في مجلس ضم بعض الأصدقاء من الطائفتين أثير موضوع إستذكار فاجعة مقتل سيدنا الحسين بن علي، رضي الله تعالى عنهما، بتفاصيلها التأريخية أو التي يضيفها الرواة من زوائد.
ورغم أني لا أحب الجدل الطائفي حتى لو كان على سبيل المزاح ولكني تكلمت من منطلق بديهيات الأحاسيس والفطر السليمة بصفتنا بشر أو على الأقل بصفتنا مخلوقات ذات مشاعر سوية. قلت: إن شقيقي (محمد) وزوجته، رحمهما الله تعالى، توفيا سوية في حادث سيارة في منتصف السبعينات وكل ما عرفته أن السيارة اصطدمت بشاحنة محملة، ولكنّني إلى الآن لم أسأل عن كيفية وأمكنة الإصابة في جسديهما أو لنقل في جسد شقيقي الذي ربطتني معه رابطة أخوة وصداقة لتقارب العمرين نسبيا، لم أشأ لقلبي المحب أن يزداد ألماً بل لم تكن لي الجرأة ورباطة الجأش للسؤال عن التفاصيل. ثم قلت ربما لا تفهمون هذه المشاعر بالنيابة عني ولكني أقول وكلكم له ابن ذكر: لو افترضنا أن ابنك قد حفّت به مجموعة من المجرمين فقاموا بالتنكيل به وتمزيق جسده ولم يذق طعم الموت مرة واحدة بل لمرات، كيف سيكون وقع ذلك عليك؟ هنا يأتي السؤال: هل تقوم كل مرة باستدعاء شخص حضر حادثة القتل ليروي لك القصة كاملة بتفاصيلها؟ كيف ضربوا ابنك؟ وكيف صرخ؟ وكيف سال دمه؟ وكيف نازع الحياة؟ ... الخ كل الحاضرين من الطائفتين قالوا: لا والله لن نقوم بذلك، بل ليست لنا الجرأة لنسأل عن هذه التفاصيل. بل إن المحبين سيحاولون قدر الإمكان إخفاء هذه التفاصيل عن الأب. وبالنسبة لي فإني عندما أقرأ كتاباً في التأريخ الإسلامي وأصل إلى مواضع الفتن التي حدثت بين المسلمين فإنّي إما أتجاوزها أو أقرأها قراءة سريعة فهي بلا شك توجع كل قلب محب للإسلام وأهله. هذا هو ميزان المحبة الحقيقية، وفي الوجه الآخر بتبين أن كل من يحرص على استحضار وقائع ما جرى يوم عاشوراء تلاوة أو سماعاً ليس محباً، واجتراره هذه الوقائع دليل يفضحه.