طارق عزيز.. الإنسان والقائد/ 1

لمناسبة رحيل الاستاذ طارق عزيز

((جزء مستل من كتاب "من أوراق سعادة السفير" د.سامي سعدون ـ صادر في القاهرة عام 2010))

سامي سعدون

معرفة مشرّفة

بعد مسيرة العمل الطويل مع إنسان وقائد من نمط الأستاذ طارق عزيز، شعرت كم أنا محظوظ بالتشرف بمعرفة هذا الإنسان العظيم والعمل بمعيته، فهو المدرسة التي نهل منها الكثيرون، فكان المعلم والأب والقائد الوطني الأصيل والعربي النجيب، مدرسة في الأخلاق العالية، وفي ثقافته الواسعة، وكفاءته المتميزة، وفي ولائه وأخلاصه ووفائه لوطنه وأمته العربية المجيدة، وفي تعامله الإنساني الرائع والفريد.

وهو شجاع لا يجامل في احقاق الحق، وفي التقييم المنصف، وفي العدالة والمساواة بين الجميع، وهو بعيد عن المحسوبية والمحاباة حتى ولو كان الأمر يتعلق بأقرب أقاربه- وأتذكر مرة كنا في زيارة رسمية ليوغسلافيا عام 1980 وفجأة وفي وقت متأخر من الليل جاءنا إلى دار الضيافة أحد أقارب الأستاذ وهو الأخ خالد (أبو وليد) وكان آنذاك دبلوماسياً يعمل في سفارتنا في (براغ)  وقد صدر أمر بنقله إلى إحدى البعثات في أفريقيا.. ألح في رؤية الأستاذ طارق لكي يعود في قطار الفجر .. سمعه الأستاذ وكان على وشك النوم التقاه وكان مراده أن يتدخل الأستاذ طارق لالغاء أمر نقله  لوجود أولاده في المدارس!؟

قال له الأستاذ إن هناك سياقاً للتنقلات في الوزارة ولا أعتقد أن د. سعدون حمادي وزير الخارجية يظلم أحداً ويخرج عن هذه السياقات فأنصحك بالالتحاق ولا يمكن ان أتدّخل!

ونفذ الامر وحتى عندما فشل (ابو وليد ) في عبور امتحان اللغة الأجنبية نقله الأستاذ طارق الذي اصبح وزيرا للخارجية (1983 ـ 1991 ) إلى خارج الوزارة أسوة بكل الفاشلين في الامتحان.

والأستاذ طارق من ناحية يتدخل إذا كان ذلك في المصلحة العامة ولصالح من هو كفوء ومخلص ومتميز في أدائه وعمله، واثناء قيادته لوزارة الخارجية سمح للموظفين بإ‘كمال دراساتهم العليا، كما أنه بعث العديد من الموظفين للدراسة والتدريب والتخصص، وحتى السفراء شملوا بالتفرغ لتعلم اللغات الأجنبية مع الاحتفاظ بكافة امتيازاتهم!

وللأستاذ طارق فضل في وصول العديد إلى مناصب عليا.. وزراء وسفراء ومدراء عاميين، واكثر من مرة تدخّل للابقاء على سفراء اخطأوا فعوقبوا بالاعادة الى المركز لمعرفته بكفاءتهم ولنجاحهم، ومن مدرسته خرج جيل من الكتاب والباحثين والأعلاميين والصحفيين اللامعين. وكان فوق كل ذلك حليماً مسامحاً فهو لا يعرف الحقد والانتقام حتى مع من حاول الاساءة إليه لأنه لا يفكر إلا في مصلحة البلد.

 

الوطنية والقومية

والأستاذ طارق .. وطني حد النخاع وعروبي حتى قطع النفس ، كيف لا .. وهو ابن العراق البار، وابن نينوى العربية التي ترضع ابناءها – كما هو شأن كل العراقيين أصلاً- الحب والولاء والأخلاص للوطن والأمة، نعم أنه من عرب الموصل الحدباء ، وهل هناك من يتنكر لعروبة أبناء الموصل وولائهم وأخلاصهم لوطنهم وأمتهم؟!!

