ريح صفراء تهبّ على إيران وتخرج معمميها من دبلوماسيتهم مع الصين التاريخ: 2020-05-05 09:24:16 Tweet نواف شاذل طاقة كانت العرب حتى وقت قريب تخشى ما يطلق عليه «الريح الصفراء»، وهي ريح قيل إنها تأتي من الصين محملةً بالأوبئة والخراب لقد ظنت الأجيال الحديثة أن ما كانت تسمعه حول هذه الريح محض أوهام، أو حكايات من ماض سحيق لا وجود لها، حتى اجتاحت العالم جائحة كورونا التي لم تجلب معها الموت والخراب فحسب، بل صارت تعصف أيضا بالعلاقات بين البلدان وتسممها. فيما كانت الجائحة تجتاح المعمورة، ووسط تبادل للاتهامات بين زعماء العالم في كل مكان حول مصدرها، ألقى الرئيس الإيراني حسن روحاني خطاباً أواخر شهر آذار الماضي، أشاد فيه بأداء حكومته ومعالجتها لتفشي الفيروس في البلاد، مؤكداً أن إجراءات احتواء الجائحة في إيران كانت أكثر فاعلية مقارنة «بالنموذجين الصيني والأوروبي». التصريحات الإيرانية من حيث الصحة وعدمها بشأن مواجهة الجائحة ليست موضوعنا هنا، إذ ليس المسؤولون الايرانيون وحدهم مَن يحاول تحميل الآخرين مسؤولية التقصير في مواجهة جائحة كورونا. إنّ ما يعني المراقب من كلام روحاني هو انتقاده العلني للسياسات الصينية، إذ أن المعممين في إيران انتقدوا مراراً السياسات الاوروبية لأسباب معروفة، لكن لا يعرف عنهم انتقادهم العلني للصين، لا سيما وأنّ الكلام صادر عن رئيس جمهورية، وموجّه لسياسات داخلية صينية لا علاقة لإيران بها. لم يمض أكثر من أسبوع على خطاب روحاني، حتى جاءت إشارة أخرى أكثر وضوحا حول الزعل الايراني على الصين، صادرة هذه المرة عن الناطق بلسان وزارة الصحة الإيرانية، كيانوش جاهانبور، الذي قال في مؤتمره الصحفي اليومي، إنّ الصين اعطت انطباعا كاذبا بأنّ فيروس كورونا كان مجرد انفلونزا لكن مع عدد أكبر من الوفيات، واصفا ما قاله الصينيون بالـ»مزحة». لم تكن كلمات جاهانبور زلة لسان، فقد عاد الرجل ونشر تعليقه في تغريدة على موقع تويتر، الأمر الذي دفع سفير الصين في إيران إلى رد غاضب جاء فيه «اقترح عليك أن تقرأ أخبارهم (أي أخبار وزارة الصحة الصينية) بعناية كبيرة للوصول إلى الاستنتاجات». وقبل هذا السجال الإيراني الصيني، برز حدث لم تهتم به كثيرا وسائل الاعلام يتعلق بسابقة تفشي فيروس كورونا في مدينة قم الإيرانية التي يقدسها الكثير من الايرانيين. لم يتردد المعلقون الإيرانيون الذين ظهروا على شاشات بعض الفضائيات العربية في الإجابة بكل صراحة عن أسباب تفشي الجائحة في قم بقولهم إن الصينيين كانوا سبب تفشي المرض هناك. بدا واضحا أن الإيرانيين يشعرون بغضب كبير لأن تفشي فيروس كورونا في بلادهم وما الحقه بهم من خسائر بشرية ومادية هائلة كان مصدره الصين، وهو أمر لم يشاؤوا الإعلان عنه صراحة، نظراً للعلاقات الاقتصادية والسياسية المتينة بين البلدين، من جهة، وبسبب الحرج الذي اوقعهم فيه تفشي الجائحة بحد ذاتها في قم المقدسة ؛ فرجال الدين هناك دأبوا على التثقيف المكثف على إنّ قُم «مأمونة من البلاء»، لكن الجائحة فاجأتهم وعرّت ذلك ودحضته علناً مما تسبب في حرج كبير ربما له اثار عقائدية. وفي الوقت الذي قررت فيه إيران اعتباراً من منتصف شهر نيسان الجاري عودة الحياة إلى طبيعتها، على الرغم من التراجع النسبي للجائحة، وأعادت إيران الإثنين فتح مساجد في أجزاء من البلاد اعتبرت منخفضة المخاطر على صعيد انتشار فيروس كورونا المستجد وقالت إن قرابة 80 ألف شخص أصيبوا بالمرض قد تعافوا وخرجوا من المستشفيات بعد تلقيهم العلاج. لكن مدينة قم ما زالت بعيدة عن تحقيق التقدم المطلوب. في هذه الاثناء، نُقل مؤخرا عن وزير الصحة الايراني سعيد ناماكي قوله «كأننا في لعبة شطرنج مع فيروس كورونا»، بينما أكدت آخر الإحصاءات إن ثلاث محافظات الإيرانية، من بينها مدينة قُم ، تشهد عودة لتفشي فيروس كورونا. إن تفشي المرض في إيران، وفي مدينة قم بشكل خاص، يخفي جوانب أكثر تعقيدا في العلاقة بين ايران والصين، إذ تؤكد مختلف المصادر أن 700 مواطن صيني كانوا يدرسون في الحوزات والمدارس الدينية في مدينة قم هم سبب تفشي فيروس كورونا، وأن إيران طلبت من الصين في وقت لاحق سحبهم جميعا من البلاد، وكان لها ما ارادت. هنا يبرز سؤال محير : من هم هؤلاء الطلبة؟ هل كانوا حقاً مسلمين؟ وإذا لم يكونوا مسلمين، فماذا كانوا يصنعون في حوزة قم؟ هل يعقل أن قيادة الحزب الشيوعي في الصين أوفدت أبناءها إلى حوزة قم لنشر المذهب في الصين؟ أم أن أمراً اعمق من هذا يطبخ بين البلدين ثم أفسدته الريح الصفراء. نشر المقال هنا