اللاعبون في بغداد وصنعاء!

جاسم الشمري

أنظار العالم تتجه هذه الأيام نحو اليمن الشقيق، بسبب الهجمات الجوية، التي نفذتها العديد من ‏أقطار الخليج العربي، ضمن تحالف عاصفة الحزم، للقضاء على إرهاب الحوثيين، الذين ‏طغوا وتناسوا حجمهم الحقيقي، وصاروا يحلمون بحكم البلاد، بقوتهم غير المنظمة، وبأموال ‏أجنبية طبعت بمداد دماء الأبرياء في العراق وسوريا.‏

 

المراقب للأحداث المؤلمة في كل من العراق واليمن يمكنه ملاحظة أن ذات الأيادي تعبث هنا ‏وهناك، وأن ذات الخطط الإستراتيجية تنفذ هنا وهناك، وأن التوجهات واحدة، والأموال مصدرها ‏واحد، وأن العمامة والقبعة اتحدتا في هاتين الدولتين.‏

وهنا يمكن أن نؤكد على أن:‏

‏- الأطراف الفاعلة حالياً في بغداد وصنعاء - الميليشياوية منها والسياسية - غالبيتها تأتمر بأوامر ‏اللاعب المعمم، الذي يقف معهم بحجة دعم المذهب، ونشر الفكر، الذي يؤمن به.‏

هذا اللاعب المعمم هو الآن في حيرة من أمره بعد أن تحجم دور الحوثيين في اليمن، وبدأ ‏يصرخ دبلوماسياً ويستعين بحلفائه، ولذلك رأينا أن رئيس حكومة بغداد السيد حيدر العبادي دعا ‏‏"جميع الفرقاء في اليمن إلى الحوار الجاد، لإنقاذ البلاد من التدخلات العسكرية الأجنبية، التي لا ‏تزيد الأوضاع إلا سوءاً وتعقيداً".‏

وهنا نُذكر السيد العبادي بالقوات الإيرانية والأجنبية المتواجدة بصورة علنية في العراق، أم أن ‏هؤلاء هم جزء من الشعب العراقي؟!‏

‏- التناغم بين العمامة الإيرانية والقبعة الأميركية صار واضحاً في العراق، والتنسيق بينهما بدأ ‏في مرحلة ما قبل الاحتلال الأميركي للعراق، وبعد الاحتلال صار اللعب على المكشوف، ‏وبمستويات مختلفة إلى أن وصلنا لمراحل اللعبة النهائية، التي بارك فيها زعماء أميركان التدخل ‏الإيراني في العراق طالما أنه كان (إيجابياً)، وهذا يُنهي خرافة العداء الإيراني مع (الشيطان ‏الأميركي الأكبر).‏

جزء من هذه اللعبة ذكرته صحيفة لوس انجلوس تايمز، التي بينت أن ( الولايات المتحدة حيرت ‏عقول المراقبين السياسيين في العالم، في كونها تؤيد عملية عاصفة الحزم لضرب النفوذ الحوثي ‏المؤيد لإيران، ولكنها تدعم بكل قوة - سياسياً وعسكرياً - الميليشيات الإيرانية العاملة في العراق، ‏فكيف تستطيع أميركا أن تكون في خندقين متصادمين في وقت واحد)؟!‏

التمدد الإيراني بالمنطقة تحقق على حساب العراقيين والسوريين والخليجيين ضمن صفقة الملف ‏النووي، وعليه سنرى الاخطبوط الإيراني يمد أطرافه في المنطقة بقوة وأمان.‏

‏- الهزيمة الإيرانية الواضحة في اليمن عبر ممثلهم الوحيد هناك، سنرى أثرها انتقاماً إيرانياً في ‏الساحتين العراقية والسورية، وستحاول إيران - عبر حلفائها العسكريين - أن ترسل رسائل تهديد ‏للسعودية، ولدول التحالف الأخرى، وستلعب إيران – كالعادة - على الوتر الطائفي، الذي صار ‏ورقة محروقة لا أثر لها، إلا على من يستلمون رواتبهم من طهران.‏

الموقف الإيراني الداعم للحوثيين صرح به أكثر من زعيم إيراني، ومنهم رئيس مجمع تشخيص ‏مصلحة النظام "هاشمي رفسنجاني"، الذي نقلت عنه الوكالة الإيرانية الرسمية "إيرنا"، أنه اعتبر ‏عاصفة الحزم (خطأ إستراتيجياً)، وأن (العدوان السعودي علی الیمن، وتداعيات الحرب ‏وعواقبها ستشكل خطراً کبیراً على مثیري الفرقة في أرجاء العالم الإسلامي، وأن المسؤولین ‏السعودیين دخلوا حرباً مدمرة من دون دراسة، ودون الأخذ بعین الاعتبار العواقب المشؤومة ‏لإشعال شرارة الحرب في المنطقة).‏

وهذا الكلام يحمل في طياته العديد من رسائل التهديد، لا أقول غير مباشرة، بل المباشرة، وبلغة ‏واضحة.‏

القلق الإيراني على الحوثيين دفع الرئيس الإيراني للمطالبة بوقف الضربات الجوية، وهذا ما ‏رفضته السعودية، التي أكدت، أنها جاءت لليمن " لمساعدة السلطة الشرعية، وإيران ليست ‏مسؤولة عن اليمن".‏

التدخل الإيراني دفع العديد من زعماء المنطقة للحديث عن أن "إيران تبدو وكأنها تريد أن تجعل ‏المنطقة تحت هيمنتها وسيطرتها، فهل يمكن السماح لها بذلك"؟!‏

الأطراف اللاعبة في صنعاء وبغداد هي التي تهدد الأمن والسلم المجتمعي في كلا البلدين، وعلى ‏العقلاء وضع القيود اللازمة الكابحة لطيشهم، الذي ربما لا تتوقف آثاره في حدود هذين البلدين.‏

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :135,617,080

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"