لقد حاول الأعداء المغرضون النيل من الهوية اليعربية لهذا الإنسان العظيم كونه مسيحياً فأدعوا أن اسمه (طارق حنا عزيز) ولم يكن هذا صحيحاً وان كان فانه لايعني شيئاَ ولا يغّير من اصالته ووطنيته، ومع هذا فأنا مطلعّ على جنسيته العثمانية وبقية الوثائق التي تؤكد أن اسمه (طارق عزيز عيسى)، كما أن شقيقه الأكبر (فوزى) وأخته السيدة أم يعرب (أمل) وأسماء ابنائه وبناته عربية ابتداءً من الأخ زياد (ابو مريم) وحتى الأخ صدام.. الذي ولد وكان السيد الرئيس ضيفاً في بيت الأستاذ طارق عائداُ وزائراً بعد تعرض الأستاذ طارق للمحاولة الاجرامية التي نفذها حزب الدعوة العميل في الجامعة المستنصرية عام 1980.. فجاءه خبر مجىء مولود جديد.. فاستأذن الرئيس أن يطلق عليه اسم (صدام) لوجوده في بيت الأستاذ.

وأتذكر أنه في عام 1980 اتصل بى حميد المطبعى، وكان محرراً في جريدة الثورة وبعد تقاعده فرّغ لجمع وتدوين معلومات عن الرفاق أعضاء قيادة الحزب ضمن حملة للمكتب الثقافي للتوثيق وكجزء من كتابة تاريخ  الحزب، قال الأخ حميد: أريد أن أذهب إلى الموصل لازور (القرية) التي ولد فيها الأستاذ طارق بهدف جمع معلومات عن طفولته ونشأته.. أرجو أن تسأل الأستاذ طارق أن كانت لديه معلومات عن تلك القرية؟! دخلت على الأستاذ طارق في مكتبه وكان مشغولاً بقراءة وتصحيح خطاب للسيد الرئيس في ذكرى الثورة، فقاطعته لأخبره عما قاله حميد.

قال الأستاذ طارق ضاحكاً: من أين اتى حميد بهذه المعلومة، أصلي من الموصل فعلا ولكن أغلب سني حياتي قضيتها في بغداد.

وكونه مسيحياً فهذا ليس مثلبه ولا تمس وطنيته ولا قوميته، وللمعلومات والتاريخ فإن الأستاذ طارق، رغم علمانيته، أكثر علماً واطلاعاً على الاسلام من دعاة الإيمان المزيف، وأنه يبز الكثير من المعممين بثقافته الإسلامية وغزارة معلوماته عن الدين الإسلامي الحنيف، كأي بعثي مؤمن بأن روح العروبة الإسلام. وأنه في أكثر من مرة، لسلامة لغته العربية ولاطلاعه ودراسته للقرآن الكريم والاحاديث والتفاسير، كان يصحح ما يذكره الآخرون من آيات ليست صحيحة رغم أنهم مسلمون ومعروفون بأنهم متدّينين!

مرة عاد من اجتماع للقيادة وطلب مني التأكد من الآية الكريمة (فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض) قائلاً: سامي تأكد لي هل أن الآية تبدأ بـ فأما أو أما، لانها تصدّرت خطاب السيد الرئيس في ذكرى احتفالات ثموز، وعندما عدت إلى فهرس آيات القرآن وجدتها فأما .. وعندها اتصل لتصحيح الاية  قائلاً: ابو احمد، تأكدنا والصحيح "فأما" وليس "واما" فارجو التصحيح قبل النشر.

ويتذكر الكثيرون كلمة الرثاء ذات المسحة الايمانية الاسلامية التي كتبها الأستاذ طارق ونشرت في جريدة الثورة عند وفاة الأستاذ (أحمد ميشيل عفلق) مؤسس حزب البعث بعد إعلان إسلامه قبيل وفاته (وأنا شخصياً اطلعت على الوريقة التي كتبها المرحوم عفلق بخط يده يقرّ فيها بإسلامه وابدال اسمه إلى (أحمد).

وعند التحاقي بوزارة الخارجية بعد عودتي من أفغانستان عام 1989 .. نسبت للعمل في مكتب الوزير وكان وقتها الأستاذ طارق عزيز الذي استدعاني ذات يوم وكلفني بأن اعرف اصل الأمام أبي حنيفة هل هو عربي أم غير عربي؟

أجبت مباشرة.. أستاذ معلوماتي أنه أفغاني الأصل، قال: تأكد من ذلك. ولا أعلم هدفه من السؤال حتى اليوم!

