#قاسم_ سليماني يعادل 2753 ضابطاً ‏عراقياً برتبته وأعلى!‏

علي الكاش

يذكر شكسبير" في لحظات‎ ‎معينة يكون الناس هم الذين يقررون مصائرهم، فإذا كانت أوضاعنا ‏متدنية،‏ فالخطأ‎ ‎ليس خطأ النجوم والأبراج، بل إنه خطؤنا نحن".‏

 

 

من المفارقات العجيبة التي أفرزها الغزو الأميركي الإيراني للعراق هو تفكيك الجيش العراقي ‏وهيمنة ولاية الفقة على كافة مقدرات الدولة العراقية بما فيها المقدرات العسكرية. مع إن الجيش ‏العراقي كان خلال العهد الذي يصفونه بالدكتاتوري واحد من أقوى الجيوش ليس على مستوى ‏المنطقة بل العالم بأجمعه. ولاشك إن تفكيك هذا الجيش العرمرم جاء برغبة أميركية صهيونية ‏إيرانية وإصرار كردي جامح من قبل الطالباني والبرزاني. ‏

خلال فترة الغزو الغاشم وإنسحاب القوات الأميركية شغل منصب وزارة الدفاع وزراء فاشلون ‏ولصوص هربوا إلى خارج العراق والبقية في طريقهم للفرار. ولاشك أن سعدون أبو ريشة وخالد ‏العبيدي هما من أضعف الوزراء الذين شغلوا هذا المنصب الذي لا يتفق مع مؤهلاتهم ولا ‏إمكانياتهم فقد فرضهما نظام المحاصصة الذي يرفضه الجميع ظاهرا ويتمسكون به باطنا من ‏منطلق الضحك على ذقون العراقيين الذي وقعوا في مصيدة السياسيين. وإن كان سعدون أبو ريشة ‏محسوب على جحوش أهل السنة ومن رهط المالكي، فإن خالد العبيدي محسوب على نفس ‏الجحوش لكن من رهط قتيبة الجبوري رئيس ما يسمى بالبرلمان.‏

في الجيش العراقي توجد قيادات عسكرية رفيعة من غير الرتب الفضائية التي وزعها المالكي على ‏أعوانه لمن دبُ وهبٌ. فقد إعترف وزير الدفاع خالد العبيدي في مقابلة اجرتها معه قناة العراقية" ‏إن الجيش العراقي شهد في السنين الماضية ترفيع ضباط برتبة مقدم الى‎ ‎رتبة فريق او فريق اول ‏بدون المرور بسلم التراتبية العسكرية المعروفة‎ ‎لأسباب عدة من بينها التوسط والعلاقات وضمان ‏الولاءات المختلفة، فيما تم‎ ‎منح الترقية لبعض الضباط لمرتين متتاليتين وهو امر مخالف للقانون ‏العراقي". إنها الفوضى التي أسست الفشل في مهمات الجيش.‏

من القيادات العليا في الجيش العراقي حاليا يوجد في يوجد (97) برتبة فريق/ فريق ركن، و(732) ‏برتبة لواء / لواء ركن، و(1924) برتبة عميد/عميد ركن. وهذا العدد الهائل الذي مجموعه ‏‏(2753) قائدا، لا يمتلكه أي جيش في العالم بما فيهم الولايات المتحدة وروسيا والصين وحلف ‏الناتو. فقد اكد العبيدي" ان الجيش‎ ‎العراقي يملك في الخدمة حاليا 1924 عميدا، في حين إن حاجة ‏الجيش العراقي‎ ‎لاتتعدى في أي حال من الأحوال الـ 500 عميد، بالمقابل فإن الجيش الأميركي ‏لايملك أكثر من 240 ضابطا برتبة‎ ‎عميد ولا يترفع أي ضابط أميركي الى هذه الرتبة، إلا بعد أن ‏يحال عميد آخر‎ ‎على التقاعد‎.‎‏ وأشار الى ان الجيش المصري يملك أربعة ضباط برتبة فريق فقط ‏وهم كل من: وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة وهو برتبة فريق اول، والثلاثة‎ ‎الباقين هم ‏قادة الأسلحة فقط، حتى إن معاوني رئيس أركان الجيش فهم برتبة‎ ‎لواء وليس فريق". العجب في ‏قول الوزير ان حاجة الجيش العراقي (500) عميدا رغم قوله ان الجيش الأميركي يضم (240) ‏عميدا! هل يا ترى حاجة الجيش العراقي من العمداء تزيد عن حاجة الجيش الأميركي؟!

