لماذا على دول #الخليج_العربي أن تقلق من بيع #روسيا منظومة (أس- 300) إلى #إيران ؟

علي حسين باكير

خلال الأسبوع الماضي أعلنت موسكو أنها رفعت الحظر عن تصدير منظومة (أس-300) إلى طهران بعدما كانت قد أوقفت عملية بيعها إليها في العام 2010 إثر العقوبات التي أقرها مجلس الأمن على النظام الإيراني آنذاك. رغم أن البعض فسّر الأمر على أنه خطوة استباقية لتعزيز مكانة روسيا كبائع أساسي للأسلحة والمعدات العسكرية لإيران قبيل التوقيع النهائي على الاتفاق النووي الأميركي–الإيراني، كما قال ليونيد ليفاشوف وهو جنرال روسي متقاعد ويرأس حالياً مركز التحليلات الجيوسياسية في موسكو، إلا أن الأمر له أبعاد أكبر من ذلك بكثير.

 

 

يجب أن نأخذ بعين الاعتبار أيضاً أن الإعلان عن إعادة العمل بهذه الصفقة يأتي بعد انطلاق عملية «عاصفة الحزم» بقيادة المملكة العربية السعودية. قبل عدّة أيام فقط، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتن في مقابلة أجريت معه «إذا ما أخذنا بعين الاعتبار الأحداث التي تجري في اليمن، فإن هذه المنظومة ستعدّ عنصراً واقياً».

صحيح أن (إسرائيل) بدت منزعجة من الصفقة لكن الصفقة باعتراف بوتن نفسه غير موجّهة ضد (إسرائيل) ولا يجب أن تقلقها، أضف إلى ذلك أن (الإسرائيليين) أنفسهم كانوا قد صرحوا بأنّهم يمتلكون الحل الناجع للتغلب على هذا النظام حال وصوله إلى إيران، وهي مزيج من قدرات طائرات (أف-35) الحديثة وأنظمة تشويش رادارية متطوّرة.

إذا لم تكن (إسرائيل) هي المستهدفة بهذه المنظومة، وإذا كان قرار استئناف الصفقة قد اتخذ بعد حملة عاصفة الحزم فهذا يعني أن دولا إقليمية أخرى هي المستهدفة بها وعلى رأسها دول الخليج العربي وتركيا!

تركّز دول الخليج العربي في تطوير قدراتها العسكرية الدفاعية على أنظمة الدفاع الصاروخي ولاسيَّما (باك-3) و (ثاد)، وذلك لمواجهة الترسانة الصاروخيّة البالستيّة المتزايدة للنظام الإيراني. أمّا من الناحية الهجومية، فهي تركّز على تطوير قدراتها وقوّاتها الجويّة.

تمتلك الإمارات والمملكة العربية السعودية على سبيل المثال واحداً من أهم الأسراب المقاتلة في منطقة الشرق الأوسط على الإطلاق بعد (إسرائيل)، عمادها طائرات (أف-16) المعدّلة. وقد أظهرت الحملة العسكرية «عاصفة الحزم» القدرات الجويّة المتفوقة التي تتمتع بها دول مجلس التعاون الخليجي حتى الآن، وقدرتهم على خلق التفوّق الجوي وما يسمى السيطرة الجويّة فوق أجواء بلد ثاني.

في المقابل، من المعروف أن لإيران ثغرات كبيرة في قدراتها العسكرية التقليدية ولاسيَّما أنظمة الدفاع الصاروخي والقدرات الجوية الهجومية على وجه التحديد والتي تعود في أغلبها إلى فترة السبعينيات من القرن الماضي (ميغ-29) و (أف-4 فانتوم)، ولذلك فهي تعتمد بالأساس في استراتيجياتها العسكرية على قدرات لا تناظريّة بالدرجة الأولى وعلى قدرات في تنفيذ عمليات إرهابية في الخارج وفي الاعتماد على ميليشيات لخوض حروب بالوكالة.

