كيف نميز أنصار (إسرائيل الشرقية) العرب/ 6 ؟

صلاح المختار      

أسعد من خنزير

مثل غربي


 

س10-اذا ثبت ان أميركا تتبنى سياسة عملية ورسمية تتطابق مع سياسة (إسرائيل الشرقية) تجاه الاقطار العربية ما هي الدلالات الخطيرة ذات الطبيعة السوبرستراتيجية المترتبة عليه؟

يروج انصار (إسرائيل الشرقية) العرب لكذبة (انها دولة ممانعة ومقاومة ووقفت ضد سياسة أميركا في الوطن العربي وان حالة العراق استثناء لوجود صراعات عراقية ايرانية قديمة) !!!

هذا الادعاء البالغ الخبث كذبة اخرى تروج لخدمة المخطط الاستعماري الايراني وتهيئة الفرص لتواصل تنفيذه من خلال الاستمرار في خداع الخدج والسذج العرب باعتبار الصراعات بين العراق و(إسرائيل الشرقية) حالة خاصة لا تفرض تغيير الموقف من النظام الايراني  ولاتفقده صفة الممانعة والمقاومة ومن ثم يجب الوقوف على الحياد بين العراق و(إسرائيل الشرقية) مهما حصل بينهما!

نعترف قبل كل شيء بان تنفيذ سياسة دعم (إسرائيل الشرقية) من قبل أميركا كانت بالغة الوضوح في العراق اما في بقية الاقطار العربية فان الامر كان غامضا وربما اهم سبب هو ضرورة التدرج الأميركي في التماهي مع (إسرائيل الشرقية) مثلما تماهت قبل ذلك مع (إسرائيل) الغربية وبالتدريج ايضا انتقالا من موقف ايزنهاور الذي وقف ضد عدوان (إسرائيل) الغربية ومعها بريطانيا وفرنسا على مصر عام 1956 الى دعم كل عدواناتها واحتلالاتها وبناءها للمستوطنات ، فليس منطقيا ان نرى أميركا التي دوخنا حكام ايران والادارت الأميركية المتعاقبة ، منذ كارتر وحتى غزو العراق ، بكذبة ان هناك حرب وصراع خطير بينهما  تقف رسميا او علنا على الاقل معها في صف واحد  ضد حركة التحرر العربية !

كان يجب تغيير الموقف الرسمي تدريجيا من اجل احتواء اي رد فعل سلبي داخل أميركا وخارجها قد يظهر بسبب تناقض المعلن مع ما يمارس فعلا . وبناء عليه كان التناقض الأميركي الايراني في الاقطار العربية الاخرى واضحا على المستوى الرسمي رغم ان الممارسة الفعلية لأميركا وايران كانت تقدم الادلة المتتابعة على انهما تلتقيان حول قواسم مشتركة  في كافة الاقطار العربية  اخطرها واكثرها وضوحا الان هو الاتفاق على تقسيم وتقاسك الاقطار العربية .

ولكن الحقيقة الواضحة للعين المجردة الان هي ان أميركا دعمت غزوات ايران التوسعية وتغلغلها العميق والواسع في كل مكان – في الوطن العربي والعالم - رغم انها كانت تتظاهر بتبني مواقف مختلف في البداية لكنها في النهاية تتبنى موقفا يخدم ايران مباشرة  والامثلة البالغة الوضوح التي تثبت تلك الحقيقة هي المواقف الأميركية والايرانية المتطابقة في كل من سوريا ولبنان واليمن والبحرين اضافة للعراق .

سوريا : عندما اندلعت الانتفاضة الشعبية ضد نظام بشار وكانت سلمية وتواصلت سلميتها اكثر من ستة اشهر وقفت أميركا معها وضد نظام بشار بل انها زايدت على الشعب السوري الذي لم يطرح مطلب اسقاط النظام اولا وانما طالب بالاصلاح بصورة سلميا ، لكن أميركا تبنت موقفا متشددا جدا ضد النظام واسقطت شرعيته بسرعة وطلبت اسقاطه وعدم السماح له بالبقاء ومارست هي وضغطت على اطراف اخرى لاجل التشدد ضد النظام وعدم تبني اي موقف غير اسقاطه .

