لماذا تطيل #أميركا المفاوضات مع (اسرائيل الشرقية)؟

صلاح المختار

مرة اخرى نؤكد على صواب الحقيقة التالية: أميركا تستطيع بكل سهولة ‏وبلا اي تعقيدات شل القدرات الدفاعية العسكرية والفنية لـ(اسرائيل ‏الشرقية) بما لديها من امكانيات تكنولوجية متقدمة نشرت معلومات عن ‏الكثير منها في السنوات العشرة الاخيرة وهي قادرة على تعطيل الدفاعات ‏الفارسية، بجزء بسيط من تلك القدرات الهائلة ومنع الفرس من الرد على اي ‏هجوم أميركي عليها بضرب حقول النفط في الخليج العربي. وهو الحجة التي ‏استخدمتها جهات عديدة لتفسير عدم قصف (اسرائيل الشرقية).

 

المتخصصون ‏في التكنولوجيا العسكرية افضل من يؤيد هذه الحقيقة وما جرى للعراق منذ ‏عام 1991 وحتى الان يؤكد ايضا تلك الحقيقة لان القدرات التكنولوجية ‏الأميركية نجحت في شل اغلب القوات المسلحة العراقية ومنعتها من الرد ‏خصوصا عندما دخلت قوات الاحتلال بغداد. ‏

لم اذن لا تستخدم أميركا قدراتها الهائلة لشل (اسرائيل الشرقية) ‏واخضاعها لما تريده وتتركها تعربد وتحتل وتقتل الاف العرب شهريا في العراق ‏وسوريا واليمن ولبنان والبحرين وغيرها؟

لنتفق قبل كل شيء وطبقا لمانراه من ‏وقائع دامغة على ان أميركا لا تريد اخضاع (اسرائيل الشرقية) الان وليس هناك ‏تهديد فارسي للمصالح الأميركية والاسرائيلية الغربية بل هناك مصلحة ‏ستراتيجية أميركية واسرائيلية غربية بدعم التوسع الاستعماري لـ(اسرائيل ‏الشرقية( على حساب العرب ، وتلك بديهية يمكن لاي مراقب للاحداث ان يتوصل ‏اليها بلا عناء كبير ،خصوصا بعد الاعترافات المتبادلة الأميركية والفارسية بوجود ‏التقاء مصالح بينهما . ‏

في ضوء ما تقدم فان أميركا تطيل المفاوضات وتشجع (اسرائيل الشرقية) ‏على التمادي في المماطلة لعدة اسباب منها ما يلي :‏

‏1-اعطاء انطباع عالمي بأن (اسرائيل الشرقية) تملك القدرة على فرض ما ‏تريده بفضل امكانياتها وامتلاكها وسائل الحاق الضرر بالغرب وبذلك تسهل على ‏حكومات الغرب تقديم تنازلات لها دون رفض شعبي لتلك التنازلات  .‏

‏2- تعظيم العناد الفارسي نتيجة زرع فكرة  مضللة وهي ان (اسرائيل ‏الشرقية) قادرة على فرض ما تريد وتقارن ذلك بسرعة ضرب العراق وعدم اعطاءه ‏فرصة طويلة حتى للرد على العروض والشروط الغربية. ومن المعروف عن ‏النخب الفارسية انها متطرفة في عنادها وتمسكها بما تريده وعندما ترى هذه ‏النخب ان أميركا مضطرة لاطالة المفاوضات وتبدي صبرا كبيرا فانها تزداد ‏تطرفا وعنادا وهذا ما تريده أميركا لاطالة الصراعات وعدم توقفها نتيجة ‏تعب واستنزاف كافة الاطراف  . ‏

‏3-المبالغة في قدرات (اسرائيل الشرقية) هدفها اقناع اعضاء الكونغرس ‏الأميركي والبرلمانات الاوربية بان عدم الاتفاق سوف يحمّل كل الغرب اعباء ‏صراع مكلف مع (اسرائيل الشرقية) ولذلك فافضل الحلول واقلها ضررا هو ‏اعطاءها مكاسب تمنع تحمل اعباء حروب  وازمات حادة مكلفة معها .‏

