6-كما اشرنا فان جوهر الدعاية الايرانية هو ما قاله الكاتب العربي المشار اليه اي التساؤل بخبث مفضوح: لم تتجه اسلحة العرب الى (إسرائيل) واتجهت لليمن؟ ولغباء معمم هذا التوجيه الاعلامي الفارسي فانه نسى اهم شيء وهو : لم اتجهت (إسرائيل الشرقية)، وقبل ان تتجه بنادق العرب لطرف غير (إسرائيل) الغربية، الى غزو العراق تحت غطاء نشر (الثورة الاسلامية) واسقاط النظام الوطني في العراق ؟ ولم عززت (إسرائيل الشرقية) قبضتها على سوريا ولبنان ؟ ولم صعدت تأمرها على البحرين؟ ولم نشرت دعايتها بالمال الحرام في الكثير من الاقطار العربية وتركت (إسرائيل) وامريكا مع انها تصفهما بالشيطان الاكبر والشيطان الاصغر ؟
عندما يحاججكم احد بطريقة الكاتب العربي فتأكدوا انه لا يريد ان يرى ان الحرب بدأت شاملة ضد القومية العربية ما ان وصل خميني للحكم وفرض حربا عدوانية على العراق وبسببها حصل الانقلاب الستراتيجي الاخطر في الوطن العربي والشرق الاوسط والعالم وحلت حروب الطوائف والاثنيات محل حروب التحرر الوطني التي كانت موجهة ضد الكيان الصهيوني وداعميه وناهبوا ثروات الامة العربية .
(إسرائيل الشرقية) تسمح لنفسها ان تغزو وتحتل وتعتدي وتعمل رسميا وعلنيا لاسقاط انظمة عربية لكنها لا تسمح لاحد بمهاجمة اي جماعة تتبعها ، وعندما يدافع العرب عن حياتهم ويردون على من يشن الحرب عليهم او يتعمد خنقهم بالسيطرة على منافذهم الستراتيجية وتطويقهم من كافة الجهات تمهيدا لما اعلن رسميا من قرار اسقاط الحكم في اكثر من قطر عربي ترتفع عقيرة نغول ايران بالصراخ : ابقوا سلاحكم ل(إسرائيل) ولا تستخدموه ضد اخرين غيرها !
ولسنا نلوم (إسرائيل الشرقية) على هذه النظرة الاحادية للمواضيع بل نوجه الاتهام لعرب يكررون نفس المنطق مع انهم يشاهدون اقطارا عربية تذبحها (إسرائيل الشرقية) الان وفي العقد السابق ، وتجاهل عرب الحقائق الميدانية وتمسكهم بالدعاية الفارسية هذه يشكل عنصر ادانة قوية لهم بانهم اما ينحازون لطائفتهم وليس لوطنهم وقوميتهم وهذه ردة كاملة عن النهج الوطني ، او انهم مرتزقة يريدون المحافظة على المال الذي تقدمه طهران لهم بسخاء امثال من مازالوا يتظاهرون بانهم ينتمون للتيار القومي العربي لكنهم يدعمون الفرس ضد العرب في ممارسة بشعة لاوضح عهر ضمير ، او انهم استسلموا لابتزاز القوة الفارسية !
فاذا كان منطق طهران صحيحا وهو ان البنادق كلها يجب ان لاتتجه الا لتحرير فلسطين فلم لم تتجه بنادق (إسرائيل الشرقية) الى (إسرائيل) الغربية رغم مرور اكثر من ثلاثة عقود ؟ بل لم لم تطلق رصاصة واحدة ضدها رغم الضجيج الهائل؟ الحوثيون يعتدون ويتوسعون بأمر فارسي ويرفعون شعارات (الموت لامريكا) و (الموت لإسرائيل) وهي شعارات تخلت عنها سيدتهم (إسرائيل الشرقية) ثم يدعمهم جمال بن عمر ممثل الامم المتحدة – وهذا يعني تابع لامريكا – في تأكيد لا يقبل الجدل على ان امريكا كانت تريد للحوثيين التوسع والاحتلال.
ورغم ذلك فان امية الحوثيين وسذاجتهم المفرطة تتجلى في اتهامهم لكل من يكشف جرائمهم ب(انه عميل لامريكا والصهيونية) حتى لو كان الذي قاتل امريكا واجبرها على الانسحاب من العراق في تكرار بالغ الغباء للدعاية الايرانية التقليدية وكأن العالم لا يرى مثلهم ان سيدتهم تعقد الصفقات مع (إسرائيل) وامريكا بلا توقف منذ تسليم الحكم لخميني وحتى الان .
