تكريت.. وماذا بعد؟

نزار السامرائي

قال مراسل لقناة العربية الحدث، إن ميليشيا الحشد الشعبي بدأت بعمليات نهب في تكريت وحرق للمحال التجارية ولدور المواطنين، وأن "الحشد الشعبي" جاءوا بشاحنات كبيرة وفارغة من أجل تحميلها بالمواد المنهوبة من غنائم الحرب على مدن النواصب، ومن غير المستبعد أن تكون كل العملية مدعومة بفتوى من أصدر فتوى الجهاد الكفائي بشرط أن يحوَّل الخمس كاملا كي تكتسب عمليات السطو والسلب والنهب شرعيتها.

كل هذا حصل بعد إخراج تنظيم الدولة الإسلامية من المدينة على الرغم مما أعلنه حيدر العبادي الذي زار تكريت بعد دخول قوات الحكومة وميليشيا الحشد الشعبي إليها، وأطلقه من وعود كاذبة عن تسليم المدينة لأهلها، ولكنه كان كما عهدناه في كل مرة كاذبا أشرا كفارا.

لقد حوصرت تكريت لأكثر من شهر من قبل فيلق زائدا فرقة مكتملة مع 30 ألف من ميليشيا الحشد الشعبي، وما كان لهذه القوات أن تدخل المدينة لولا الإسناد الجوي بأحدث الطائرات الأمريكية وأمهر الطيارين والعتاد الحربي من صواريخ وقنابل ذكية، ومع ذلك فقد استمرت المعركة كل هذا الوقت على الرغم من حضور الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس وأعوانه من عراقيي الجنسية مثل هادي العامري وأبو مهدي المهندس، والذين كانوا قد حضروا في مشهد احتفالي ليلة بدء الهجوم على تكريت وأعلنوا بثقة عالية أن المعركة لن تستغرق إلا سويعات معدودات، ولكن قاسم سليماني اختفى، وانسحب العامري بحجة أن التحالف استأنف قصفه الجوي وهو ما لا يرضونه باعتباره شرطا من شروط مشاركتهم في المعركة!

شخصيا لا أثق أبدا بتقارير قناة العربية الحدث، لأنها قناة تدار بنفس طائفي مقيت ومنحاز إلى جانب إيران فيما يتعلق بالملف العراقي والملف العراقي لوحده، وإن كانت القناة المذكورة ولأسباب تتعلق بالتمويل ومصدره، تقف ضد إيران في الملفات السورية واللبنانية واليمنية، إلا أنها مع العراق مسكونة بشيطان الشرك الأكبر، وتستنهض كل مكامن الكراهية لسنة العراق تحت لافتة الحرب على الإرهاب المزعوم، حسنا ألا يدعو ذلك ألا أثق بهذا التقرير الذي أورده مراسلها من العراق؟!

في ظني أن العربية/ الحدث وعندما تجد أنها قادرة على التستر على أية جريمة حرب ترتكبها الميليشيات الطائفية المرتبطة بإيران، فإنها تفعل ذلك بإصرار عجيب، ولكن من دون مهنية تذكر، بسبب الخزين المتراكم من الضغينة المرتبط بالتاريخ القريب لعلاقات العراق الرسمي قبيل الاحتلال الأمريكي عام 2003 مع أطراف قريبة من قلوب وعقول المشرفين على القناة، والتي لم تطهرها سنوات طويلة من المعاناة والدماء العراقية التي سفكت بتخطيط من التحالفات الدولية التي كانت على الدوام تستهدف العراق من دون بلاد الله الواسعة، وعندما ترى إدارة القناة أن الجريمة أكبر من أن تغطى برسائل الدعاية المقرفة، فإنها تضطر، تحت ضغط الفضيحة، إلى التحدث عنها، من دون أن تفقد الرغبة في التخفيف من آثارها على المتلقي، من هنا جاء تقريرها اليتيم عما حصل في تكريت من انتهاكات متعددة الأساليب كما حصل في جرف الصخر وحزام بغداد ومحافظة ديالى ويثرب والدور وألبو عجيل في محافظة صلاح الدين.

إن روح الانتقام التي تغلي في صدور عناصر ميليشيا الحشد الشعبي تارة تحت لافتة الثأر من صلاح الدين الأيوبي لأسباب لا تخفى على المراقب الحصيف، وتارة تحت لافتة الثأر من صدام حسين بسبب معركة القادسية الثانية، وتارة ثالثة تحت لافتة الانتقام لقتلى سبايكر، كلها تجعل من التحالف الشيعي الحاكم طرفا مسؤولا مسؤولية جنائية وأخلاقية وسياسية عن كل انتهاك حصل من جانب الميليشيات التي تنفذ أجندة إيرانية، ولكنها تغلفها بغلاف ديني ومذهبي، ولهذا لم يكن مستغربا أن يدعو مقتدى الصدر بعد دخول القوات الحكومية والحشد الشعبي إلى تكريت، لمحاسبة المسؤولين عما حصل للمجندين في سبايكر، وكأنه يحّمل المدينة بكل سكانها وممتلكاتها مسؤولية ما حصل وبالتالي أعطى المبرر للسلوك المدان الذي ارتكبته ميليشيا الحشد في تكريت.

إن مشاهدة حيدر العبادي ووزير داخليته في نفس اليوم الذي وقعت فيه عمليات السلب والنهب وإحراق المنازل والمحال التجارية في تكريت، يعتبر مستمسكا جرميا كاملا يوجب إحالتهما إلى القضاء الدولي العادل وذلك لعدم وجود قضاء عراقي عادل.

 

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :136,048,373

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"