تنويه تمهيدي من هيئة التحرير
ننشر هنا، على ثلاث حلقات، ملفاً يتضمن أربع مقالات عن الإتفاق الإطاري الأخير المبرم بين إيران والقوى الغربية، بشأن البرنامج النووي الإيراني.
وقد يكون ضرورياً التنويه، على أننا، في وجهات نظر، لا نتبنى كل ما ورد في هذه المقالات، ولكننا وجدنا انه من المفيد أن يطلع عليها القارئ العربي، لتكوين صورة جيدة عن الموضوع من جوانب مختلفة، ومن هنا كان قرارنا بنشرها دون أي تدخل تحريري من قبل هيئة التحرير.
فهذه المقالات تمثل رؤية غربية، أميركية تحديداً، للاتفاق وعامل النقص والإخفاق فيه، وردود الأفعال الإيرانية بشأنه.
أُعدَّت هذه المقالات من قبل معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، وهو مؤسسة بحثية استخبارية أميركية مهمة، ونشرت على الروابط المدرجة في أسفل كل مقالة.
ونرفق بهذا الملف خريطة تمثل التوزيع الجغرافي، الدقيق والحالي، للمنشآت النووية الإيرانية المعروفة، في العام 2015، وهي خريطة تفصيلية مرجعية بحق.
مع التقدير
العوامل الناقصة في اتفاق الإطار النووي الإيراني
مايكل سينغ
من خلال الإعلان عن "المعايير الأساسية لـ «خطة العمل المشتركة الشاملة»"، أوْلى الرئيس الأمريكي باراك أوباما ووزير خارجيته جون كيري، ونظرائهم الدوليون الكثير من الاهتمام لطبيعة الاتفاق التاريخية. ولكن هل يشكل هذا الاتفاق انتصاراً تاريخياً أم خطأً تاريخياً؟ هل هو عبارة عن صفقة جيدة أم صفقة سيئة؟ الإجابة الأوضح هي أنه لا يشكل صفقة على الإطلاق. إذ لم يوقّع أي طرف على اتفاق الإطار الذي أُعلن عنه الخميس والذي من المفترض أن يكون عرضة للتغيير. ويبقى من المقرر التفاوض حول الاتفاق النهائي بحلول 30 حزيران/ يونيو، على الرغم من أنه قد يتبيّن أن هذا الموعد الأخير يتمتع بليونة ما - مَثله مثل كافة المواعيد النهائية السابقة. وسيتم التفاوض على التفاصيل الحيوية في الأسابيع المقبلة.
إن الرئيس أوباما، والمناصرون الآخرون للاتفاق، سيعملون على جعل الجمهور يقارن ما بين هذه النتيجة وبين اندلاع حرب مع إيران. ومن بين هذين الخيارين، من المؤكد أن يميل العديدون إلى الترحيب بالصفقة. إلا أن المتحدث الرسمي باسم البيت الأبيض جوش إرنست قال يوم الأربعاء المنصرم، إن بدائل أخرى كانت قيد الدراسة، بما فيها زيادة العقوبات أو تمديد المحادثات.
إذا قارن المرء بين المؤشرات التي أُعلن عنها الخميس وبين المواقف التفاوضية الأمريكية السابقة، سواء في عهد الرئيس أوباما أو الرئيس السابق جورج بوش الإبن، فإن الأمر يبدو أقل من يكون انتصاراً. فقد قدمت الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن + ألمانيا تنازلات كبيرة، بما فيها السماح لإيران بالاحتفاظ بمرافق بُنيت بشكل غير قانوني في مُنشأتي فوردو وآراك، وبالحفاظ على مخزونها من اليورانيوم المخصب، وبالتخلص بشكل تدريجي من معظم القيود بعد عشرة أعوام. وستبرّر الإدارة الأمريكية ذلك بأنه كان من الأجدر السيطرة على هذه العوامل (رغم أنه من المبالغة وصفها، كما فعل وزير الخارجية جون كيري، على أنها تعادل "استسلاماً" إيرانياً) ولكن تحقيق ذلك كان ببساطة غير ممكن.
