ماجد مكي الجميل
السادة الأمناء العامون السابقون للمؤتمر القومي العربي، الموقرون
السادة أعضاء الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي، الموقرون
الموضوع: بيان الأمانة العامة حول منع الأمين العام للمؤتمر، السيد عبدالملك المخلافي، من مغادرة اليمن
أثار بيانكم حول منع الأستاذ عبدالملك المخلافي، الأمين العام للمؤتمر القومي العربي مغادرة صنعاء، وما سمعناه وقرأناه في وسائل الإعلام العربية عن حجز جواز سفره، قلق العديد مِمَن أعرف من أعضاء المؤتمر.
الأمر المثير للغرابة عدم تحديد الأمانة العامة في بيانها الجهة التي إتخذت "قرار" منع الزميل، المخلافي، من مغادرة صنعاء، على الرغم من تكرارها كلمة "قرار المنع" خمس مرات في فقرات البيان الخمس، أي بمعدل مرة واحدة في كل فقرة.
أظنكم متفقون معي أنه لا الجن، ولا الأشباح، ولا الرئيس الشرعي لليمن، عبدربه منصور هادي، ولا المقاومون للحوثيين المرتبطين بالنظام الإيراني ممثلاً بولاية الفقيه، هم مَن منعوا زميلنا وأخينا، عبدالملك المخلافي، من مغادرة اليمن وقاموا بمصادرة جواز سفره.
أنا على يقين تام، أنكم أعضاء الأمانة العامة للمؤتمر جميعاً دون إستثناء، تعرفون جيداً، مثلما أنا وغيري يعرف، أن صاحب "قرار المنع" المُكرر خمس مرات في البيان، إنما هي السلطة اليمنية التي تمسك بزمام الأمور في صنعاء حالياً، ممثلة بجماعة الحوثي، وفلول الرئيس اليمني السابق (صاحب الـ ٣٣ سنة في السلطة) علي عبدالله صالح.
يقيني هذا آتٍ من ذكركم في الفقرة الأخيرة من البيان أنكم أجريتم "إتصالات مكثفة خلال الأيام الماضية" مع "كافة القيادات والمراجع اليمنية والعربية والإسلامية الفاعلة والمؤثرة من أجل إلغاء هذا القرار. حتما أن هذه المراجع قد أبلغتكم عن الجهات التي اتصلت بها، وما هو ردها، وهي بدون شك السلطات اليمنية.
إذاً لِمَ لَم يذكر البيان لا صراحةً، ولا تلميحاً، ولا إشارةً عبارة "السلطة اليمنية" كجهة تقف وراء المنع في المرات الخمس التي ذكر فيها البيان كلمة "قرار المنع"، ولا أذهب بعيداً لأقول لماذا لم تذكروا "الحوثيين"، أو "فلول علي عبدالله صالح" باعتبارهما يمسكان السلطة الحالية في اليمن.
أولا، لو إفترضنا أنكم غير متأكدين من أن السلطة اليمنية هي التي تحتجز حرية الزميل المخلافي، وأنكم فضلتم عدم إطلاق الإتهامات جُزافاً، إذاً لماذا لم تذكروا ذلك في البيان.
ثانياً، هناك إشارة في البيان عن وجود مبادرة شعبية عربية يقوم بها الأمين العام السابق للمؤتمر، خالد السفياني، لعقد حوار يمني- يمني يهدف "لإخراج اليمن من الأجواء الدموية القاتمة التي يعيشها بفعل الحروب الداخلية والخارجية المفروضة عليه"، حسب ما جاء في البيان.
ما هي "الحروب الخارجية" المفروضة على الشعب اليمني، هل هو التحالف العربي؟ ولِمَ لم تسموه؟ أم هي إيران؟ ولماذا لم تسموها؟
لماذا لم تُقدم الأمانة العامة لأعضائها ورقة صغيرة عن هذه المبادرة (من باب الإطلاع ليس إلا) توضح أهم بنودها، أو الخطوط العامة لفحواها، ونتائج الإتصالات التي أسفرت عنها. ولماذا لم تتحدث عنها على موقع المؤتمر، عملاً بمبدأ الوضوح والشفافية الذي أصبح "إنجيل" الدول المتقدمة، وسر تقدمها.
