هرع الجميع لزيارة أمام الحوائج بمناسبة استشهاده، وجاء الناس من كل البقاع مثنى وفرادى وجماعات ومشيا أو بالحافلات واستغل الباعة هذه المناسبة لعرض بضاعاتهم للزوار والمناداة عليهم بمختلف اللغات منها المحلية ومنها الفارسية.
وفي داخل الحضرة تجد الجميع متعلق بشباك الكاظم من الاعمى والبصير الى الغني والفقير الكل يدعو ويسأل إمام الحوائج أن يقضي حاجته! فهذا يدعوا من الإمام أن يرجع له ابنه الذي يقاتل تحت رايه قاسم سليماني سالما وذلك الشاب يدعو الأمام أن يهدي قلوب أصحاب الكهرباء لتقليل ساعات القطع لأجل والده المريض. وآخر يتوسل بالامام أن يجد له عملا لأن الحياة أصبحت غالية جدا، وأم تدعو إمام الحوائج أن يوفر للمستشفى الذي تعالج فيه ابنتها أجهزة حديثة ليتمكن الأطباء من إزاله الورم الذي أكتشفه الأطباء في دماغها، وهناك رجل كبير السن يبكي ويدعو الأمام أن يرجع له حفيده التي خطفته عصابات تنادي بحب الامام ونصرته، وآخر يتوسل بالإمام أن يتمكن من الهجرة الى إحدى الدول ليتخلص من جحيم العيش تحت سطوة الميليشيات، وتلك سيدة تدعو الأمام أن يقصف عمر داعش وأخواتها.. و هكذا الكل يدعو الأمام أن يقضي حوائجهم ويلبي طلباتهم ويستجيب لهم!
وفجأة أضاءت الحضرة أنوار عديدة وظهر رجل ضخم أعلى الضريح وهو يلبس دشاشة بيضاء ويشع وجهه نورا وتقوى!
صرخ الجميع وهم ينظرون الى أعلى الضريح حيث الرجل "اللهم صل على محمد و آل محمد " بينما أغمي على البعض منهم من هول الموقف حيث ظن البعض أن الامام قد هبط عليهم هذه الليلة بينما ظن البعض الآخر أن الإمام المهدي قد ظهر ليخلصهم من جور الزمن.
هنا بدأ الرجل يخاطب الناس بصوت جهوري رخيم حيث قال:
أيها الناس ... والله حالكم صار يصعب على الكافر ويبكي الصخر. والله اللي دا يصير بيكم ما صاير بأي مكان بالعالم. كل الدول تكالبت عليكم وقاعدة تاكل بيكم . بس ليش دا تدعون الأمام أن يقضي الحوائج والله هو من يستجيب ويقضي الحوائج لا الامام.
اندهش الناس من هذا الكلام الذي لم يتوقعوا أن يسمعوه من الحجة التي ظهرت أمامهم . أكمل الرجل الجليل كلامه قائلا:
"بعدين ليش تطالبون بقضاء حوائجكم وأنتم من بيدكم الحل . كل مصايبكم من حكومتكم، باعوا العراق قطعة قطعة لإيران وغيرها ".
هنا شهق الجميع وصرخوا بصوت عال "إيران...يمعود كول غيرها " وصاح أحدهم "إيران هي حامية المذهب والشيعة جميعا في العالم".
هنا قهقه الرجل المبجل وصرخ بهم
" لا يا غشمة..إيران ما يهمها لا شيعة ولا بطيخ..ما يهمها هو توسيع امبراطوريتها براسكم وبراس كل غشيم مثلكم . وحوائجكم التي تطلبونها من الامام تحقيقها بيدكم.. الحكومة تسرقكم وتنهبكم كل يوم وأنتو جايين ومجلبين بشباك الكاظم.. لو كلكم تروحون وتجلبون بياخات حرامية الحكومة وترجعوهم منين ما جاءوا لكان كل مشاكلكم انحلت. لا قدموا لكم خدمات.لا بنوا لكم مستشفيات ولا مدارس. لا أقاموا مشاريع يشغلون بيها أبنائكم . ماكو واحد من هالحكومة قلبه عليكم. كلهم قلبهم وعيونهم وعقولهم في النهب والسلطة والمال . زرعوا بين أبناء العراق الفرقة والبغضاء حتى يصفالهم الجو بعد ما تضعفون. بعدين منو جاب داعش وغيرها غيرهم وغير الحقد اللي زرعوا بيناتكم. و أنتو عايفيهم وجايين تدعون الامام لتحقيق حقوقكم اللي الحكومة مسؤوله عن تحقيقها لكم.