سألت أكثر من مصدر وأخيراً حصلت على أحد المراجع الدينية من مكتبة وزارة الأوقاف تؤكد أن أصل الأمام ابو حنيفة النعمان أفغاني. 

وخلال عملي لفترة طويلة معه علمت أن المرحوم الدكتور أحمد عبدالستار الجواري وزير التربية في عهد الرئيس الراحل احمد حسن  البكر، وهو صديقه  الشخصي  ومعروف عنه التدّين .. كان لا يحبذ ترؤس الأستاذ طارق أو مشاركته مع الوفد العراقي لمؤتمرات منظمة المؤتمر الإسلامي!، ولكنه في النهاية أقتنع بأهلية الأستاذ طارق لحضور مثل هذه المؤتمرات لثقافته الإسلامية وكان الأستاذ طارق– للامانة والتاريخ- أحد أبرز من يقومون بصياغة القرارات والبيان الختامي في مثل هذه المؤتمرات .

 

الوفاء والأخلاص

بعد احتلال العراق وتدميره عام 2003 كان دأب المحتلين الاميركان وعملائهم ممن نصبوهم على رأس السلطات في بغداد، استهداف الإنسان العراقي وقتل إرادته، وفي مقدمة ذلك يأتي تصفية القيادات الوطنية وخيرة أبنائه وعلمائه والاساءة لرجالاته الأصلاء ومنهم الأستاذ طارق عزيز الذي لم يجدوا ما يبرر لهم تصفيته فألصقوا به تهماَ مضحكة منها مشاركته في قرا ر اعدام التجار المتهمين بخزن الحبوب في ظل حصار لعين عام 1992، أو التدخل في (خطب صلاة الجمعه الاسلامية!) وما إلى ذلك ..

والجميع يعلم أن الأستاذ طارق كان مشرفاً على السياسة الخارجية بعد قطاع الثقافة والأعلام ولا صلة له لا من قريب ولا من بعيد بالشؤون الاقتصادية أو الدينية ومع هذا حكموا عليه ظلماً بالسجن (22) عاماً ثم بالاعدام رغم كبر سنه واستفحال أمراضه بهدف التخلص منه ومن كل وطني شريف رفض ويرفض خيانة الوطن والعمالة للمحتل! ومن المتوقع انه ستتم تصفيته في سجنه!

وهؤلاء الذين حكموا على الأستاذ طارق اليوم هم من استهدفوه في أكثر من محاولة إجرامية بالأمس، اذ نجا باعجوبة من حادث تفجير الجامعة المستنصرية الاجرامي الذي نفذه حزب الدعوة العميل في نيسان عام 1980، والذي كسر فيه ذراعه وظلت شظايا الاعتداء في جسده وفيها فقد مرافقه الاخ محمد حسين الراوي (ابو فارس) احدى عينيه، فضلا عن عشرات الضحايا من الطلبة، ثم في محاولة أخرى وبعد ايام عند افتتاحه لمعرض فني في صالة العرض في ساحة الطيران.

واليوم هؤلاء واسيادهم ملالي ايران لا يخفون نواياهم العدائية في استهدافه وكل رجالات العراق من قيادة وطنية وكبار القادة والضباط نزولا الى عامة الشعب، ممن دافع عن العراق في صد العدوان الفارسي، والعمل على التخلص منهم، ومن الاستاذ طارق بشك خاص ليس فقط لاخلاصه ووطنيته وحبه للعراق ولامته العربية وإنما لموقفه الصلب الشجاع ضد إيران أبان حرب الثمان سنوات، يضاف إلى ذلك وفاؤه وإخلاصه لوطنه وللقائد.

لقد ساوم الأستاذ طارق، اميركان وعملاؤهم، ممن نصبوهم في السلطة ومنوّه بالحرية واختيار البلد الذي يرغب العيش فيه إذا ما أ يدهم باتهاماتهم واساءاتهم للرئيس صدام فرفض بقوة ووقف إلى جانبه اثناء محاكمته وأمام الملأ.. وقف إلى جانب مبادئه وتعبيراً عن أخلاقه في الاخلاص والوفاء وشيم الرجولة والشجاعة والوطنية الحقيقية .