الجيش العراق كما أعلن الناطق بلسان الحكومة الحوزوي علي الدباغ في نهاية شهر شباط عام ‏‏2008 بلغ الجيش (700) الف عنصر، يقابله (450) ألفا من الشرطة الإتحادية ما عدا قوة حماية ‏المنشآت ـ هذا إضافة إلى القوات غير الدستورية كقوات سوات وقوات دجلة وغيرها مما لم ‏يحسبه الدباغ أو أسس لاحقاـ وعدد الفرق العسكرية (14) فرقة، مفيدا بأن" وزارة الدفاع‎ ‎حققت ‏ارتفاعا بنسبة 73 % في عدد ضباط الجيش و69‏‎ ‎% في عدد ضباط‎ ‎الصف و61 % فى ‏العمليات الخاصة بزيادة في التعيينات بلغت اكثر من 46‏‎ ‎الف تعيين جديد‎ ‎توزعت على الجيش ‏وقوات الاسناد والقوة الجوية والعمليات‎ ‎الخاصة‎.‎‏ وان وزارة الداخلية حققت نموا وصلت نسبته‎ ‎الى33‏‎ ‎% للشرطة الوطنية و12 % لقوات الشرطة‎ ‎العراقية، بزيادة في‎ ‎التعيينات اقتربت ‏من 40 الف تعيين‎ ‎جديد توزعت على الشرطة العراقية والشرطة‎ ‎الوطنية وقوات‎ ‎الحدود". ‏

يدرب هذا الجيش العرمرم خبراء عسكريين من (61) دولة، وهذه حالة فريدة لم يشهدها العالم من ‏قبل! كما أنفق عليه عشرات المليارات المستقطعة من أفواه الشعب العراقي. وتستنزف وزارتا ‏الدفاع والداخلية الخزينة العراقية، سيما الرتب العسكرية العالية التي تتقاضى الملايين كرواتب ‏علاوة على رواتب الجنود الفضائيين التي يستحوذوا عليها. وقد أثبت القائد العام للقوات المسلحة ‏ووزير الدفاع وكل القيادات والمراتب العسكرية فشلهم في الدفاع عن محافظة الموصل فتحول ‏الجيش السابق المرموق الى الجيش اللاحق المسحوق، وصار بحق إضحوكة للجيوش يتندرون بها. ‏وهذا الفشل بإعتراف الراعي الأول للجيش نفسه وهو البيت الأبيض.‏

لغرض ترقيع الجيش ومحاولة رفع معنوياته الهابطة للحضيض إتفق المرجع السيستاني والمالكي ‏بمشورة إيرانية على تشكيل جيش رديف للجيش النظامي، سيما أن هناك نسبة من العاطلين تصل ‏إلى أكثر من 35% من الشباب، ومررٌ نظام الملالي الماء من تحت أقدام السيستاني، فقد سحبوا ‏البساط الشيعي من تحت أقدامه بخفة السحرة ووضعوه تحت أقدام الولي الفقية، وتم الترويج للأخير ‏كونه الفاتح الكبير، ورفعت صوره في محافظات العراق كافة، وإعتبر قائد عاما للشيعة ومحرر ‏الأراضي التي يحتلها داعش في العراق وسوريا، وفعلا تحول الكثير من الشيعة من تقليد السيستاني ‏والمراجع الثلاثة إلى تقليد خامنئي، وهذا ما لم يحسبه السيستاني جيدا.‏

روج الولي الفقية للجنرال سليماني وساعده في ذلك أزلامه المحسوبين على العراق مثل جودي ‏المالكي وهادي العامري ووزير الداخلية الغبان وقيس الفيلي زعيم ميليشيا عصائب أهل الحق ‏وغيرهم. فقد صرح نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي خلال لقائه‎ ‎النائب الاول لرئیس ‏الجمهوریة الایراني اسحاق جهانغیري " إنه لولا الدعم الايراني للعراق في‎ ‎التصدي لتنظيم داعش ‏الارهابي لكانت العاصمة بغداد، ونظيرتها في اقليم‎ ‎كوردستان قد سقطتا بيد التنظيم". وردد هادي ‏العامري قائد فيلق بدر نفس الإسطوانة. ‏

كما صرح قائد قوات حرس الحدود العراقية اللواء عبدالكریم العامري للصحفیین خلال زيارته ‏مدینة زاهدان مرکز محافظة‎ ‎سیستان وبلوجستان جنوب شرق ایران في 20/1/2015 " إن فتوى‎ ‎المرجع الديني آية الله علي السيستاني، واهتمام قائد الثورة الايرانية علي‎ ‎خامنئي السبب في منع ‏تنظيم داعش الارهابي من السيطرة على العاصمة بغداد". لاحظ كل أزلام الولي الفقيه يضربون ‏على نفس الوتر! مما يؤكد وجود توجيه من نظام الملالي بهذا الصدد.‏