عند التمعّن بمضمون الاتفاق بدلاً من مقارنته بما سعت الولايات المتحدة إلى تحقيقه في الماضي، فإن اتفاق الإطار يغطي بالتأكيد نطاقاً أوسع من الذي كان المشككون يخشونه. ومع ذلك، لا تزال هناك أسئلة هامة قائمة حول كافة القضايا الرئيسية تقريباً التي يعالجها الاتفاق وهي: ما هو مصير اليورانيوم الإيراني المخصب الزائد والمخزون الحالي من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 بالمائة؟ ما هي الجوانب التي ينبغي على إيران الكشف عنها وتأمين الوصول إليها من أجل "معالجة" الأسئلة المتعلقة بأبحاثها في مجال الأسلحة النووية؟ وما هي الترتيبات التي سيتم اتباعها عندما تطلب "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" الوصول إلى موقع مشبوه؟ وأي العقوبات سيتم رفعها وفي ظل أي ظروف؟ وكيف ستتم، من الناحية العملية، "إعادة فرضها" في حال وقوع أي انتهاكات؟ وكيف سيتم تحديد "الانعدام الكبير للأداء" من جهة إيران؟ إن كيفية معالجة هذه الأحكام تشكل عاملاً حاسماً في تقييم قيمة الاتفاق.
وفي كثير من النواحي، يُعتبر أن ما تم حذفه لا يقل أهمية عما تم إدراجه. فالإدارة الأمريكية قد تأمل بأن يمهد ذلك الطريق لقيام علاقات ثنائية أفضل، إلا أن هذا الاتفاق الضيق النطاق والأولي والمؤقت لا يعالج الدعم الذي تقدمه إيران للإرهاب، ولأنشطتها الإقليمية المزعزعة للاستقرار، ولبرنامجها المتعلق بالصواريخ الباليستية (وهي قضية ساعدت في إفساد اتفاق مماثل مع كوريا الشمالية في التسعينيات وفي العقد الأول من القرن الحالي). وبالتالي، لن يضمن هذا الاتفاق بحد ذاته "التحول الاستراتيجي لإيران" الذي سعت إليه [الولايات المتحدة ودول أخرى] منذ فترة طويلة.
وبالتالي، لا يجب التوصل فقط إلى التفاصيل المتعلقة بالاتفاق النووي في الأسابيع المقبلة. إذ لا بد للإدارة الأمريكية أن تحدد، بالتعاون مع الكونغرس، كيف ستعالج مخاوفها الأوسع نطاقاً حول إيران في بيئة من الضغط المتراخي وكيف ستطمئن حلفاء الولايات المتحدة حول إلتزام واشنطن تجاههم وتجاه الشرق الأوسط في أعقاب اتفاق سيعتبره الكثيرون على أنه مضاد لمصالحهم. إذا أرادت الولايات المتحدة الحفاظ على التقدم الدبلوماسي، سيتوجب عليها إقناع المنتقدين على الصعيد الداخلي بعزمها على إخضاع طهران للمساءلة وإعادة بناء إجماع ثنائي حول إيران كان قد ضعف بشدة على مدى الفترة الماضية التي زادت عن عام واحد.
نشر المقال هنا
التراسل الداخلي الإيراني حول المحادثات النووية
مهدي خلجي
في 31 آذار/ مارس، قال كبير المفاوضين النوويين الايرانيين عباس عراقجي إلى التلفزيون الحكومي أنه "لن يكون هناك اتفاق دون تخفيف العقوبات". وتطرق إلى الموضوع بالتفصيل قائلاً:
"ينبغي رفع جميع العقوبات ... ونحن نصر على أنه في المرحلة الأولى من الاتفاق، يجب رفع جميع العقوبات الاقتصادية والعقوبات النفطية والعقوبات المفروضة على النظام المصرفي. وفيما يتعلق بعقوبات أخرى أيضاً، يجب أن يكون هناك إطار محدد [لرفعها] من أجل أن يكون واضحاً [متى ستنتهي]. ودون [وجود] احتمال واضح ودقيق لتخفيف العقوبات، فلن نوافق على الاتفاق ... حققنا تقدماً في المفاوضات حول تخفيف العقوبات، لكن الأمر لم يكتمل بعد".
