاستفسار عن الامر حيث نقل شيوخ العشائر جواب مفاده ان مرجعية السيستاني لا علاقة لها بالموضوع بل انها تطالب الحكومة و شيوخ العشائر بالتصدي لهؤلاء وفضحهم (على حد قول شيوخ العشائر)….
الغريب في الامر هو ان الجهات الامنية في المحافظات (قيادة الشرطة – الامن الوطني – الاستخبارات) تعيش حالة الحيص والبيص تجاه الموضوع فمن جانب هي قامت بجمع المعلومات عن التحركات دون ان تتخذ اجراء فوري بحق العاملين في الحركة، كذلك هي في حيرة بين ما نقله لهم بعض شيوخ العشائر حول موقف مرجعية السيستاني الرافض لتلك الحركة والمطالب بايقافها وبين توجيهات المسؤولين في وزارة الداخلية العراقية التي يقودها الوزير محمد سالم الغبان التابع لكتلة بدر النيابية التي يرأسها هادي العامري والمعروفة بولائها وارتباطها العلني بايران وعلي خامنئي حيث ان توجيهات الوزارة تدعوهم الى تسهيل حركة تلك الحركة وعدم تعرضها، بل اخذ بعض ضباط الداخلية يشجعون على دعوة الناس للانخراط في هذا التشكيل الجديد …
الامر الاخر هو قيام المكاتب التابعة الى ما يعرف بـ(تجمع فرسان الامل) وهو احد تشكيلات المجلس الاعلى الاسلامي الذي يقوده عمار الحكيم بفتح باب التسجيل في نفس التشكيل لكن الغريب هو انهم اوهموا الناس بانه تشكيل بامر وتوجيه رئيس الوزراء العبادي الامر الذي فسره عنصر منهم رفض ان يكشف اسمه على انه تمويه باستخدام اسم رئيس الوزراء لجذب الناس للالتحاق به لان الاعلان عن كونه تابع للمجلس الاعلى يجعل الناس تنفر منه .
تزامن هذه التحركات مع عدة امور فمن جانب وفي خبر نشره موقع قناة الغدير الفضائية التابعة لمنظمة بدر التي يقودها هادي العامري عن وزارة الداخلية ((السماح للمواطنين بحيازة قطعة سلاح واحدة مع تسجيله لدى الشرطة خلال أسبوع)) .
كذلك تم نشر خبر الاعلان عن تعيين المالكي قائدا للحشد الشعبي وبمبايعة من بعض فصائل الحشد (المليشيات)، وهو الامر الذي لاقى رفضا قاطعا من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في معرض اجابته سؤال بعض اتباعه في الحشد الشعبي عن موقفه من تولي المالكي لزعامة الحشد .
هذه الامور تضعنا امام عدة تساؤلات:
هل بدأت عملية سحب البساط من تحت مرجعية السيستاني وبدأ الترويج لمرجعية الخامنئي في العراق على مستوى (التقليد) وهو ما تضمنته استمارة التطوع و التي يظهر فيها واضحا اعلان (((البيعة والولاء لخامنئي))) في القيادة والتقليد وانه الاصلح من بين مراجع الشيعة؟ وهل هذا اعلان لبداية الصراع المرجعي بين النجف و ايران؟ وهل ستقبل مرجعية السيستاني و من تحتها من مرجعيات كفياض و الحكيم وبشير الباكستاني بذلك؟
هل تعيين المالكي لقيادة الحشد الشعبي جاءت برغبة من فصائل الحشد (وهو ما نستبعده) ام هو امر وتوجيه ايراني مفروض على كل الفصائل العرقية المرتبطة بها ولا مناص من مخالفته الا ان تنسلخ تلك الفصائل عن ايران وبذلك تفقد كل دعمها وعنصر قوتها؟ وهل ستقبل كل الفصائل بذلك وفي مقدمتها التيار الصدري؟ وهل هذا بداية للصراع المسلح الشيعي – الشيعي؟
هل ان هذا يصب ضمن المشروع الامريكي بصورة مقصودة او غير مقصوده خصوصا انه سيؤدي الى الصراع الشيعي– الشيعي؟