كانت تلك محاولة واضحة لترجيح كفة ميليشيا الحشد الشعبي على حساب الجيش النظامي، فبدلا ‏من أن يكون الحشد الشعبي ظهيرا للجيش النظامي صار هو الجيش النظامي، وأصبح الجيش ‏النظامي تابعا ذليلا للحشد الشعبي. وصار وزير الدفاع العراقي دمية في صندوق ألعاب سليماني ‏بسبب ضعفه، مع ان سليماني ليس سوى جنرالا، فقد رقاه خامئني في 24/1/2011  إلى رتبة لواء ‏دون إستحقاق وإنما مكافأة على إنجازاته في العراق وسوريا، فإنضم الى خانة رتب الألوية الذين ‏هم (12) في الجيش الإيراني. ولكن سلطته في العراق تزيد عن سلطته في إيران! في ايران ربما ‏يتحكم بـ (12) ضابط  برتبة لواء، لكن في العراق يحكم (2753) ضابط من رتبته وأعلى!‏

وطالما ان سليماني هو من يقود الجيش العراقي وهو من يضع الخطط العسكرية، وهو من يشرف ‏على المعارك، وهو من يعطي الأوامر للضباط العراقيين، فما الفائدة من هؤلاء الضباط الـ ‏‏(2753)؟ الذين يستنزفون خزينة وزارة الدفاع بلا طائل؟ اليس من الأجدى ان يقعدوا في بيوتهم ‏ويحلٌ محلهم الجنرال سليماني؟

مؤخرا أرسل نظام ولاية الفقية إشارات واضحة بأن القيادة العسكرية في العراق تخضع لولاية ‏سليماني بصراحة ووقاحة لا مثيل لها! فقد بثت‎ ‎وكالة فارس الإيرانية الإخبارية لقطات جديدة لقاسم ‏سليماني في تكريت حيث وصل إليها أول يوم 28/2/2015  وذكرت" إن الهدف من وجود سليماني ‏في تكريت هو قيادة معركة‎ ‎التحرير. وقد أستقبل اللواء سليماني من قبل‎ ‎قادة الجيش والحشد الشعبي ‏والمقاتلين العراقيين". إذن ما الذي تبقى للقائد العام للقوات المسلحة ووزير دفاعه وقيادات الجيش ‏العراقي سوى الخزي والعار التأريخي!‏

الأزمة التي رافقت العمليات العسكرية الأخيرة في تكريت إستدعت تدخل (ستيوارت جونز) السفير ‏الأميركي في العراق لتهدئة خواطر وزير الدفاع العراقي المعروف بضعفه المميز، وشخصيتة ‏المضطربة، وإرادته المتقلبة، بعد أن أمره سليماني أن يبقى في وزارته ولا شأن له ولجيشه في ‏المعارك الدائرة في تكريت. على إعتبار إن الحشد الطائفي والحرس الثوري الإيراني سيتوليان ‏قيادة العمليات العسكرية دون الحاجة لقطعان العبيدي. والغرض هو تلميع صورة الحرس الثوري ‏والحشد الطائفي على حساب الجيش العراق وترسيخ مفهوم فشله وضعفه. علما إن وزير الدفاع ‏العراقي صرح للصحافيين يوم‎ ‎‏9/1/2015‏‎ ‎خلال مؤتمر عقده بمدينة مخمور غرب الموصل" ‏سمعت بتواجد الجنرال الإيراني، قاسم‎ ‎سليماني، في جبهات القتال منذ أربعة أشهر، لكني لم أشاهده ‏أبداً"! طبعا لم يشاهده لأن الأخير لا يعترف به!‏

يبدو إن هناك نوع من الصراع بين قوات الجيش من جهة والحشد الطائفي من جهة أخرى ستظهر ‏ملامحه الكاملة خلال الأيام القادمة. سيما إن حيدر العبادي تحدث بطريقة غريبة عن الحشد الطائفي ‏بقوله" إن الحشد‎ ‎الشعبي مؤسسة عسكرية"! وهو يعي جيدا بأنه ميليشيا تشكلت بطريقة غير ‏دستورية بل تخالف الدستور، وتتعارض مع إدعاء العبادي بسحب البساط من تحت أقدام ‏الميليشيات. الحشد الشعبي كما هو معلوم غير مرتبط لا بالقائد العام للقوات المسلحة ولا بوزير ‏الدفاع، إنما مرجعه الرئيس هو الجنرال سليماني، فكيف يكون مؤسسة عسكرية حسب إدعاء ‏العبادي؟

ويبقى الأمر المحير هو إدعاء رئيس هيئة الأركان المشتركة في الجيش الأميركي الجنرال مارتن ‏ديمبسي‎ ‎في مؤتمر صحافي عقد في البنتاغون" أعتقد بأن النفوذ الايراني في العراق سيكون ‏إيجابياً". أما كيف سيكون إيجابيا؟ ربما عند جهينة البيت الأبيض الخبر اليقين؟

 

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :135,619,245

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"