وهكذا وجد المنتفضون انفسهم عرضة لضغوط هائلة من النظام ومن أميركا واطراف اخرى لدفعهم  لتبني اسلوبا عنفيا ، وبقرار أميركي واضح سلحت ودعمت تنظيمات متطرفة وادخلتها الى سوريا لقلب مجرى الاحداث جذريا وتحويل الانتفاضة السلمية الى عمل مسلح واسع النطاق واستغلت لجوء نظام اسد الى العنف المتطرف لقمع الانتفاضة لدعم خيار العمل المسلح وتغليبه على ما عداه .هذه حقيقة معروفة تدعمها تصريحات الرئيس اوباما وهيلاري كلنتون وزيرة الخارجية وكل الخبراء والمسؤولين في أميركا .

بقيت أميركا ومن معها تدعم خيارا واحدا وهو حتمية اسقاط بشار ورفض اي حل سلمي في سوريا وحشدت معها الامم المتحدة ودول اوربية دعما لمطلب اسقاط بشار الصفوي ، وتصاعدت الانتفاضة المسلحة بقوة ووصلت دمشق بعد حوالي العام وهددت باسقاط بشار في عام 2012 ولكن في هذه اللحظة  بالذات حدث انقلاب واضح جدا في الموقف الأميركي حيث انها تخلت عن موقفين اساسيين: تخلت عن اسقاط بشار وتبنت الحل السلمي للازمة السورية اولا وتخلت عن وعودها بدعم المعارضة بسلاح وصفته بانه نوعي لحسم الصراع لصالح المعارضة المسلحة ثانيا.

وهنا جاء دور (إسرائيل الشرقية) في اكمال عملية تغيير مجرى الصراع بعد ان ادركت ان أميركا اصبحت تدعم النظام فعاد النظام لشراسته وقويت معنوياته وتخلى عن تنازلات كبيرة قدمها ، ووسعت (إسرائيل الشرقية) تدخلها وادخلت قواتها المسلحة الى سوريا وامرت حزب الله اللبناني بادخال الاف المقاتلين لدعم نظام بشار ، كل ذلك تم نتيجة مباشرة وطبيعية للتغيير (الدرامي) في الموقف الأميركي والذي فهم منه ان أميركا لاتعارض التدخل الايراني الواسع النطاق في سوريا  ولا تنظر الى حزب الله كحزب ارهابي وانما اعتبرته كتيبة تساهم في تنفيذ المخطط الصهيوني-الأميركي- الفارسي.

وبناء عليه فان تغيير الموقف الأميركي لا يمكن تفسيرة الا بطريقة واحدة لا غير وهي ان أميركا تريد تواصل الحرب الاهلية في سوريا ومنع تغلب طابعها الشعبي والتحرري وابقاءها حربا طائفية وصولا للتدمير الشامل لسوريا شعبا ودولة وهوية وطنية وقومية . هنا لابد من مواجهة سؤال منطقي : اليس ذلك دعما أميركيا واضحا ورسميا لايران في سوريا ؟

وفي البحرين ايضا تماثل الموقف الأميركي مع الموقف الايراني واصبح مطلب تجريد الملك من صلاحياته ومنحها للبرلمان موقفا مشتركا أميركيا وايرانيا وكانت نتيجة ذلك لو نفذ واضحة جدا وهي تسليم البحرين الى ايران لان من سيسيطر هو انصارها هناك . وهذه الحقيقة هي التي سجلت اول افتراق جوهري وحاسم بين أميركا ودول مجلس التعاون الخليجي حيث نفذت عملية درع الجزيرة في البحرين لانقاذها من غزو ايراني وشيك رغم الرفض الأميركي الشديد لتلك الحركة المباركة .

