قالت منظمة «هيومن رايتس» ووتش، الخميس، إن حكومات مصر وسوريا والعراق استغلت مخاطر أمنية حقيقية وغير حقيقية في عام 2014 كذريعة لتجاهل حقوق مواطنيها وهو ما كان سببا في إثارة أزمات في نهاية الأمر.
وأضافت المنظمة، التي تتخذ من نيويورك مقرا لها، في تقريرها العالمي السنوي أن قوات الأمن في مختلف أنحاء العالم تتجاهل الحقوق عند التعامل مع التهديدات مثل الحملة التي تشنها الصين على اليوغور في شينجيانغ والحرب على المخدرات في المكسيك وحرب نيجيريا على جماعة بوكو حرام.
وقال المدير التنفيذي للمنظمة، كينيث روث «ظهر ميل خاصة في الشرق الأوسط لتضخيم المخاوف الأمنية من منظور قصير النظر على الدعم المبدئي لحقوق الإنسان".
وأضاف في بيروت قبل إصدار التقرير في 656 صفحة «ليس الأمر أن هذا النهج مخالف للمبادىء فحسب. بل هو في الواقع يؤدي لنتائج عكسية".
وقال التقرير إن صعود الدولة الإسلامية التي خرجت من عباءة تنظيم القاعدة ناتج في جانب منه عن القمع الذي تستخدمه الحكومتان في سوريا والعراق وتستغلانه في تبرير في ارتكاب المزيد من الانتهاكات.
ففي سوريا قال روث إن الدولة الإسلامية استغلت استخدام القوات الجوية في القصف العشوائي بالبراميل المتفجرة لكسب التأييد بين السكان الذين يغلب عليهم السنة وفي العراق عزلت الفصائل الشيعيةُ السنة من خلال ارتكاب فظائع.
وقال التقرير إن الولايات المتحدة وحلفاءها سمحوا للخطوات العسكرية التي اتخذوها ضد الدولة الإسلامية بأن تطغى على المساعي الرامية لدفع دمشق لوضع نهاية للانتهاكات.
وذكر التقرير إن مصر شهدت في ظل حكم الرئيس عبدالفتاح السيسي قمعا لم يسبق له مثيل.
واعتبر انه من العراق إلى سوريا ومن مصر إلى نيجيريا مرورا باوكرانيا، في هذه الدول التي تشهد انعداما للاستقرار تشكل «حماية حقوق الإنسان والاجازة للسكان ان يقولوا كلمتهم بخصوص إدارة حكامهم للازمات، مفتاحا اساسيا لحلها".
واضاف ان واشنطن ولندن «غضتا النظر إلى حد كبير» عن السياسات الطائفية التي اعتمدها رئيس الوزراء العراقي الشيعي السابق نوري المالكي، واضطهاد السنة ناهيك عن التوقيفات التعسفية والتصفيات، فيما واصلتا تزويد حكومته بالسلاح.
في ما يتعلق بسوريا، شكلت الولايات المتحدة تحالفا من حوالى 60 دولة لمكافحة تنظيم «الدولة الإسلامية» لكن ايا منها لم يضغط على الرئيس السوري بشار الاسد «لوقف المجازر بحق المدنيين» بحسبه.
واوضح روث ان «هذه الرؤية الانتقائية قدمت خدمة لعناصر تنظيم الدولة الإسلامية الناشطين في تجنيد افراد جدد، بحيث قدموا انفسهم على انهم الوحيدون القادرون على مواجهة فظائع الاسد".
هذا الخيار نفسه طبق في مصر حيث اتى الرد العالمي على القمع «غير المسبوق» الذي يمارسه السيسي «مقصرا بشكل مخز» بحسب روث.
وتابع ان واشنطن لم تجرؤ على وصف الاطاحة بالرئيس الإسلامي السابق محمد مرسي «بالانقلاب» بسبب مخاوفها على الأمن في شبه جزيرة سيناء وحليفتها المجاورة (اسرائيل). واضاف ان الدعم المقدم لحكومة السيسي «كارثة للمصريين الذين يأملون بمستقبل ديمقراطي» ويوجه «رسالة مروعة إلى المنطقة".
واوضح مدير هيومن رايتس واتش «بات يمكن لتنظيم الدولة الإسلامية ان يؤكد بمصداقية ان العنف هو الطريق الوحيد إلى السلطة، فعندما يسعون إلى الحكم عبر الانتخابات ويفوزون يتم طردهم من دون الكثير من الاحتجاجات الدولية».
على صعيد روسيا التي كتمت أصوات المعارضة في العامين الأخيرين قد تكون انتهاكات حقوق الإنسان و«رد الفعل الضعيف نسبيا» من الدول الغربية من أسباب «تفاقم الأزمة في اوكرانيا» .
واوضح ان هذه الدول التي عادت «إلى عقلية الخير في مواجهة الشر» والراغبين في اظهار اوكرانيا بانها ضحية المعتدي الروسي ابدت «ترددا في معالجة انتهاكات (حقوق الإنسان) التي ارتكبتها اوكرانيا".
كما أعربت المنظمة عن القلق حول الأمن في العصر الرقمي متحدثة عن انشطة التجسس اليومية التي تنفذها الحكومات عبر جمع بيانات تخص مئات ملايين الاشخاص.
وصرحت الباحثة في شؤون الانترنت في هيومن رايتس واتش سينثيا وونغ ان «الحكومات تطور في كل مكان قدرة على المراقبة الجماعية» مستندة إلى انشطة بلدين طليعيين في هذا المجال هما الولايات المتحدة وبريطانيا. وحذرت من امكانية «تحقق سيناريو ما رواه الكاتب جورج أورويل فعليا".