عراق قاسم سليماني!‏

منى سالم الجبوري

من الخطأ الفاحش تشبيه ومقارنة الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس الايراني بالمندوب السامي البريطاني في العراق، لأن الاخير لم يتمکن أبدا من تحقيق ماقد حققه سليماني في مجال بسط نفوذ وهيمنة النظام الديني القائم في إيران على مختلف أرجاء العراق بالاضافة الى ان سلطته وجبروته على القادة و الساسة العراقيين تتجاوز بکثير ماکان متاحا للمندوب السامي البريطاني أيام الاحتلال البريطاني للعراق.

 

التقارير والانباء والتصريحات المختلفة بشأن نفوذ وهيمنة طهران على العراق قد صار من الحجم والقوة الى الحد الذي يحدد سياقات وإتجاهات ومسارات الاوضاع والامور بل وحتى تحديد نتائجها الى حد ما، والتصريح الاخير للسياسي الکردي محمود عثمان من أن إيران لن تسمح ببناء عراق ديمقراطي غير خاضع لنفوذها، مثلما انه قلل من إمکانية حيدر العبادي في بناء دولة لأن التدخل الايراني کبير في العراق و مهيمن على البلاد، هذه التصريحات تأتي کشهادة من الواقع على المستوى الذي بلغه النفوذ الايراني في العراق.

تصريحات عثمان الذي يعتبر من الساسة الکرد المطلعين، يمکن إعتبارها تأکيدا عمليا لما جاء في تقريرين منفصلين حساسين وبالغي الاهمية احدهما من جانب المقاومة الايرانية والاخر تقرير إخباري بريطاني، عن الدور والنفوذ الايراني في العراق، حيث انه وفي الوقت الذي قال فيه التقرير البريطاني"إن قائد فيلق قدس الإيراني، الجنرال قاسم سليماني، يشرف على "عمليات تطهير" ضد السنة في العراق. وأضاف أن "المسؤول الأول عن الميليشيات الشيعية المقاتلة في العراق، المتهمة بارتكاب جرائم ضد السنة في العراق، هو الجنرال سليماني"، مشيرة إلى أن "سليماني أشرف على تحويل القوات العسكرية والأمنية في العراق إلى ما يشبه حزب الله في لبنان "، فإن تقرير المقاومة الايرانية کان قد ذکر قبل ذلك بأن" هدف قوات الحرس والميليشيات ليس محاربة داعش بل استغلال الظروف الموجودة وتعزيز سلطتهم على العراق لذلك عمليات الابادة والاغتصاب والتهجير الجماعي وسلب ملكية اهل السنة التي كانت مستمرة منذ عام 2003 أخذت أبعادا غير مسبوقة خلال الأشهر الأخيرة. وأكد شيخ جعفر مسؤول الحزب الديمقراطي الكردستاني في قضاء خانقين خلال مقابلته مع الموقع الرسمي للحزب في الأول من كانون الأول/ ديسمبر قائلا: « تعامل الميليشيات الشيعية تشبه داعش أو حتى أسوأ من داعش. انهم لديهم خبرة في القتل والحرق والنهب حيث عبثوا بمدينة السعدية بنسبة 90 % ونهبوا وحرقوا مرافقها جميعا ... وهدفهم هو بسط السلطة ونفوذهم... انهم لا يستخدمون العلم العراقي كثيرا ويرفعون راية تحمل شعار الثورة الاسلامية الايرانية... انهم بدأوا بتصفية جميع السنة ويقتلون الناس اينما وجدوهم... وتفجر هذه القوات منازل الناس بذريعة عملية تفكيك عبوات ناسفة والمتفجرات".

المطبلين والمزمرين للدور الايراني من أولئك الذين يهولون من أمر رجل متورط في إثارة التطرف الديني وسموم التفرقة والاختلاف الطائفي ونشر الارهاب کقاسم سليماني ويسعون لإسباغ أوصاف البطولة و الشجاعة والانسانية، انما يمارسون الکذب والتزييف والتحريف الحقائق بأحط الصور واحقر الاساليب، لأن سليماني الذي هو إمتدد لنظام الجمهورية الاسلامية الايرانية، الجزء والجانب الاساسي من المشکلة القائمة في العراق وليس بإمکانه أبدا أن يکون او يصبح جزءا من الحل، وان من جعل العراق يبدو بالاوضاع المزرية الحالية حيث إحتراب طائفي وفساد ودولة عاجزة وجيش مهمش وسيادة وطنية منتهکة، انما هو الجنرال قاسم سليماني بأمر من أعلى سلطة في إيران!

 

نشر المقال هنا

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :136,051,418

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"