 

العلاقة مع الرئيس صدام حسين

الجميع يعرف عن تميز علاقة الأستاذ طارق بالسيد الرئيس صدام حسين حيث كان قريباً منه ويوصف بانه اليد اليمنى له وأبرز معاونيه.. وهذا أمر طبيعي لأن الأستاذ طارق من القياديين المعروفين بولائهم وأخلاصهم للوطن والقائد الذي يمثل الوطن والمبادئ .. فحبه للقائد صدام وعلاقته الحميمة به هي من باب أخلاصه ووطنيته فضلاً عن كفاءته وجدارته وتميزه لهذا كان قريباً منه وشعاره.. مصلحة وسلامة الوطن والأمة فوق كل اعتبار.

وهناك حقيقة أن الأستاذ طارق من القياديين المحترمين فكان عزيز النفس فضلاً عن شهامته وشجاعته ونزاهته، فعلاقته مع الرئيس الذي كان يهابه الجميع كانت علاقة الرفيق بالرفيق وهو من القلائل (وربما ينفرد بذلك) ممن كان لا يداهن ولا يجامل ولا يتملق ولا يمارى أو يتزلف ولا (يمسح الاكتاف) في علاقته بالرئيس صدام، كان صادقاً وطبيعياً في كل تصرفاته وتعامله، وعندما يتحدث عن الرئيس يقول (السيد الرئيس) أو الرفيق صدام وعندما يخاطبه بـ (سيدي) ولا يردد كما يفعل كثيرون القاب الرئيس كأن يقول (الرفيق القائد المنصور بالله) (القائد الضرورة) (السيد الرئيس حفظه الله ورعاه) وما إلى ذلك من ألقاب!

وهذه الحقيقة يعترف بها حتى ممن (لا يحبون) الأستاذ طارق لأسباب شخصية أمثال (حسن العلوي) إذ يظن أن الأستاذ طارق كان السبب في عدم توليه مناصب أعلى (وهذا غير صحيح) ، إذ أكد العلوي في لقاء تلفزيوني بثته قناة الشرقية أواخر عام 2008 في برنامجه (اعترافات محمد بن الليث) قال أنني لا أحب  طارق عزيز ولكنه شجاع وهو لم يتملق أو يداهن صدام حسين.

وقريب من هذا ما ذكره (حامد الجبوري) الوزير المخضرم والسفير السابق في شهادته على العصر التي بثت في أكثر من حلقة في قناة الجزيرة الفضائية أواخر عام 2008 مما قاله إن "طارق عزيز لم ينتقدني، كما فعل الأخرون، أرضاء لرغبة السيد النائب صدام حسين عندما أراد ابعادي عن وزارة الأعلام في السبعينات، فقد كان السيد طارق موضوعياً، وحديثه عاماً دون أن يتناولني بشيء من السوء ارضاءً لصدام حسين كما فعل اخرون!! إن القريبين من  مصدر القرار ومن الأستاذ طارق يعرفون ذلك حق المعرفة".

 

عصامي ونزيه

وهناك حقيقة غير معروفة إلا للعاملين مع الأستاذ طارق بشكل مباشر وهي أنه قد يكون الوحيد بين المسؤولين من أعضاء قيادة وحتى الوزراء  من لا يستلم استحقاق الموفد بمهمة من (تحويل الدينار العراقي إلى دولار بسعر رسمي 3 دولار للدينار الواحد) وهو حق لكل من يوفد رسمياً إلى الخارج إذ أن هناك مخصصات يومية مقطوعة بالدولار.. فكان الأستاذ (لا يحّول استحقاقه) مكتفياً بما ترسله الرئاسة له كمصرف جيب والذي حدد أيام الحصار بـ (1500) دولار لعضو مجلس قيادة الثورة و(1000) دولار للوزير.

ومع قلة هذا المبلغ فقد كان كريماً مع بعض مرافقيه وممن يخدم في دور الضيافة والفنادق واثناء السفر.

سألته مرة: أستاذ، لماذا لا تسمح لنا بتحويل استحقاقك الشرعي، فأغلب الموفدين يحوّلون أكثر مما يردك من الرئاسة؟ قال: استحقاقي هو الذي يصلني من الرئاسة وهو كاف لا أريد أن أكلف الدولة عملة صعبة أخرى.

