#حيدر_العبادي ... أنت كذاب مع سبق الإصرار

نزار السامرائي

في مناسبة غير وطنية، بل فئوية بامتياز وتتعلق بذكرى موت أحد الأشخاص في حادث تفجير لم تكشف ملابساته حتى اليوم، وهو المسؤول الأول أخلاقيا وجنائيا وفقا للقانون الدولي الإنساني والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والنظام الداخلي للجنة الدولية للصليب الأحمر، عن كل الجرائم التي قتل نتيجتها المئات من الأسرى العراقيين في إيران أثناء الحرب العراقية الإيرانية وبعد أن وضعت أوزارها، نتيجة ما لاقوه من تعذيب بأوامر مباشرة منه، وقف حيدر العبادي رئيس الحكومة ومعه كل من حضر مهرجان الذل من أوغاد السنة في العملية السياسية الشائهة ليكرس بقوة الغلبة مفهوماً (وطنياً) كاذباً لذكرى مقتل أحد المجرمين الذين جلبوا الاحتلال الأمريكي إلى العراق، فواصل بذلك نهمه المتعطش لدم العراقيين وكأن ما فعله مع الأسرى لم يشف غليله، فأغرى الولايات المتحدة بالقدوم إلى العراق غازية محتلة، فراح مئات الآلاف من العراقيين ضحية الجرائم التي ارتكبها المحتلون وميليشيا "المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق/ فيلق بدر" مع الميليشيات التي تسابقت للثأر من الشعب العراقي الذي قاتل إيران بضراوة طيلة ثماني سنوات حتى تجرع مجرم الحرب الأكبر خميني كأس السم، فانصاع لقرار مجلس الأمن الدولي 598 والذي ما كان له أن يخضع لمنطق العقل وحقن دماء الإيرانيين قبل العراقيين لولا وصول الصواريخ العراقية على مقربة من نوافذ حسينية جمران وأبوابها، عند ذاك وافق على قرار وقف إطلاق النار.


واللافت أن القاعة التي أقيم فيها "المهرجان" اكتظت بالعمائم البيضاء والسوداء وكأننا في دولة دينية من خط مذهبي واحد لإحياء مناسبة لا يوجد عليها إجماع عراقي بل تخص أقلية داخل الأقلية، وبذلك فقدَ العبادي فرصته لتأكيد أنه رئيس لوزراء العراق كله، على الرغم من أنه كان على الدوام في خانته الفئوية الطائفية ولم يخرج من فلكها الغلاب على ما عداها من الأفلاك.

وربما يقول قائل إن سليم الجبوري رئيس مجلس نواب المنطقة الخضراء، بحضوره سيفقد هو الآخر صفته كممثل لكل الشعب العراقي عندما شارك في هذه المسرحية البائسة، فنرد عليه بالقول ومتى اعترف العراقيون بسليم الجبوري وبقية الشلة المنافقة ممثلا للسنة لوحدهم كي يعترفوا به ممثلا للعراقيين كلهم، لقد جاء الجبوري منقادا لمنطق انتهازي وفيه من التقية السياسية من جانبه ما لا يخفى على المراقب الحصيف، ومنطق الغلبة في منطق التحالف الشيعي الحاكم الذي ما زال يعيش وهما سبق للمالكي أن سوّق له طويلا وهم منطق "من الذي يستطيع أخذها كي نعطيها"، ولهذا كان الجبوري هزيلا في تمثيل دوره في هذه المسرحية التي هي مزيج من الكوميديا والتراجيديا بل هي المأساة الضاحكة والمضحكة في آن.