حصول إيران على منظومة (أس- 300) يعني تطوير أنظمتها الدفاعية وتحصين منشآتها النووية، تشغيل هذه المنظومة يعني أن طهران ستجّعل أي هجوم جوي ضدّها مكلفاً للغاية إن لم يكن مستحيلا، بعض الخبراء العسكريين يشير إلى أن هذه المنظومة (اعتماداً على النوع الذي سيتم نشره) قادرة على تتبع حوالي 100 هدف والإطباق على ما بين 12 إلى 36 منها دفعة واحدة على بعد 150 كلم.

من المغالطات الكبرى التي يتم تجاهلها هذه الأيام أن منظومة (أس-300) دفاعيّة، وبالتالي فهي لا تشكّل خطراً على أي أحد. وقد كرر هذا الكلام كل من فلاديمير بوتن ووزير خارجيّته لافروف، لكن حقيقة أن كونها منظومة مضادة للطائرات لا يجعل منها سلاحاً دفاعياً فقط، فمسألة إذا ما كان سلاحاً دفاعياً أو هجومياً يعتمد على طريقة استخدامه والروس يعرفون ذلك أكثر من غيرهم من خلال استخدامهم لها في شبه جزيرة القرم بعد احتلالها وضمها إليهم وبالتالي السيطرة على أجوائها بشكل تام. وقد فعل الروس الشيء نفسه في شرق أوكرانيا بعدما غطّوا زحف الميليشيات الموالية لهم على منطقة شرق أوكرانيا بمنظومات دفاعية مماثلة، تتهم إحداها بإسقاط طائرة مدنية ماليزية، وحتى قبلها في جورجيا حيث يسيطر الروس بشكل تام على كامل الأجواء الجورجية عبر منظومات مماثلة دون أن يضطروا تقنياً وعملياً إلى مهاجمة أجواء ذلك البلد، وبإمكانهم عبر هذه الطريقة تهديد البلد أو ابتزازه في أي وقت.

من هذا المنطلق، وفي حال استلمت إيران هذه المنظومة بموازاة فشل المفاوضات النووية مع أميركا، فهذا يعني من دون شك أنها ستستخدمها بالدرجة الأولى لتحصين منشآتها النووية، لكن في حال نجح الاتفاق فهذا يعني أنها ستستخدمها بشكل هجومي يعزز من قدراتها الردعيّة من جهة، ويتيح لها متابعة زحفها الجيوبوليتيكي عبر أذرعها الإقليمية من جهة أخرى.

في تصريحه الأخير حول الموضوع، قال لافروف «بالنسبة إلى إيران، وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار الأوضاع الحالية المشحونة في المنطقة المحيطة بها، فإن أنظمة الدفاع الجوي الحديثة تصبح مهمّة للغاية»، لا شك أن هذا الكلام يشير بطريقة غير مباشرة إلى عاصفة الحزم وإلى القدرات الجوّية الخليجية، هذه المنظومة ستعمل على تحييد القدرات الجوّية الخليجية تماماً، شعور إيران أنها أصبحت بمأمن من العقاب أو من ضربات جوّية من خصومها أو منافسيها الإقليميين قد يحفّزها في أحسن الأحوال على القيام بعمليات هجومية أو يجعلها أكثر شراسة في الدفع بقواتها الإرهابية على الأرض، وفي حال استخدام المنظومة الدفاعية بنوايا هجوميّة، فإنها ستسمح لإيران تحقيق سيطرة جوّية كاملة على أجواء أي منطقة تغطيها المنظومة عبر إنشاء منطقة حظر جوي، ما يعني شل قدرات الخصم الجوية تماماً، ناهيك عن سيناريو تغطية ميلشياتها المسلحة كما فعلت موسكو في شرق أوكرانيا.

 

نشر المقال هنا

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :136,027,216

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"