وللأمانة عندما كان العراق بخير قبل الحصار كانت عطايا السيد الرئيس لأعضاء القيادة والوزراء مجزية كما كانت يد العراق مفتوحة للجميع يغرف من جوده منه القاصي والداني، وكان الأستاذ طارق يوزع جزءاً كبيراً من اكراميته على كل مرافقيه بما فيه (ستاف Crew) الطائرة الخاصة.

والسيد الرئيس يعرف نزاهة ونظافة وعصامية الأستاذ طارق فضلاً عن أنه لا يوجد من يطعن بأمانته ونزاهته حتى من بين من يعاديه.. وأتذكر خلال ندوة وزارة الثقافة والأعلام عام 1977 التي نظمها الحزب في كل دوائر الدولة لانتقاد الظواهر السلبية.. كل ما طرح ضد الوزير الأستاذ طارق من (شخص واحد اصبح سفيراَ فيما بعد!) فقط هو أن الأستاذ طارق كان يبذر اموال الدولة بتبديل وتجديد الأثاث والبردات (الستائر) سنوياً!

وقبل أن يجيب الأستاذ طارق تدخل السيد الرئيس (وكان نائباً) وحاضراً هذه الندوة قائلاً.. أنا أتفق مع ذوق الأستاذ طارق .. فالتجديد والتغيير مطلوبان وهما يعطيان روحاً واندفاعاً وحيوية ونشاطاً مجدداً بعكس الروتين والرتابة. وأضاف أن من يطرح هذا الطرح، أنا واثق ولدي معلومات، من أنه أراد أن يسرق (يبوك) من أموال الوزارة بطريقة مشبوهة ولكن الرفيق طارق لم يسمح له، وبما أن هؤلاء عارفون  بنزاهة ونظافة الرفيق طارق التي تقطع الطريق على مخططاتهم لذلك لم يجدوا ما ينتقدونه فيه غير ما طرحوه وهو يحسب له لا عليه..

كانت هذه الحادثة مسجلة باشرطة كلفت في وقتها بتفريغها عندما كنت في السكرتارية الصحفية التابعة لمكتب الوزير.

 

شجاعة ورجولة

ورغم سعة صدره وهدوئه وقدرته على التحمل كان الأستاذ طارق شجاعاً لايهادن في الدفاع عن العراق الاشم شعباً وتراباً وثروات وأنتماءً، وعن الأمة العربية وقضاياها المركزية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وله في ذلك دور مشرف، ليس فيما نشرله من مؤلفات وماكتبه من مقالات ودراسات وبحوث وما سجل له من محاضرات ولقاءات صحفية وتلفزيونية فقط، وإنما في جهاده المتميز ونضاله الدؤوب في المحافل العربية والإقليمية والدولية وبالذات في ظل عصر الهيمنة الأميركية، هذا العصر الذي انحنت أمامه الهامات، فكان الأستاذ طارق أحد أبرز الأصوات وأشجعها في قاعات مجلس الأمن والجمعية العامة في نيويورك وجنيف وفينا وفي عواصم الدول الكبرى، ينتقد ويفضح عدوانية وطغيان (جورج بوش) وإدارته ، إضافة إلى قيادته الشجاعة للدبلوماسية العراقية في أحلك الظروف التي مر بها العراق أبان حرب الثمان سنوات مع إيران وأثناء الحصار والعدوان الثلاثيني الغاشم عام 1991 وحتى الاحتلال وتدمير العراق.

محاوروه، وأغلبهم من أعداء العراق، شهدوا وأشادوا بشجاعته وحكمته وبراعته في الدفاع عن قضية العراق، واتذكر جولات المباحثات الطويلة والتي استمرت سنوات مع اللجنة الخاصة المكلفة بما سمى في حينه (إزالة أسلحة الدمار الشامل في العراق) حيث كان نداً صلباً أمام رولف ايكيوس، رئيس هذه اللجنة وأعضائها من الـ (CIA) الأميركية والمخابرات البريطانية.

وللتاريخ وإنصافاً للحقيقة، كان الأستاذ طارق ومن خلال المنابر التفاوضية، شديداً في الرد، ولا يرضى عن أي أساءة للعراق أو لقيادته والالتفاف على قضيته ومحاولات طمس حقوقه والقفز علىالحقائق وغمطها وعلى ذلك شواهد عديدة.

 

يتبع في جزء ثاني

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :135,622,360

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"