هذا من حيث الشكل، أما من حيث المضمون، فقد أصر العبادي على تكرار ما سبق له ترويجه عن تابعية ميليشيا "الحشد الشعبي" فراح في سكرة الموت يردد أن هذا الحشد هو جزء من القوات المسلحة وأن من يطلق عليها اسم ميليشيا فهو حاقد، ومرد هذا التفسير الذي يصر عليه العبادي وهو سبب ساذج جدا وهو أنه وقع قرارا باعتبارالميليشيا كذلك ولأن ميزانية هذا الحشد هي جزء من الميزانية الرسمية للدولة، وهنا لا بد من مناقشة الأمر في نقطتين مهمتين، الأولى أن قرارات مجلس الوزراء هي قرارات كاشفة وليست منشئة أو مكرسة لواقع خاطئ بهدف منحه الشرعية خلافا للأعراف والتقاليد والوقائع السياسية والاجتماعية على الأرض، وبالتالي لا يستطيع قرار سواء صدر عن مجلس الوزراء وحتى عن مجلس نواب غير شرعي تم تصميمه على أساس دستور زائف أن يحوّل الحرام إلى حلال والجريمة إلى فعل مقدس.

والثانية أن حيدر العبادي شريك فاعل في كل ما ترتكبه ميليشيا الحشد الشعبي بحكم دفاعه المستميت عنها وتأكيده على أنها جزء من القوات المسلحة بحكم كونه قائدا عاما للقوات المسلحة.

إن محاولة العبادي غسل يده وغسل أيادي عناصر الميليشيات مما أرتكب من جرائم وذلك عن طريق الزعم بأن تحقيقات ستجرى في الوقائع التي شهدتها المدن التي تعرضت للغزو والاحتلال من قبلها، يؤكد كذبه فليذكر لنا واقعة خرجت فيها اللجان التحقيقية بنتيجة.

إن ما ارتكبته ميليشيا الحشد في شمالي محافظة بابل وخاصة جرف الصخر، وفي محافظة ديالى وخاصة في بروانة ومسجد قصبة شروين، وحزام بغداد وما شهده من كوارث إنسانية وبيئية، وكذلك ما ارتكب في محافظة صلاح الدين من جرائم وانتهاكات لأبسط حقوق الإنسان من سرقة المنازل وإحراقها بعد ذلك وتجريف المزارع والبساتين وإجلاء سكانها عنها، وأهم من هذا تنفيذ أحكام الإعدام بالمئات من أبناء المدن التي اجتاحتها قطعان ميليشيا الحشد الطائفي بحجة تعاطفهم مع تنظيم الدولة الإسلامية، ومنع سكان المدن المنكوبة من العودة إلى مدنهم، بل إن الميليشيات "المنفلتة" وهي كلها ميليشيات منفلتة بما في ذلك القوات الحكومية "المملشنة" منعت أعضاء مجلس محافظة صلاح الدين مع المحافظ من دخول مدينة تكريت مركز محافظة صلاح الدين، ولسنا هنا في معرض الدفاع عن هذا المجلس الشريك في كل ما لحق بمدن صلاح الدين لمطالباته المتكررة هو وبعض من يسمون أنفسهم بممثلي صلاح الدين في البرلمان على مشاركة قطعان الحشد فيما سمي بمعركة "تحرير صلاح الدين" من تنظيم الدولة الإسلامية، ولكننا نرثي لحالهم.

إن حالة البؤس المثيرة للشفقة التي يعيشها مجلس محافظة صلاح الدين تدعونا إلى القول "اللهم زد وبارك" لأنه كان شريكا في قتل النساء والأطفال والشيوخ والأبناء والآباء والأقارب حبا بالسلطة والتسلط وطمعا بعطايا رئيس الحكومة ورضا الحكومة الإيرانية وزعانفها داخل العراق.

وفوق كل هذه الجرائم فإن تلك الميليشيا تتقاضى أجرا عن جرائمها من خزينة الدولة، فهل توجد وقاحة وصفاقة لرئيس حكومة في العالم مثل ما يحمله حيدر العبادي؟

إن الإصرار على أن الحشد ليس ميليشيا، بل هوجزء من القوات المسلحة إصرار سيكلف أصحابه ثمنا فادحا لأنهم شركاء في كل جريمة ترتكبها هذه الميليشيات، وعيب كبير على من يكون صدى لصوت سيده.

 

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :136,027,209

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"