والاغرب الذي يكشف ما بقي مستورا هو ان (إسرائيل الشرقية) تجاوزت (إسرائيل) الغربية في غزاوتها الاستعمارية في الارض العربية وفاقتها في بشاعة جرائمها فهي تحتل الان اراض عربية اكبر من فلسطين بعشرات المرات ، وقادتها وادواتها الاعلامية وليس يونسي فقط يفاخرون بغزو اقطار عربية ! لنستمع لما قاله قادة (إسرائيل الشرقية) علنا : مستشار الرئيس الايراني ووزير الاستخبارات السابق يونسي يقول ان الامبراطورية الفارسية قامت وعاصمتها بغداد ! الوزير علي شمخاني يقول باننا الان نتحكم باربعة اقطار عربية ! قائد الحرس الثوري يقول بأن سيطرة ايران تمتد من طهران الى لبنان ! قاسم سليماني يتجول بين العراق وسوريا يقود معارك ضارية هو وجيشه الفارسي ضد الشعب العربي في القطرين ! هذه اعترافات ووقائع وليست اماني مضمرة ولا توقعات تحليلية .
اما جرائم (إسرائيل الشرقية) ونغولها العرب فهي انذار لكل عربي كي يستعد لحماية نفسه ووطنه وعائلته وهويته فما جرى في تكريت وقبلها في ديالى جرائم بشعة لم ترتكب (إسرائيل) الغربية جرائم ببشاعتها فالى جانب التمثيل بالجثث لمدنيين قتلوا لاسباب طائفية فانهم يتفنون بممارسة انواع سادية من التعذيب للضحايا ويصورون تلك المشاهد البالغة الوحشية والتي تجاوزت مرات جرائم الارهاب الدموي المعروفة ، اما تهجير الملايين من العراقيين والذين وصل عددهم الى عشرة ملايين عراقي عربي فهو اشارة الى عمليات منظمة للتطهير العرقي العنصري المبرقعة بغطاء طائفي زائف، بل ان الاف العوائل التي هجرت تحت غطاء محاربة داعش لم يسمحوا لها بالعودة الى مدنها وقراها وبيوتها وجلب الاف الفرس وغير الفرس للسكن في مناطقهم وقراهم وبيوتهم!
بالاضافة لذلك فان ملايين العراقيين شاهدت افلاما وصورا عن النهب الشامل لالاف البيوت في تكريت والتي لم تقتصر على ماخف حمله وغلى ثمنه بل نهبوا حتى الابقار وسرقوا السيارات ونقلوها عبر النهر الى مناطقهم ! لهذا فان العراقي وهو يرى هذه الجرائم يصل لنتيجتين الاولى ان دورهم في القتل والتعذيب البطئ حتى الموت قادم مهما تأخر ، والثاني ان (إسرائيل) الغربية لم تتجرأ على ارتكاب مثل هذه الجرائم وبهذه الطريقة الاستعراضية ، فماذا يتوقع الفرس ونغولهم العرب ان يكون رد فعل العراقي وهو يرى ان تحالفا عربيا شرع بضربهم لابعاد خطرهم عنه وعن بقية العرب ؟ دون ادنى شك فان رد الفعل العربي العام خصوصا في العراق وسوريا هو دعم الضربات لانها تبعد عنه خطرا مميتا لم يسبق له مثيل بوحشيته.
إذن واجبنا الاول الان هو ان نحمي اقطارنا من الاحتلال ان لم تكن محتلة وان احتلت نطرده ونمنع تقسيم اقطارنا وتشريد المزيد من العرب وايا كانت هوية المحتل فارسيا او صهيونيا او امريكيا ، وهو ما فعله شعب العراق ومقاومته الباسلة التي طردت امريكا بالقوة والان تناضل بكافة الوسائل لطرد (إسرائيل) الشرقية ، دون ان يعني ذلك التخلي عن فلسطين لانها جزء اصيل من الوطن العربي .
المسألة هنا هي تغيير الاولويات القتالية وليس تغيير قيمة قضايانا المتعددة والمترابطة عضويا وهي تغيرت نتيجة الانقلاب الستراتيجي الذي حدث بسبب اصرار نظام الملالي على توجيه كل بنادقه نحو الوطن العربي وليس نحو (إسرائيل) الغربية ! بل انه اعتمد رسميا وبعلم خميني شخصيا على الدعم (الإسرائيلي) الغربي لنظامه في حربة العدوانية ضد العراق . بتعبير اخر ان الذي تغير هو ساحات الصراع الرئيسة الاكثر خطورة وليس انهاء الصراع الاساس والاقدم وهو الصراع العربي الصهيوني ، فقضايا الامة مترابطة عضويا ولاتترك بالتقادم وانما هي باقية في الستراتيجية القومية التحررية ولكنها تخضع لترتيب في الاولويات يعتمد على تحديد اين يكون الخطر المباشر والرئيس والعاجل .