صفن الكل على هالكلام الغير متوقع. فالكل كان يتوقع أن الحكومة من الشعب واليه لكن الإمام الحجة الذي ظهر بمعجزة قلب كل الموازين وجعل الجميع في حيرة من أمره.
هنا تزايد تدافع جميع من كان في خارج الحضرة عندما سمعوا أن الامام الحجة ظهر في أعلى الضريح والجميع يصرخ ويكبر "صلوات على محمد و آل محمد" وأصبح الجميع يريد أن يرى الأمام الحجة ويسمع منه.
أكمل الرجل في أعلى الضريح كلامه مخاطبا الجميع
"إذا تريدون حوائجكم تنقضي وتتحقق صقٌوا قلوبكم من الحقد وكونوا يداً واحدة ضد كل اللي يريد بكم شرا. روحوا واطردوا حكومة الحرامية اللي جاءت ودمًرت البلد باسم الدين والمذهب والطائفة. روحوا واطردوا الميليشيات اللي تمص دمكم وتفجر بيكم العبوات حتى تزرع العداوة بينكم".
هنا صاح أحد الميليشياويين "سامحني مولانا...والله جماعة الخزعلي همه اللي أجبروني على زرع المفخخات.. مولانا أرجوك سامحني".
أكمل الرجل ذو الرداء الأبيض كلامه متجاهلا ما قاله الميليشياوي وقال
"الحل بيدكم.. قضاء حوائجكم بيدكم.. مستقبل العراق بيدكم.. قدر أجيالكم اللاحقة بيدكم.. الخلاص من هالوضع كله بيدكم. ارجعوا اخوة وشيلوا الحقد واطردوا الحرامية كلهم واطردوا الأحزاب كلهم وابنوا البلد بيدكم والامام راح يكون فرحان وراضي عنكم لأن الامام لا يرضى بحالكم هذا. بعدين كلكم دا تدعون الاتمام حتى يقضي حوائجكم ولا سمعت واحد يدعو الله يفرج عن اخوانكم بالفلوجة اللي دا تقصف بيهم الحكومة كل يوم ولا يفرًج عن النازحين أو المغيبين في السجون وغيرهم.. ليش هذولة مو عراقيين مثلكم.. شيلوا الحقد وارحموا بعضكم البعض واضربوا من فرقكم ضربة رجل واحد".
صاح الجميع "اللهم صل على محمد و آل محمد.. كلنا نسمع كلام الإمام الحجة ونروح نمسح هاي الحكومة من على وجه الأرض".
وقبل أن يتدافع الجميع خارج الحضرة أخذوا بالتقاط الصور السيلفي مع الرجل ذو الرداء الأبيض الواقف أعلى الضريح ليتباركوا بها، وهنا اقتربت إمرأة عجوز من الشباك وصاحت بالرجل ذو الرداء الأبيض وسألته: مولانا ابني راح مع الحشد الشعبي لصلاح الدين ولي هسه ما نعرف أخباره شنو.. الله يخليك مولانا طمأني عليه.
فصاح الرجل ذو الرداء الأبيض "حجية وآني شمدريني بمصير ابنك قابل آني عندي علم الغيب لو صاحب معجزات".
هنا صاح الجميع متسائلا "مولانا شلون ما عندك معجزات وكرامات.. ليش أنت من أي أئمة من أئمة أهل البيت ومن أي واحد منهم؟"
قهقه الرجل عاليا وقال لهم "يمعودين، يا أمام و يا بطيخ، ترة أنتو مفتهمين غلط...آني الكهربائي اللي صاحوني حتى أصلح الفيوز مال النيونات واللمبات اللي فوق الحضرة وشفتو شلون الحضرة نوًرت بس صلحتها".
صاح الجميع "ولك هذا طلع لا إمام ولا حجة ولا هم يحزنون.. لا يا داعشي يا بعثي يا زنديق يا حاقد ... نزلوه والحقوه بصديقه أبي جهل"!
وهكذا راح الرجل بالزلق وراح كل اللي قاله الرجل ذو الرداء الأبيض المسكين للناس أدراج الرياح..
ربما نحن فعلا بحاجة لمعجزة حتى يفهم الناس الأمور كما هي..