وفي اليمن مكنت أميركا الحوثيين من وضع اسس انقلابهم العسكري ودعمت تنفيذه عبر طريقين عبر المبعوث الاممي لليمن جمال بن عمر وهو تابع لأميركا والذي دعم الحوثيين وشجعهم ، وعبر عدم اعتراض أميركا عل  التوسع الحوثي رغم انه مناقض للحل السياسي للازمة اليمنية . وعندما قررت دول التحالف العربي منع تواصل الانقلاب الحوثي بالقوة وشنت عاصفة الحزم فان أميركا دعمتها ليس لانجاحها بل لدفع السعودية ومن معها الى مرحلة نقل الفوضى الهلاكة الى داخلها وبدء عمليه تقسيمها !، ولهذا رأينا أميركا تطالب بحل سلمي للازمة بعد انطلاق عاصفة الحزم وهو مطلب يصب باتجاه منع تحقيق اهداف عاصفة الحزم ! 

وفي لبنان لم يعد سرا ان أميركا- وكذلك (إسرائيل) الغربية- لو كانتا تريدان منع توسع نفوذ حزب الله في لبنان لتحقق ذلك، على الاقل عبر دعم اطراف لبنانية كثيرة بالسلاح وهو ما رفضته بشدة ، لانها كانت ترى في توسع حزب الله تحقيقا لهدف أميركي صهيوني مشترك وجوهري لان توسعه في لبنان ليس سوى تمهيد ضروري لاشعال حرب طائفية في لبنان وفي كل الوطن العربي ، والمنطلق الأميركي يقوم على ان الفتنة الطائفية كي تحرق لبنان وكي يصبح حزب الله احد اهم قادحي الحروب الاهلية العربية يجب ان يتوسع نفوذه ويكسب انصارا عربا من تيارات مختلفة ، بل ويجب ان يطغى ويتحكم في لبنان ويحقر قواه السياسية فذلك هو الطريق الوحيد لاجبار الاطراف اللبنانية الاخرى على الرد فاليد الواحدة لا تصفق والطائفية مستحيلة بدون طرفين يتصارعان وهذا ما حصل فعلا في لبنان حيث ان تعزيز قوة حزب الله كان شرطا مسبقا لنشوء قوى مسلحة مثله ولكنها من الطرف الاخر.

هذا التتابع والاستمرارية والثبات والتوسع الأميركي في دعم (إسرائيل الشرقية) في العراق وسوريا واليمن والبحرين ولبنان كان سياسة واضحة جدا واصبحت احدى اهم ثوابت السياسة الأميركية في الوطن العربي والتي ادت الى حصول افتراق رسمي وواضح بين أميركا وبين من كانوا حلفاءها العرب بعد ان ادركوا انهم اصبحوا مكشوفين امام التهديد الوجودي الفارسي لهم المدعوم من قبل أميركا و(إسرائيل) الغربية ، وكان اجتماع كامب ديفيد الاخير خير مثال على الاختلافات الجذرية هذه .

لقد اجبر هذا الانقلاب الستراتيجي الأميركي الانظمة العربية على الاعتماد على النفس وعلى البحث الجدي عن خيارات تضمن منع استيلاء الفرس على الخليج العربي وتغيير الهوية القومية للاقطار العربية كلها ، ولذلك فاننا بأزاء تغييرات جذرية في الاصطفافات السياسية العربية والاقليمية تتناقض كليا مع ماكان سائدا منذ اكثر من ستة عقود اصبحت فيها أميركا و(إسرائيل) الغربية تقفان معا داعمتين للتوسع الامبريالي الفارسي في الوطن العربي لانه الطريقة الوحيدة لتنفيذ المخطط الاصلي الصهيوني الأميركي القائم على تقسيم الاقطار العربية على اسس طائفية وعنصرية .

فهل هذه وقائع بلا معنى ستراتيجي خطير ونتائج واقعية كارثية ؟ ولم تدعم أميركا (إسرائيل الشرقية) في كافة الجبهات حتى لو بدأت بمعارضتها ؟ ولم يصمت انصار ايران العرب عن هذه الحقائق الميدانية رغم انها خطيرة جدا وتهدد ليس الامن القومي العربي فقط بل تهدد الوجود العربي ذاته؟

أليس صمتهم دليلا على دعمهم لغزوات (إسرائيل الشرقية)؟!

 

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :136,048,866

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"