قانون العفو العام عن ساسة #العراق!

جاسم الشمري

في أيلول/ سبتمبر في العام 2014 تشكلت حكومة بغداد بزعامة القيادي في التحالف الوطني حيدر العبادي، وذلك بعد التوقيع على وثيقة الاتفاق السياسي بين ممثلي (المحافظات السنية والأكراد) من جهة والتحالف الوطني الحاكم من جهة أخرى.

وتضمن الاتفاق أكثر من (15) بنداً جرى التوافق عليها، ومنها قانون الحرس الوطني، والعفو العام عن المعتقلين، والقضاء على الإرهاب بكل أشكاله، وإعادة التوازن للدولة بحسب النسب السكانية الحقيقية وغيرها من القرارات، التي لو نًفذت بروح صافية، ورغبة خالصة لربما كانت أرضية جيدة للمصالحة الوطنية الحقيقية، ولكن هذا الاتفاق لم يُنفذ، على الرغم من مرور السقوف الزمنية لتنفيذ فقراته، التي تتراوح بين ثلاثة إلى ستة أشهر .

في نهاية الشهر الماضي أرسلت حكومة بغداد مسودة قانون العفو العام للبرلمان للتصويت عليه.

وبعد القراءة الأولى للقانون قيل إن رئاسة البرلمان قررت إعادته للحكومة لأنه لا يتفق مع بنود الاتفاق السياسي، الذي تشكلت بموجبه الحكومة.

حكومة العبادي تقول إنها أنجزت غالبية بنود الاتفاق، بينما يقول شركاؤها إنها لم تنفذ إلا النزر اليسير، والمناوشات الإعلامية حتى الساعة مستمرة بين الفريقين، وكل فريق يرمي الكرة في ملعب الآخر، وكأنهم يقولون للعراقيين: نحن نعمل من أجلكم، والدليل هذا التراشق الإعلامي!

وبالمقابل هناك من وصف القانون بأنه قانون الظلم العام، على اعتبار أنه سيشمل أعداداً كبيرة "من المجرمين والإرهابيين"، بحسب زعمهم.

الحديث عن قانون العفو العام يوجب علينا التأكيد على أن غالبية المعتقلين، هم إما من الذين اعتقلوا في مرحلة الاحتلال الأميركي، وتم تسليمهم للجانب الحكومي بعد الانسحاب الأميركي الرسمي من بلاد الرافدين نهاية العام 2014، وإما من الذين اعتقلوا في الحملات الحكومية اليومية المستمرة منذ عدة سنوات وحتى الساعة، وأُجبروا- تحت وطأة التعذيب الجسدي والنفسي- على الاعتراف بجرائم لم يرتكبوها، بحسب شهادات لمنظمات دولية، ومنها العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش وغيرهما.

التناحر السياسي الجاري في عموم المشهد السياسي اليوم لا يمكنه أن يغير حقيقة الإجرام السياسي، والإرهاب الرسمي، الذي وقع – ويقع - على العراقيين نتيجة العملية السياسية، وعليه أعتقد أن أولى الناس بالعفو العام هم غالبية السياسيين المشاركين في العملية السياسية، وذلك استناداً لأسباب قانونية ومنطقية عديدة، ومنها:

1- وقوف غالبيتهم مع الإرادة الأميركية لاحتلال العراق بحجة نشر الديمقراطية، والدفع باتجاه احتلال البلد - بحد ذاته- جريمة يعاقب عليها القانون لأنها خيانة للوطن.

2- تسبب غالبية هؤلاء الساسة- نتيجة دعمهم للاحتلال الأميركي- بمقتل أكثر من مليون مواطن عراقي إضافة لخمسة ملايين يتيم، وستة ملايين مريض نفسي، وغيرها من الأرقام المرعبة التي نشرتها لجنة حقوق الإنسان البرلمانية.

3- دعمهم للميليشيات الطائفية التي أرهبت المواطنين في وضح النهار، ونشرت الرعب والخوف في عموم البلاد.

 4- بسبب سياساتهم الطائفية الهزيلة دفعوا باتجاه تشرذم البلاد، والعراق اليوم على حافة هاوية التقسيم وهذا ما أكده أكثر من زعيم عراقي، ومنهم رئيس مجلس النواب سليم الجبوري.

5- تقصيرهم في استيعاب موجات التهجير الداخلي، واختلاق العقبات لتنقلهم السلس داخل البلاد.

6- انتشار الفساد المالي والإداري، والمخدرات، وجرائم الاتجار بالبشر، والبطالة والفقر، والدمار الذي أصاب البنى التحتية والفوقية للدولة.

هذه الأسباب وغيرها جعلت العراق في قائمة الدول الأكثر فشلاً وفساداً وخراباً!

في ضوء هذه الأسباب وغيرها أعتقد أن أولى الناس بالعفو العام هم غالبية سياسيي المنطقة الخضراء، وعليه أنصحهم - طالما يمتلكون السلطة اليوم- أن يسنوا قانوناً بهذا الشأن قبل أن تأتي ساعة لا ينفعهم فيها الندم.

أما الحديث عن قانون العفو العام للمعتقلين فأعتقد أن الأصح أن يصدر قانون للاعتذار العام من غالبية السجناء، المدنيين الأبرياء المظلومين، ضحايا المخبر السري والميليشيات الطائفية.

سياسة "التجريم الكيدي" - المتبعة حالياً - لا يمكن أن تكون أرضية صالحة لزرع الثقة بين الدولة والمواطن، أو لنشر الأمن في الوطن.

فهل ماتت الحكمة؟!

 

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :136,037,497

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"