وتشير هذه الرسالة - الموجهة إلى الجمهور المحلي باللغة الفارسية وليس إلى واشنطن أو المجتمع الدولي - إلى أن النظام يقدم للشعب الإيراني صورة غير واقعية عن المحادثات النووية ونتائجها المحتملة. وربما الأمر الأكثر أهمية أنه من خلال وضع المسؤولية بصورة استباقية على عاتق الولايات المتحدة، فإن مثل هذه الرسائل قد تعطي طهران وسيلة لتقليل التداعيات السياسية في الداخل في حال فشل المفاوضات. وأياً كان الأمر، يمكن لهذه التصريحات وأمثالها أن تؤثر على الجهود الجارية حالياً للتوصل إلى اتفاق.
وتشير دعوة عراقجي أيضاً حول رفع جميع العقوبات، إلى أن النظام يتفاوض بما يتخطى البرنامج النووي، أو على الأقل يصوّر نفسه على أنه يفعل ذلك. فبعد تصنيف إيران كدولة راعية للإرهاب في عام 1984، أصدر الكونغرس الأمريكي سلسلة من العقوبات الاقتصادية والسياسية ضد النظام. وفي 1 نيسان/أبريل، أصرت إدارة أوباما مراراً وتكراراً على أن المفاوضات الحالية تقتصر على البرنامج النووي ولن تتناول قضايا أو عقوبات أخرى، بما فيها التدابير المتعلقة بدعم طهران للجماعات الإرهابية، أو سياساتها الإقليمية التخريبية، أو انتهاكاتها لحقوق الإنسان في الداخل. بيد، تشير تصريحات عراقجي وغيره من المسؤولين في الجمهورية الإسلامية إلى أن إيران تحاول طرح هذه المسائل خلال المحادثات، ربما باستخدام البرنامج النووي كوسيلة ضغط لإنهاء جميع العقوبات الاقتصادية والسياسية المفروضة عليها منذ عام 1979.
ونظراً للطبيعة المتشابكة للعقوبات، فإن رفع أي منها - ناهيك عن جميعها - سوف يكون أمراً معقداً. على سبيل المثال، إن بعض العقوبات ذات العلاقة النووية التي فُرضت من قبل "قانون العقوبات الإيرانية الشاملة والمحاسبة وسحب الاستثمارات" الصادر عام 2010 " تستهدف أيضاً "المعاملات المتعلقة بدعم إيران للإرهاب". ولذلك قد يتطلب رفع عقوبات معينة قيام الحكومة الأمريكية بالإقرار بأن طهران أو مسؤولين إيرانيين معيّنين أو كيانات إيرانية محددة قد توقفوا عن دعمهم لأعمال الإرهاب الدولي. ويرضخ النظام أيضاً تحت سلسلة من العقوبات لانتهاكه حقوق الإنسان. وقد يتطلب رفعها إعطاء ضمانات قوية بأن إيران سوف تعمل على إصلاح نظامها القانوني وتعتمد مبادئ مثل حرية التعبير والحرية السياسية. ولا يبدو أن طهران على استعداد [حتى] عن بُعد لتأييد مثل هذا التحول السياسي الأساسي، لذلك فإن إصدار دعوات مستمرة لرفع جميع العقوبات قد يقوّض الجهود الرامية الى صياغة وتنفيذ وفرض إتفاق نووي قابل للتطبيق.
نشر المقال هنا






