#إيران الراعي الرسمي «للزمن الميليشياوي»

رجا طلب

بات واضحا أن أسهل طريقة لتفتيت الدولة الوطنية وتحديدا في الجغرافيا العربية تستند على مبدأين اثنين وهما: إضعاف المؤسسة العسكرية أو الجيش الوطني، والمبدأ الثاني هو صناعة الميليشيات ذات الطابع القومي أو الديني أو الاثني لتسد الفراغ الذي تركه الجيش الوطني.

 

كانت التجربة «النموذج» في العراق عام 2003 وذلك على اثر اسقاط نظام الرئيس صدام حسين، حيث كان ملفتا للاستغراب والدهشة قرار بريمر الحاكم العسكري الاميركي بحل الجيش العراقي، كان تبرير الحل مريبا وعلى اعتبار ان الجيش العراقي المؤسس من عشرينيات القرن الماضي والذي كان نتاج الثورة العربية الكبرى، كان ذو لون سني وهو افتراء تاريخي على الجيش العراقي وعلى الثورة العربية نفسها.

وكانت خطوة حل الجيش العراقي أولى خطوات واشنطن باتجاه تسليم العراق لإيران وتوابعها في العراق، ومنذ ذلك التاريخ الى اليوم فإن العراق دولة «كسيحة» امنيا وعسكريا تعيش حربا طائفية موجهة من الميليشيات الشيعية التابعة لطهران ضد العشائر السنية والتي وصلت اليوم لمرحلة بات فيها العرب السنة واقعين بين مطرقة «داعش» وسندان ميليشيات الحشد الشعبي الشيعية، وباتت بغداد التي كانت عنوانهم تاريخيا خالية منهم، وبات وجودهم في المحافظات السنية الاخرى مهددا «بالخطر الوجودي» وكان «الفضل» في ذلك لسياسة نوري المالكي من عام 2006 حتى نهاية عام 2014.

هذا «النموذج البائس» جرى تطبيقه باليمن وجارٍ إفشاله، وطبقته إيران في سوريا لإنتاج داعش وغيرها من الميليشيات المتطرفة للقول أن هذه الجماعات هي بديل بشار الأسد ونظامه، اي انها «فزاعة تكتيكية» ولربما يبتلع «داعش» نظام بشار الاسد وسوريا كاملة.

اما النموذج الرابع والذي رعته وعززته طهران منذ بداية التسعينيات من القرن الماضي بهدوء وبمنهج مدروس وما زالت الى الان ليكون بديلا للدولة اللبنانية هو نموذج ميليشيا «حزب الله».

مخطط ايران في لبنان وصل الى تحديات صعبة منعته من «احتلال» الدولة اللبنانية عبر ميليشيا حزب الله بعد انتخاب الرئيس اللبناني السابق ميشيل سليمان عام 2008، غير أن ظروف الثورة التى تفجرت ضد نظام الاسد عام 2011 فرضت على الحرس الثوري الايراني التفكير مجددا في ربط الملفين اللبناني بالسوري، وانتاج معادلة «تبديل هزائم نظام بشار وايران في سوريا الى انتصارات او فوضى في لبنان»، بمعنى ادق «الهزيمة في سوريا تعني فوضى في لبنان»، وهي معادلة بدأت معالمها تتضح ، ومن يتابع خطابات نصرالله المتكررة يدرك ان «فاتورة» سقوط او خسائر بشار الاسد في سوريا سيدفع ثمنها لبنان وامنه، وحديث نصرالله العلني عن «لواء القلعة» الذي يضم اعدادا كبيرة من المجرمين ومروّجي المخدرات والمطلوبين للعدالة من اهالي البقاع والهرمل «وهم من العشائر الشيعية» في مواجهة اهالي عرسال السنية بالاضافة للنصرة وجند الفتح وداعش يدرك اننا امام وصفة مثالية لحرب طائفية مقيتة تبدأ في الحدود اللبنانية مع سوريا وتنتقل لاحقا لبيروت وشمالي لبنان.

الحرب الطائفية المخطط لها ايرانيا في لبنان هي حرب بدأت منذ عام تقريبا «بتعطيل» انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية وفرض معادلة «اما ميشيل عون او لا أحد» ، وهي مرشحة بقوة للتفجير وفي اي وقت بعد ان بات نظام بشار الاسد آيلا للسقوط، وبعد أن بات حزب الله يتجرع مرارة الهزائم هو ونظام بشار وقوات قاسم سليماني وميليشيا نوري المالكي على الأرض السورية.

... مهمة النظام العربي الرسمي المعتدل ليست في اليمن فقط، بل المطلوب ان تكون في العراق وسوريا ولبنان، فهل من تفكير استراتيجي عربي في مواجهة المخطط الإيراني؟!

للأسف لا اعتقد أن مثل هذا التفكير موجود لا في العقول ولا في الأدراج!!

 

نشر المقال هنا

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :136,050,459

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"