علي الكاش
قال تعالى في سورة الشعراء/227 "وسيعلم الذين ظَلموا أيٌ مُنقلب ينقلبون".
يقال في الأمثال المشهورة وبمعظم اللغات (لا تلعب بالنار)، لأنها خطرة وقد تؤذيك، وقال الشاعر نزار قباني "ان من أشعل النار يطفئها"، وربما هذه المأثورات تفيدنا في الحكم على لعب المرشد الايراني علي خامنئي وقبله سلفه خميني المقبور بالنار، فمنذ انطلاقة الثورة الاسلامية في ايران توقع الكثير ان سياسة الملالي الجدد ستمحو الأخطاء التي ارتكبها شاه ايران السابق بحق الدول العربية، وبشكل خاص العراق.
ولم يتوقع أحد ان يكون الملالي اكثر شراهة وشراسة وتوسعا وحقدا من الشاه على العروبة والإسلام، انهم لم يكرسوا سياسة الشاه فحسب بل تمادوا في توسعهم وطغيانهم واستعلائهم الفارغ على الشعوب العربية فقط، في الوقت الذي تجسدت علاقاتهم مع تركيا وباكستان بالتحسن على الرغم من الخلاف المذهبي.
إن جميع العبارات المسيئة للإسلام من تطرف وارهاب وعنف هي من مخرجات الثورة الايرانية، وجميع الفتن الطائفية في المنطقة هي من مخرجات ولاية الفقيه، ونظرة العالم والشعوب الى الإسلام السلبية انما مصدرها ولاية الفقيه وتنظيمي القاعدة وداعش، وملحقاته الميليشيات الولائية في العراق وسوريا ولبنان واليمن، انظر الى ميزان مدفوعات الدول السائرة في فلك الولي الفقيه وقيمة عملتها الوطنية مقارنة بالدولار، وديونها الخارجية وازماتها الاقتصادية من بطالة وفقر وماء وكهرباء ووقود، ستدرك على الفور ما فعله النظام الايراني في هذه الدول التي صدر لها ثورته البائسة، فهل نجحت الثورة في ايران لتكون قدوة فيصدرها للبلدان الأخرى، انها أشبه بالمعلبات الفاسدة التي يصدرها للعراق.
الولي الفقيه وذيوله في الدول الأربع الخاضعة لسلطانه احرقوا الأخضر واليابس في هذه الدول، احرقوا الاقتصاد والثقافة، ومزقوا الدين، وسمموا العلاقات الاجتماعية والثقافية.
في العراق مثلا سمموا أحواض الأسماك واحرقوا المخازن والمستودعات، ثم احرقوا المزارع قبل موسم الحصاد بأيام، وقتلوا الملايين من الدواجن، وجففوا مياه الأنهار التي تصب في العراق، وسرقوا النفط العراقي في حقول مجنون بحجة الآبار المشتركة التي ابتدعها المجرم الصفوي باقر صولاغ، وشكلوا أعنف الميليشيات الارهابية ومولوها ودربوا عناصرها على الإرهاب، وقصفوا القرى الكردية بحجة ملاحقة الحزب الكردستاني الايراني، وجعلوا من العراق ساحة لتصفية حساباتهم مع الولايات المتحدة الامريكية، وامروا الميليشيات الارهابية العراقية التابعة لهم بإطفاء جذوة ثورة الاحرار التي انطلقت في تشرين الأول/ أكتوبر العام الماضي فقتلوا وجرحوا عشرات الآلاف من الثوار، واختطفوا واغتصبوا عدد من الناشطين والناشطات، واعتقلوا الألاف منهم في سجونهم العلنية والسرية سيما في منطقة جرف الصخر، بمعنى انهم أحرقوا قلوب العراقيين عن الجرائم التي ارتكبوها بحقهم دون ذنب، واحرقوا قلوب الأمهات والأرامل والأيتام.
لم يدر في عقولهم التي أكلها الصدأ ان النار التي اشعلوها في المنطقة ستعود اليهم عاجلا أم آجلا فتحرقهم، وان للسماء عيون لا تنام، انها تراقب قوى الشر وافعالهم، وتنتظر الوقت المناسب للانتقام، فالزمن دوار، ومنطق جبروت القوى يقول بأنه مهما بلغت قوتك فاعلم ان هناك من هو أقوى منك من البشر، ومهما تعاظمت قوة الأرض، فأنها واهنة وضعيفة وذليلة أمام قوة السماء، وفيروس كورونا ابرز دليل، هذا الفيروس الذي لا يُرى بالعين المجردة فتك بالملايين من البشر، وان انتهت موجه، فموجات أخرى قادمة، فيروس فتاك سخر من جميع الأسلحة الفتاكة ، فيروس مدمر وضع صناع أسلحة الدمار الشامل في حيرة من أمرهم، والأعجب منه انه فتك في بداية أمره بالدول الكبرى المتباهية بقوتها، فقد ارسل جيوشا جراراة اليها، في حين أرسل وفلولا صغيرة الى الدول الفقيرة والمتخلفة كأنه أدرى بضعف امكاناتها، فرأف قليلا بحالها.
