طهران واللعب على أکثر من حبل!

منى سالم الجبوري

قيام 260 نائبا في البرلمان الايراني التوقيع على بيان طالبوا فيه بأن يتضمن الاتفاق المحتمل بين طهران ومجموعة 1+5، سحب الملف النووي الايراني من مجلس الامن الدولي، خطوة جديدة تسعى طهران من خلالها ممارسة الکثير من المناورات السياسية الجديدة وهي في خضم الاستعداد لإتفاق تأمل أن يکون وفق مقاساتها ورغباتها، وعلى الرغم من أنه لايزال هناك الکثير من العقبات أمام التوصل للإتفاق النهائي المنشود لکن يبدو أن هناك أکثر من غاية في نفس طهران وهي تلعب و تناور على أکثر من إتجاه ولاسيما وان الملف النووي وبإعتقاد معظم المراقبين والمحللين السياسيين يعتبر من أهم المرتکزات والاسس التي يعتمد عليها النظام السياسي في إيران للمستقبل.

 

البيان الذي وقع عليه النواب الايرانيون لم يتوقف عند سقف المطالبة بسحب الملف النووي من مجلس الامن الدولي وانما أکدوا أيضا بأنه وفي "حالة نقض الاتفاقية من جانب الغرب، سوف تعتبر إيران الاتفاق ملغيا، وسيتم تخصيب اليورانيوم وفقا للمستويات التي تحتاجها البلاد"، وفي هذا الکلام الکثير من المعاني والايماءات المقصودة، ذلك أن طهران کما يبدو من خلال معظم التصريحات والمواقف التي صدرت عنها بدءاً من المرشد الاعلى خامنئي وإنتهاءً ببيان البرلمان هذا يتم التشديد على نقطة جوهرية واحدة وهي ان الاتفاق يجب أن يکون بالاتجاه والسياق الذي يضمن إستمرار البرنامج النووي.

مراجعة مسيرة 12 عاما من المفاوضات النووية بين طهران ومجموعة 1+5، تثبت دائما حقيقة مهمة تمت ملاحظتها على الدوام من قبل مختلف المختصين بالشأن الايرانيين، وهي ان طهران نجحت کثيرا في مراوغة الدول الکبرى وإدامة المفاوضات بالصورة التي ترتأيها مصلحتها وأهدافها المبيتة وليست وفق ماترتأيه وتطلبه المقاييس والمعايير الحقيقية المطلوبة إتباعها في هکذا حالات خاصة، لکن وان کانت مناورة إشراك البرلمان الايراني في اللعبة و دفعها لکي تقوم هي الاخرى بالمناورة وفق طريقتها الخاصة، غير ان الاهم من ذلك کله، ان هناك مسعى جاد في طهران من أجل الربط بين الملف النووي وقضية مساهمة طهران في الحرب ضد تنظيم داعش خصوصا وان هناك لوبي تابع لطهران ينشط في عدة عواصم عالمية يهدف التسويق لهذا الامر، وفي نفس الوقت يجب أن نشير أيضا الى أن هناك البعض ممن تروق لهم هذه الفکرة ويعتقدون بأنها الطريق للقضاء على تنظيم داعش الارهابي.

الموقف الدولي في المفاوضات والذي يتسم بشيء من الليونة والتساهل، تبذل طهران جل مساعيها في سبيل إستغلاله بالصورة المثلى لصالح أهدافها وغاياتها، وان تنظيم داعش الذي کما يظهر تم تهويله وتضخيمه کثيرا وهناك أکثر من طرف وجهة دولية وإقليمية تقف خلف إستمرار داعش بما فيه طهران نفسها المتورطة بصفقات مشبوهة مع هذا التنظيم على أکثر من صعيد وبأکثر من إتجاه وسياق، وهي کما يبدو تريد الاستفادة من ظاهرة داعش حتى الرمق الاخير.

غير ان الذي يجب أن لاننساه أبدا هو ان داعش وغيره من التنظيمات المتطرفة قد ظهرت بالاساس کرد فعل على التطرف الديني الذي صدرته وغذته و زرعته طهران في العديد من الدول في المنطقة، وهنا من المفيد جدا أن نقتبس جانبا من کلمة الزعيمة الايرانية المعارضة مريم رجوي التي ألقتها في يوم المرأة العالمي في برلين، حيث قالت بشأن إحتمال إشراك طهران في المواجهة ضد داعش (ان الصمت حيال تدخلات الفاشية الدينية الحاكمة في إيران في العراق وسوريا والدول الأخرى في المنطقة، ناهيك عن التعاون معها، بحجة مواجهة داعش يعتبر خطأ استراتيجيا. ومن السذاجة بمكان أن نطلب من الذي أشعل النيران أن يخمدها. بالعكس السياسة الصحيحة هي في قطع أذرع نظام الملالي من العراق وسوريا).

 

نشر المقال هنا

 

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :136,028,253

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"