نبيل عبدالله
يحار المرء ماذا يكتب عن عبدالصمد محمد أمين الغريري، وكيف يبدأ الحديث عن سامي خصاله ورفيع شمائله!
مبعث الحيرة ليس لأن فضائل هذا الرجل الشهم لا تعدُّ ولا تحصى، فحسب، بل لأن شخصيته متنوعة الجوانب، أيضاً، تتوزع بين العسكري والمدني، وبين المناضل والوجه الاجتماعي، وبين الانسان والانسان.
لم تسنح لي فرصة التعرف على أبي زيد في زمن الرخاء واليسر، ولعلها من معاني علاقتنا، فقد عرفته في زمن المحن والشدة، والعسر يكشف معادن الرجال ويفصح عن أعمق مكنوناتهم، وقد كان معدنه نفيساً ومكنوناته نبيلة، كما لم تتهيأ لي فرصة التعامل معه ونحن في بلدنا، بل عرفته في السفر، وكان في سفر دائم، وفي السفر تكتشف رفيقك وتختبر إنسانيته، وكان إنساناً إنسانا.
كما انني لم أتعرف عليه وهو صحيح البدن، بل عرفته يتحامل على مرضه ويعصب جرحه ويتوكل على الله.
هذا الرجل الذي غادرنا، وقصم ظهرنا بفاجعة رحيله، كتلة من وفاءٍ ونبلٍ يمشي على الأرض وحشدٌ من قيمٍ ساميةٍ تجمّعت في رجل، حتى عرف بها وعرفت به.
وإذ أقول هذا عنه فلست ممن يتسرّعون في إطلاق الأحكام على الناس، وإنما بعد تجارب واختبارات، ولا أقوله ابتغاء منفعة أو اتقّاء شر، فقد رحل الرجل عن دنيانا وحسابه على الله الذي لا يزكي النفوس سواه، لكننا نشهد بالحق الذي لمسناه وبالحقيقة التي عرفناها.