عندما يواجه العراقي او السوري او الليبي تحدي الابادة والتهجير وتغيير الهوية القومية والوطنية وتقسيم قطره فليس ممكنا عمليا ان يقاتل في جبهتين ومع عدوين في وقت واحد خصوصا وان الاعداء كثر واقوى منا في اغلب اوجه الصراع ويكون مجبرا وليس مخيرا على التركيز على العدو الذي يطلق عليه النار الان . وعندما نتذكر ان العراقي والسوري وكل عربي اخر عندما كان يواجه تحديات ثانوية مقارنة بالتحدي الصهيوني كان يعد دعم النضال الفلسطيني واجبة الاول وهذا امر معروف توج باعتبار القضية الفلسطينية قضية العرب المركزية من قبل الجماهير العربية وقواها الوطنية وكل الانظمة العربية بل ان اكثر الانظمة محافظة كانت الممول الرئيس للمقاومة الفلسطينية وهذه حقيقة معروفة .
اما الان وقد اصبحنا ضحايا صهيونية اخرى اشد خطرا وقسوة ووحشية واكثر اصرارا على الغزو والابادة من الصهيونية اليهودية وهي الصهيونية الفارسية فاننا مضطرون لخوض حرب دفاعية مفروضة علينا منذ وصل خميني الى الحكم . فهل هذه بديهية يمكن تجاهلها ؟ وما سبق تأكيده بديهيات حربية وستراتيجية معروفة فعندما يواجه قائد عسكري يخوض الحرب ان الاعداء اصبحوا كثر وان جيهات عديدة فتحت عليه فانه يلجأ للعمل بكافة الوسائل لغلق الجبهات الاقل خطورة والتركيز على الجبهة الاخطر لحين انتهاء المعركة في الجبهة الرئيسة .
وما يجب لفت النظر اليه هو ان الرد العربي التاريخي ضد الحوثيين جاء بعد ان تعاقبت وتسارعت عمليات احتلال الفرس لاكثر من قطر عربي وبدعم امريكي وصهيوني كاملين ، فبعد تسليم امريكا العراق الى (إسرائيل الشرقية) في نهاية عام 2011 ، وهي خطوة بالغة الخطورة ، قامت امريكا بمساعدة الفرس على احكام قبضتهم على سوريا بمساعدة انقلاب في الموقف الامريكي من الانتفاضة السورية فبعد ان كانت امريكا تصر على اسقاط نظام بشار واذا بها في عام 2012 تنقلب على نفسها وتتبنى موقف الحل السلمي للازمة السورية رغم ان المعارضة وصلت الى داخل دمشق واخذت تقصف القصر الجمهوري وانهار بشار واخذ يقدم تنازلات مهينة ، وفي هذه اللحظة الحاسمة غيرت امريكا موقفها ورفضت تنفيذ وعودها لفصائل في المعارصة السورية بتزويدها بسلاح نوعي كما اسمته مصادر امريكية من اجل اسقاط نظام بشار ، مما ادى الى تقوية النظام السوري وتوسع دعم ايران له بدخول قواتها رسميا الى سوريا وتحويل حزب الله كل اسلحته ضد الشعب السوري بدل التوجه الى (إسرائيل) الغربية ! ثم جاء الغزو الحوثي لليمن ليؤكد بان هناك خطوات اخرى اكثر خطورة .
ان الاطراف التي اشعلت الفتن في الاقطار العربية خصوصا في العراق وسوريا وليبيا واليمن او شاركت فيها تتحمل المسؤولية كامل عن توجيه بنادق العرب لغير (إسرائيل) الغربية ، كان هدف تلك الاطراف المقرر هو ابعاد العرب عن مواصلة النضال من اجل فلسطين بدليل ان المتضرر الاكبر من اشغال العرب بفتن كارثية هو الشعب العربي الفلسطيني في المقام الاول .
هل عرفتم الان من هو المسؤول عن تغيير اتجاه البنادق العربية ؟ انه (إسرائيل الشرقية) التوأم الطبيعي ل(إسرائيل) الغربية والاداة الرئيسة في تنفيذ اخطر خطط الصهيونية الامريكية وهي خطة تقسيم الاقطار العربية طائفيا وعنصريا في تطبيق منهجي لسايكس بيكو الثانية .
نكرر : لا نلوم (إسرائيل الشرقية) على كل ما تفعله بنا من جرائم غير مسبوقة على امتداد التاريخ فالمستعمر يقوم بكل شيء من اجل الغزو ، ولكننا ننظر بازدراء واحتقار لكل عربي يدافع عن (إسرائيل الشرقية) ونغولها العرب بعد كل ما حصل .