‏4- لنلاحظ ان (اسرائيل الشرقية) ومنذ اكثر من سنة قد تعرضت لاقسى ‏واقصى استنزاف بسبب حربها المتعددة الجبهات ضد العرب في العراق ‏وسوريا ولبنان واليمن، وما تقدمه لنغولها من دعم مالي لاعلامها واحزابها ، وبما ان مخطط تقسيم الاقطار العربية لم يصل بعد الى نتيجته، رغم كل ‏الفتن الطائفية التي اشعلتها (اسرائيل) الغربية وكان متوقعا انها كافية ‏للتقسيم فان المطلوب  من وجهة نظر أميركية واسرائيلية غربية عدم ‏السماح بانهيار الموقف العسكري الفارسي وضرورة تواصله لاجل اكمال ‏مشروع تقسيم الاقطار العربية كلها  .‏

‏5-المطلوب أميركيا وصهيونيا في المستقبل القريب هو اكمال تأهيل ‏(اسرائيل الشرقية) لتكون عضوا فعالا ومنسجما في النظام المسمى (الشرق ‏الاوسط الجديد)، ولهذا فان تعظيم صورتها واقتران ذلك بالتركيز على عناصر ‏متطرفة  في النظام ونقدها واعتبارها تهدد المصالح الغربية ليس سوى تمهيد ‏لاحداث تعديلات او انقلاب سلمي على الارجح داخل (اسرائيل الشرقية) من ‏اجل ابعاد تلك العناصر وتحميلها مسؤولية الجرائم التي ارتكبتها وتحول ‏النظام الى حليف رسمي منسجم مع أميركا وغيرها ويقوم بدور اقليمي ‏مدعوم رسميا ايضا من قبل الناتو.‏

وطبقا لذلك نكرر ما قلناه مرارا  من ان (اسرائيل الشرقية) القوية ‏مصلحة ستراتيجية أميركية و(اسرائيلية) غربية وعلينا شعبا عربيا  واحدا – ‏رغم انوف كافة اشكال الصهيونية - وحكاما مهما كانت هويتهم وضع هذه ‏الحقيقة امامنا خصوصا عندما يحاول اي ممثل لأميركا خداعنا بالتظاهر ‏بانه ينتقد (اسرائيل الشرقية) ويبين مخاطرها وضرورة تحجيمها . ‏

نكرر وكي لا تغيب عن رؤيتنا مفاتيح الفهم السليم ان الاساس والجوهر ‏في دعم أميركا و(اسرائيل) الغربية ودول اوربية لـ(اسرائيل الشرقية) هو وجود ‏دافع استراتيجي– وليس تكتيكي-  وهو امتلاكها ادوات نشر الفتن الطائفية في ‏الوطن العربي، اي التنظيمات الطائفية التابعة لها، وبما ان  نشر الفتن ‏الطائفية هو الهدف المركزي لـ(اسرائيل) الغربية وأميركا ودول اوربية، لذلك ‏فدعم حكام طهران في هذه المرحلة من متطلبات تلك الخطة.

اما السبب الاخر ‏لدعم حكام طهران فهو تاريخ العلاقات بين العرب والفرس وهو تاريخ حافل ‏بالصراعات الدموية وما تركته من عداوات وثأرات كثيرة، لذلك فان ايران اكثر من ‏لديه الاستعداد لتقديم كافة انواع التضحية من اجل إلحاق الهزيمة بالعرب ‏وتقسيمهم وتقاسمهم.

اما اخر سبب فهو ان الغرب كله لا يريد خوض حروب ‏بجيوشه وان خير بديل رخيص وجاهز يحفظ دماء الغربيين ومالهم هو دعم ‏(اسرائيل الشرقية) لتقوم بالنيابة عنهم وبالاصالة عن نفسها بتدمير العرب شعبا ‏وانظمة وهوية .‏

الانقاذ الحقيقي، وهو ممكن جدا، يبدأ من عدم تجاهل او جهل هذه ‏الحقائق.‏

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :136,046,934

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"