تركيا وأجواء الانتخابات البرلمانية

إسماعيل ياشا

دخلت تركيا أجواء الانتخابات البرلمانية التي ستجرى في السابع من حزيران/ يونيو المقبل وبدأ المسؤولون الذين سيعلنون ترشحهم في الانتخابات يقدمون استقالاتهم واحدا تلو الآخر من مناصبهم استعدادا لخوض هذا السباق الديمقراطي، ومن بين هؤلاء أسماء معروفة على المستويين الوطني والدولي.

 

رئيس جهاز الاستخبارات التركية، هاكان فيدان، أبرز المسؤولين الذين استقالوا حتى الآن للترشح في الانتخابات، ومن المتوقع أن يعلن فيدان ترشحه ضمن قوائم حزب العدالة والتنمية. والسؤال المطروح الآن هو “هل سيكون فيدان مجرد نائب في البرلمان أم سيتولى إحدى الحقائب الوزارية بعد الانتخابات؟”

التكهنات كثيرة في أوساط السياسيين والإعلاميين؛ فمنهم من يرى أن فيدان سيتولى وزارة الخارجية ومنهم من يعطيه حقيبة وزير الداخلية، وهناك من يذهب إلى أبعد من ذلك ويقول إنه يمكن أن يتولى رئاسة الوزراء إلا أن معظم المحللين يستبعدون ذلك ويؤكدون أن رئاسة الوزراء محسومة لأحمد داود أوغلو.

وذكرت وسائل إعلام تركية أن رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان كان يميل إلى بقاء فيدان في منصبه إلا أن رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو أقنعه وقال له إنه بحاجة إلى فيدان في السياسة. وكتبت صحيفة “ملليت” أن فيدان نفسه يرغب في أن يخدم بلاده كسياسي منتخب من قبل الشعب وليس كبيروقراطي معيَّن.

حزب العدالة والتنمية هدفه الأول في هذه الانتخابات أن يحصل على أغلبية تمكنه من وضع دستور جديد للبلاد دون الحاجة إلى موافقة حزب آخر، ولذلك يحتاج إلى 330 مقعدا على الأقل من أصل 550 مقعدا لعرض التعديلات الدستورية أو الدستور الجديد على الاستفتاء الشعبي. وإن أراد تمرير الدستور الجديد من البرلمان دون عرضه على الاستفتاء الشعبي فبحاجة إلى 367 مقعدا. ومن المتوقع أن لا يصل عدد نواب حزب العدالة والتنمية إلى هذا الرقم ولكنه قد يتفق مع حزب آخر ليصل عدد الأصوات المؤيدة للدستور الجديد إلى 367 ليتم تمريره مباشرة من البرلمان.

الأحزاب المعارضة في إستراتيجيتها الانتخابية ستركز عموما على منع حزب العدالة والتنمية من الحصول على عدد كاف من المقاعد لتغيير الدستور ولو عن طريق الاستفتاء الشعبي وكذلك تغيير النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي، ويشدد قادتها في تصريحاتهم على أنهم لن يسمحوا لرئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان أن يحقق حلمه، في إشارة للانتقال إلى النظام الرئاسي. وأما حزب الشعوب الديمقراطي فسيبذل جهده لكسب مزيد من أصوات الناخبين حتى يتجاوز حاجز 10 % في الانتخابات. وما زالت الأحزاب المعارضة تبني حملاتها الانتخابية على رفض خطط أردوغان وسياساته، وتكرر ذات الخطأ الذي أدَّى إلى فشلها في الانتخابات السابقة، بدلا من أن تقدم للناخبين برامج سياسية واقتصادية واجتماعية لرفع مستوى التنمية والرفاهية وخدمة المواطنين.

استطلاعات الرأي تشير حتى الآن إلى تفوق حزب العدالة والتنمية على الأحزاب الأخرى، وبالتالي لن تكون المنافسة على المرتبة الأولى، بل السؤال الذي يدور النقاش حوله الآن هو “هل حزب العدالة والتنمية سيتمكن من الحصول على الأغلبية التي يحتاج إليها لتغيير الدستور أم لا؟”.

نتائج الاستطلاع الذي أجراه مركز “جينار” للدراسات تشير إلى حصول حزب العدالة والتنمية على نسبة 48.2 %، ويليه حزب الشعب الجمهوري بنسبة 25 %، ليحل حزب الحركة القومية في المرتبة الثالثة بحصوله على نسبة 14 %. وأما حزب الشعوب الديمقراطي فيحصل على نسبة 9 %، ما يعني أنه لا يتجاوز حاجز 10 % ويظل خارج البرلمان.

قادة من حزب الشعب الجمهوري يتهمون حزب الشعوب الديمقراطي بأنه يهدف متعمدا إلى الفشل في الانتخابات البرلمانية ليتمكن حزب العدالة والتنمية من الحصول على أغلبية تمكنه من تغيير الدستور، ويزعم بعضهم أن هناك اتفاقا بين أردوغان وزعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان لتغيير النظام من البرلماني إلى الرئاسي في مقابل تنازلات لصالح الحركة السياسية الكردية، إلا أن هذه المزاعم لا تتعدى كونها مجرد محاولة الهروب من مسؤولية الهزيمة المحتملة ومحاولة الضغط على حزب الشعوب الديمقراطي الذي من المحتمل أن يوجه لحزب الشعب الجمهوري صفعة موجعة في الانتخابات بكسب نسبة من أصوات مؤيديه.

 

نشر المقال هنا

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :135,617,207

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"