هل يفهم أوباما "العرب السنة"؟!‏

سلمان الدوسري

أي هدايا ثمينة هذه التي يقدمها الرئيس الأميركي باراك أوباما لإيران؟

هل انكسر "محور الشر" للدرجة التي يغازل فيها رئيس أكبر دولة في العالم إحدى الدول الرئيسية في المحور؟ 

 

لم يكتفِ أوباما بتتويج فترتيه الرئاسيتين باتفاق "تاريخي" مبهم مع إيران، لم يقنع بإطلاق يد طهران في العراق وغض النظر عن نشاط ميليشيا الحشد الشعبي في العراق والتابعة لقائد فيلق القدس في الحرس الثوري قاسم سليماني، وهو الآن لا يكتفي بأن يقلب الصفحة بادئًا مرحلة جديدة مع طهران، وإنما يأتي ليقول لـ"العرب السنة" إيران ليست خطراً عليكم، كما في المقابلة التي تنشرها "الشرق الأوسط" اليوم (وتعيد وجهات نظر نشرها هنا)، فـ"التهديدات الحقيقية" تأتي من داخل دولكم. أما الغريب في خطاب السيد أوباما تكراره لعبارة "العرب السنة" أو "الدول السنية"، وهو وصف فيه اختزال طائفي، عندما يتم حصر دول بأكملها في هذا المصطلح، بالمقابل لا يصف إيران بأنها دولة شيعية.

أي مفاجآت ما زلنا ننتظرها منك سيد أوباما؟!

من صنّف إيران دولة ضمن محاور الشر واشنطن وليس غيرها، من اعتبر إيران دولة راعية للإرهاب واشنطن وليس غيرها، من حذَّر العالم من التعامل مع إيران وعاقبها اقتصادياً واشنطن وليس غيرها، من اعتبر إيران أعتى الأعداء واشنطن لا غيرها، وما دامت طهران بكل هذا الشر، كيف يستقيم أن تتحول إلى دولة لا تشكل خطرًا كبيرًا على جيرانها فجأة، فقط لأنها وقّعت اتفاقاً نووياً؟ هل يتوقع أوباما أن يصدق الخليجيون تلميعه لإيران وهم الذين اكتووا بنار تدخلاتها ورعايتها للإرهاب، وهي من تشكل خطرًا حقيقيًا عليهم وعلى شعوبهم منذ 36 عامًا؟

ليتهم لم يقدموا جائزة نوبل للسلام للرئيس أوباما، فهو من بعدها يخلط الأمور للدرجة التي قلب فيها مفاهيم السلم والحرب. والآن وبعد الاتفاق النووي مع إيران لا يُطمئن دول الخليج بالأفعال، ولا حتى بالأقوال، بل إنه يتبنى ما تدعيه إيران من أنها ليست خطرًا على دول الخليج.

الحقيقة أن انقلاب المفاهيم لدى السيد أوباما لا يقلق الخليجيين وحدهم، أو من يسميهم الرئيس الأميركي "العرب السنة". حتى الجمهوريون الأميركيون يخشون من خطورة رئيسهم، فقد أظهر استطلاع أجرته "رويترز إبسوس" أن ثلث الجمهوريين يعتقدون أن باراك أوباما يمثل تهديدًا للولايات المتحدة بشكل يفوق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وبشار الأسد. فإذا كان مواطنوه أنفسهم لا يثقون به وبسياسته، كيف للآخرين أن يفعلوا ذلك؟!

ارتكبت الإدارة الأميركية خطأ دبلوماسياً كبيراً، خلال مفاوضاتها مع إيران، بإرسال رسالة غير مباشرة بأن الولايات المتحدة غير قادرة على شن حرب ضدها بسبب مشروعها النووي، ليت واشنطن اكتفت بذلك وليتها اكتفت بتوقيعها اتفاقاً معها، لكنها ترمي الكرة في ملعب الخليجيين وتقول لهم لا تقلقوا من إيران فهي لا تهددكم، لم يبقَ إلا أن يقدم السيد الرئيس نفسه كوسيط بين "حلفائه" الخليجيين وأصدقائه في طهران!

يا سيدي الرئيس لا أحد ينكر وجود تحديات داخل المجتمعات الخليجية وتستحق من حكوماتها الالتفات لها وعدم تركها تتصاعد ككرة الثلج، الجميع متفق على ذلك، حكومات وشعوباً، إلا أن تعظيمها للدرجة التي تصبح "سخطًا" وأخطر مما تفعله إيران في دول المنطقة، مقاربة لا تليق برئيس أكبر دولة في العالم.

 

نشر المقال هنا

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :136,058,132

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"