إيران تحترق بعود ثقابها
في الأيام القليلة الماضية استفاق الولي الفقيه هلعا على أصوات انفجارات متتالية هزت مضجعه، ووصلت روائح الحرق والدخان الى قصره العاجي فأزكمته، دون ان يفهم ما يجري، فالصدمة أكبر من المتوقع، ومع كل اجراءات الوقاية واوهام القوة والجبروت والتحدي والحذر، احترقت أصابعه التي طالما اشعلت الثقاب في المنطقة وأحرقتها، كانت البيانات التي أصدرتها القيادة الايرانية حول الانفجارات التي طالت العاصمة طهران واصفهان وغيرها من المدن اشبه بقراءة جريدة في ريح عاصفة، فهي بيانات متضاربة، تصحو على خبر ما، وتمسي على خبر يناقضه تماما، بحيث اخذ الشعب الايراني قبل غيره من الشعوب يضحك على قيادته البالستية، وبياناتها الخرقاء، فقد ارجعت التقارير الايرانية اسباب الانفجارات الى تسرب الغاز، وهذا الحال يذكرنا بحرائق الأرشيفات في الوزارات العراقية حيث تحفظ العقود الفاسدة، فقد أرجعت جميع الحرائق الى التماس الكهربائي، ويبدو ان المس هو في عقول الحكومات وليس الكهرباء اللا وطنية التي غيابها أكثر من حضورها.
لم تعلن أية جهة داخلية في ايران مسؤوليتها عن هذه الانفجارات، باستثناء مجموعة شبحية زعمت انها المسؤولة عن تفجير منشأة نطنز النووية، ولا أحد يقتنع بهذه الأكذوبة بما فيهم الشعب الايراني نفسه، فهذه الجهة نكرة.
وما لبت ان وجه النظام الايراني اصبع الاتهام الى جهات خارجية لم يحددها في بادئ الأمر، من ثم صرح غلام رضا جلالي، رئيس منظمة الدفاع المدني، بأن "طهران لا تستبعد عملا تخريبيا من قبل مجموعات المعارضة، أو هجوما سبرانيا من قبل الولايات المتحدة"، وهنا تم تحديد الجهة، وهدد جلالي بأن "ايران ستتخذ إجراءات متبادلة ضد أية دولة تتسبب في هجمات الكترونية على المنشآت النووية".
وفي تطور لاحق اتهم النظام دولة عربية بأنها ساهمت في الهجومات السبرانية على منشأتها، وهذا ما تحدث به أمير موسوي، رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية في طهران، بالطبع يقصد المملكة العربية السعودية.
الحقيقة ان إيران وقعت بين نارين:
-
لم يتطرق النظام مطلقا الى دور صهيوني محتمل في هذه التفجيرات والحرائق، ربما لأن هذا الأمر يحرجه، فقد هدد بأنه خلال (7) دقائق يمكنه ان يمحي (اسرائيل) من الخارطة، ولا شك ان اعترافه من شأنه أن يُعظم شأن (اسرائيل) ويصغر من شأنه! كما انه سيكون أمام الرأي العام المحلي والعالمي، قد فشل فشلا ذريعا في التصدي لهجومات من قبل كيان يستصغره دائما ويستضعفه. كما ان النظام الإيراني زعم أكثر من مرة بأنه قادر على ابطال مفعول الهجومات الالكترونية، حيث أفشل (16600) هجوما حسب ادعائه.
-
لا يستطيع النظام ان يعترف بأن قوى المعارضة الداخلية هي التي تقف وراء هذه التفجيرات، كي لا يثبت قمعه الدموي ضد الشعب من جهة، وكمحاولة لإظهار وقوف الشعب الايراني خلف قيادته، ولا توجد معارضة قوية تهدد النظام. مع ان منظمة مجاهدي خلق والجبهة الاحوازية والمعارضة الكردية والأذرية قوى لا يستهان بها.





