يدور بين العراقيين والعرب في وسائل التواصل الاجتماعي حديث عن وضع الموصل، المدينة وبعضهم يقصد ولاية الموصل العثمانية، بعد عام 2023.
ويزعم من يروّج لهذه القضية أن تركيا ستستولي على المنطقة الجغرافية التي كان يطلق عليها اسم "ولاية الموصل" في شمال العراق، وتشمل كل أراضي محافظات دهوك ونينوى وأربيل والسليمانية ومعظم أراضي محافظة التأميم، بعد أن ينتهي تاريخ "معاهدة لوزان الثانية" المبرمة بتاريخ 24 تموز/ يوليو 1923 في مدينة لوزان بسويسرا، بين كل من تركيا وبريطانيا وفرنسا، والتي ينظر إليها الأتراك باعتبارها "وثيقة تأسيس للجمهورية التركية". وتعقيباً على ما يروّج في هذا الصدد، بودي أن أقول وبوضوح تام، إن هذا الكلام لا قيمة له على الإطلاق، لأنه قائم على كذبة محضة، ودوافع ترويجها تتراوح بين الجهل والتحريض السياسي البغيض. وأؤكد أنه لا يوجد شيء اسمه نهاية "معاهدة لوزان". ذلك لأن المعاهدة لن تنتهي في هذا التاريخ، 2023، ولا يوجد تاريخ محدد لنهايتها أصلا، وهي ليست معاهدة سرية وليست لها ملاحق سرية، فبإمكان أي باحث، أو راغب، الاطلاع على تفاصيلها وموادها ال 143 والموزعة على 17 وثيقة ما بين "اتفاقية" و"ميثاق" و"تصريح" و"ملحق"، وكلها تناولت ترتيبات الصلح بين الأطراف الموقعة على المعاهدة، وإعادة تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين تلك الأطراف "وفقاً للمبادئ العامة للقانون الدولي" بعد أن أبطلت معاهدة سيفر المبرمة عام 1920. كما نظّمت المعاهدة استخدام المضائق المائية التركية وقواعد المرور والملاحة فيها خلال زمني الحرب والسلم، واحتوت نصوصاً تحدد مآل الأراضي التي كانت تابعة للدولة العثمانية قبل هزيمتها في الحرب العالمية الأولى بين عامي 1914-1918. ورسمت المعاهدة حدود اليونان وبلغاريا مع الدولة الجديدة، الجمهورية التركية، التي حافظت على ضم إسطنبول وتراقيا الغربية، وتضمنت بنوداً تتعلق بتقسيط ديون الدولة العثمانية. كما قضت "معاهدة لوزان الثانية" بتخلي الجمهورية التركية عن السيادة على قبرص وليبيا ومصر والسودان والعراق وبلاد الشام، باستثناء مدن كانت تقع في سوريا مثل أورفا وأضنه وغازي عنتاب وكلس ومرعش، وقضت بتنازل الجمهورية التركية، التي ورثت حقوق الدولة العثمانية، عن كافة حقوقها السياسية والمالية المتعلقة بمصر والسودان اعتباراً من تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1914، وفي المعاهدة قضايا تفصيلية أخرى تتعلق بالأقليات الدينية في تركيا واليونان. وبينما ينشغل عراقيون وعرب بهذه القضية/ الكذبة، نجد أنه لا أحد في تركيا يتحدث، اليوم، عن موضوع نهاية معاهدة لوزان، لأن الناس هناك يعرفون حقيقة الأمر، وأي كلام يُقال عن سنة 2023 في تركيا فهو يتعلق بالذكرى المئوية لإنشاء الجمهورية التركية، ولا شيء غير ذلك. نرجو أن تكون الأمور قد اتضحت بعد هذا العرض الواضح للمعاهدة وما يقال عن وجود تاريخ محدد لنهايتها.
ويمكن الاطلاع على النص الكامل ل "معاهدة لوزان الثانية" بالضغط هنا