يُمثل البيان، خللاً فادحاً في أداء الأمانة العامة للمؤتمر، وهو خلل يدفع لطرح، وأنا أول الطارحين، تساؤلات مريبة عن أسباب ودوافع التستر على الجهة التي لا تزال تحتجز حرية الأمين العام للمؤتمر، وهي، كما يتضح مما تقدم، مجموعة الحوثي، وأنتم تعرفونها جيداً بأنها:
مُسلحة حتى أسنانها، مُرتَبِطة بإيران روحيا وعسكرياً وثقافيا (باعتراف إيران نفسها على لسان أعلى مسؤوليها)، وهي مُغتصبة للسلطة، قاصِية للرئيس الشرعي المُنتخب في البلاد، وهي مُمثلة لـ ٣ % فقط من سكان اليمن، وهي عاملة قتلاً وتدميراً في البشر والحجر من أجل الحفاظ على السلطة التي إغتصبتها رغم أنف الإتفاق الذي توصل إليه اليمنيون برعاية الأمم المتحدة، وكانت هي نفسها أحد الموقعين عليه.
في الواقع، تذهب التساؤلات المتعلقة بالمؤتمر القومي العربي، سواء من داخل المؤتمر أو خارجه، إلى ما وراء هذا "التستر" الذي نتحدث عنه بمديات بعيدة جداً.
التساؤولات تفرض شكوكاً خطيرة حول جوهر وكينونة المؤتمر القومي العربي بحد ذاته، وحقيقة ولاءات وانتماءات عدد كبير من أعضائه، ونظرة المؤتمر، الواقعية والفعلية وليست النظرية، إلى مفهوم الدولة وتكوينها، ومبدأ تداول السلطة، والحريات، والديمقراطية، وقربه من الأنظمة العسكرية والدكتاتورية، والوراثية...الخ
الأخطر من ذلك، هناك تساؤلات تمس جوهر المؤتمر القومي العربي ومصداقيته، خاصة ما يتعلق بتأييده لجماعات مسلحة طائفية مرتبطة بإيران وولاية الفقية، كحزب الله، على سبيل المثال.
هذا الوضع الشاذ ليس خافياً عليكم ولا على أحد، حتى أن الأمين العام الحالي للمؤتمر، الأخ عبدالملك المخلافي، كتب مذكرة رسمية في أيار (مايو) عام ٢٠١٤، رداً على مذكرة أرسلتها له، وهي مسجلة في آرشيف المؤتمر وموجودة لديَّ أيضاً، يقر فيها بأن هناك إتهامات للمؤتمر القومي العربي تصفه بـ "المؤتمر القومي الفارسي".
تتركز التساؤلات حول تأييد المؤتمر المطلق وبلا تحفظ لحزب الله الذي أنشأ دولة داخل الدولة، ويقيم نقاط تفتيش خاصة به، ويجبي الضرائب في المناطق التي يسيطرعليها، وله محاكم، وسجون خاصة به. هذا الحزب يعتقل ويختطف ويُصفي ويُفجر خصومه متى ما أراد وأينما أراد.
يقول المؤتمر القومي أنه يؤيد "الموقف المقاوم" لحزب الله. حسناً، دعونا نقبل هذا الكلام على عواهنه، ونقول: لكن عملياً وفعلياً، الحزب ومنذ أربع سنوات يقاتل بعيداً عن الجبهة الرئيسة صفاً بصف، وكتفاً بكتف مع قوات عسكرية إيرانية رسمية أو شبه رسمية، تحت أمرة جنرالات إيرانيين ضد أكثر من شعبٍ عربي، في أكثر من بلدٍ عربي.
هو يقاتل في كل مكان داخل الأراضي السورية في حين قال في البداية أنه جاء إلى سوريا ليقاتل "دفاعاً عن مرقد السيدة زينب". وهو يقاتل إلى جانب الميليشيات الشيعية العراقية لدعم نظام الحكم العميل هناك، في حين لم يطلق رصاصة واحدة ضد قوات الإحتلال الأميركي في العراق. وهو يُدرب ويسلح قوات الحوثي الشيعية في اليمن، ويدرب ويسلح شيعة بحرينيين، وكذلك شيعة سعوديين، ووصلت أصابعه إلى السودان.
هل يؤيد المؤتمر القومي العربي نشاطات الحزب هذه البعيدة عن المقاومة؟ إن كان نعم، لِمَ لَم يعلن تأييده صراحة؟ وإن كانَ لا، لِم لم يدنها.
هذا هو باختصار مأزق المؤتمر القومي العربي.
أرجو تقديم نسخة من مذكرتي هذه إلى السيد الأمين العام للمؤتمر القومي العربي، عبدالملك المخلافي، وتوزيعها على أعضاء المؤتمر، واعتبارها بمثابة إحتجاج على محاولة الأمانة العامة "التستر" على الجهة التي تحتجز حرية الأمين العام، وبمثابة رفض لمواقف المؤتمر المؤيدة، أو الساكتة في أحسن الأحوال، للدور التخريبي لحزب الله في البلدان العربية.
تحياتي لكم وآمل أن أسمع منكم
عضو المؤتمر القومي العربي
ماجد مكي الجميل
مرفق





