رئاسي أم برلماني؟!

فائز السعدون

بعض الأشخاص يطرحون فكرة النظام الرئاسي باعتبارها الحل لمشكلة العراق!

 

مشكلتنا ليست في شكل نظام الحكم، ولكن مشكلتنا تكمن في روح العمل السياسي.

ربما يتصور البعض واهماً ان النظام الرئاسي يعني رئيس جمهورية بسلطة لاتحدها حدود، وهذا غير صحيح اذ ان النظام الرئاسي والنظام البرلماني والنظام المختلط تقع جميعها في فئة واحدة وهي الانظمة الديمقراطية، وكما عرفها ابراهام لنكولن مرة هي: حكومة الشعب من أجل الشعب وبواسطة الشعب.

في النظام البرلماني ينتخب الشعب الهيئة التشريعية او الپرلمان والتي تقوم بإنتاج بقية السلطات وتمارس الرقابة عليها ، وتكون السلطات التنفيذية في يد مجلس الوزراء الذي يعمل وفق مبدأ المسؤولية التضامنية بين أعضائه، وغالباً ما يكون رئيس الدولة اما ملكاً ورث العرش او رئيساً بسلطات فخرية پروتوكولية ويتم اختياره من قبل الپرلمان وتعتبر الهيئة التشريعية هي السلطة العليا في البلاد، وفِي النظام الرئاسي يقوم الشعب بانتخاب العيئة التشريعية وانتخاب رئيس الدولة الذي هو رئيس السلطة التنفيذية، وتتبادل السلطات الرقابة فيما بينها وفق مبدأ يسمى " الرقابة والتدقيق. Check & Balance ، وهنا يسود مبدأ المساواة بين السلطات . وهنالك أنظمة مختلطة تاخذ من النظامين مايناسبها .

ما يقرر نجاح اي تجربة ديمقراطية هو ليس شكلها او إطارها الدستوري واليات العمل التي يحددها لممارسة السلطات وظائفها بل مدى ملائمة هذه الاليات لظروف البلاد ومعطيات الواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي ؛ ينبغي ان يتم استبعاد المبادئ المثالية التي لاتتناسب مع واقع الحياة.

غالباً ما يقع واضعو الدساتير ضحية مفاهيم مضللة مثل مفهوم المواطن الصالح او المثقف او مفهوم الادراك العام لما هو مصلحة عامة . هذه مفاهيم وردت في مؤلفات وكتابات بعض الفلاسفة العظام مثل مونتسكيو وجان جاك روسو، ولكن اولى التجارب التي استلهمت هذه الافكار العظيمة سرعان ما اصطدمت بالوقع فاكتشف الآباء المؤسسون للولايات المتحدة ومن تبقى من قادة العصر الثوري في فرنسا ان محرك السياسة هي المصلحة والصراع من اجل النفوذ والهيمنة، فاهتدوا بفضل عبقريتهم الملهمة الى صياغة دساتير استلهمت واقع ومعطيات مجتمعاتهم، ولأنهم تولوا كتابة دساتيرهم بأنفسهم فقد جاءت محكمة تتناسب مع واقعهم .

مشكلتنا في العراق ببساطة هي اننا لم نكتب دستورنا بل تمت كتابته من قبل قوة احتلال ومن تعاون معها ممن حسبوا على العراقيين .

ان نقطة البدء الخاطئة هي حجارة الاساس في دستورنا والتي تتلخص في اعتمادها مبدأ ان الشعب العراقي هو مجموعة مكونات، ثم تمت حياكة الدستور برمته وفق هذا المبدأ، وفِي التطبيق حددت أغلبيات وأقليات اعتباطية دون ان يكون هنالك احصاء دقيق لتحديد الحجوم الحقيقية، كما لم يتم تفعيل بعض الاليات التي من شانها منع طغيان مكون تحت ذريعة (او واقع) انه أغلبية مثل تشكيل مجلس تشريعي اخر الى جانب مجلس النواب يقوم على مبدأ التمثيل المتساوي للمكونات الرئيسية للشعب العراقي.

اما اذا أُريد تحقيق مبدأ المساواة في المواطنة فلابد من التفريق بين مفهومي الطائفية الاجتماعية والطائفية السياسية واعتماد بطاقة المواطنة كأساس للحقوق والواجبات، وان تتم صياغة جميع التشريعات ذات الصلة بإدارة الشؤون العامة للبلاد ومناهج التعليم وفقاً لذلك.

باختصار فان النظام الامثل هو النظام الاكثر استيعاباً للواقع، وليس عواراً من حيث المبدأ ان يكون النظام برلمانياً او رئاسياً او مختلطاً، المهم ان يكون مصدراً للاستقرار وليس حقل ألغام سياسية كما هو حال دستورنا الحالي.


comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :136,057,309

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"