الاتفاق النووي حقائق لابد من تذكرها/ 1‏

‏صلاح المختار

كالايتام على مائدة اللئام ‏

‏مثل عربي

الاسئلة الحائرة والمحيرة التي اثارتها وتثيرها العلاقات بين أميركا ‏والاسرائيليتين الغربية والشرقية واطراف اوربية وصلت بعد توقيع الاتفاقية ‏النووية مرحلة اكثر خطورة تفرض توضيح جوانب مشوشة عمدا فيها ، وتلقيت ‏رسائل عديدة فيها اسئلة كثيرة منذ تم الاتفاق عليها مبدأيا وزادت  الرسائل بعد ‏التوقيع على الوثيقة النهائية وسارد عليها تدريجيا :‏

هل الاتفاقية النووية اعلان حرب شاملة على الامة العربية كما ترى ‏جهات معينة؟

الجواب: نعم انها اعلان حرب بكل ما تعنيه هذه الكلمة ‏من معان متعددة  للاسباب التالية :‏

‏1-انها اتفاقية تمنح (اسرائيل الشرقية) اهم ما كانت تحتاجه لمواصلة ‏توسعها الاستعماري في الوطن العربي وهو المال فالاتفاقية تطلق على الاقل ‏‏120 مليار دولار أميركي مجمدة اضافة لموارد اضخم  تأتي من استئناف التبادل ‏التجاري الحر معها ، وهذا المال الكثير المتوقع الحصول عليه بعد رفع العقوبات ‏كاف لتحقيق عدة اغراض اهمها واخطرها بالنسبة لنا انهاء ازمة شحة المال ‏الفارسي بسبب العقوبات والتي كبحت الكثير من خطوات (اسرائيل الشرقية) ‏التوسعية او جمدتها بسبب الاستنزاف الهائل الذي نشأ عن التدخل العسكري ‏الفارسي المباشر وغير المباشر في العراق وسوريا واليمن ولبنان وغيرها .‏

اضافة للاموال الضخمة التي تصرف على دعم الفضائيات والاجهزة ‏الاعلامية الاخرى التي تأسست بتمويل إيراني واخذت تواجه احتمال غلقها او ‏تقليل نشاطها، واستمرار تمويل المرتزقة العرب واحزابهم ومؤتمراتهم خصوصا ‏المتسترين باسم القومية العربية كثمن لدعمهم الوقح لغزوات الفرس للاقطار ‏العربية بما في ذلك الدعم المطلق للمشروع النووي الفارسي . ان عدم توقف او ‏تقليل تمويل طهران لهؤلاء المرتزقة العرب شرط مهم جدا لابقاء هؤلاء يدافعون ‏عن الفرس ويزورون الحقائق ويخفون الجرائم الكبرى التي ترتكبها اسرائيل ‏الشرقية في الاقطار العربية . ‏

ولكي نرى الاهيمة الفائقة لهذه الفقرة لابد من تذكر امر جوهري وهو ان (‏اسرائيل الشرقية) توسعت بطريقة اكبر بكثير من قدراتها المالية والعسكرية ‏فكان طبيعيا ان تواجه احتمال الانهيار والهزيمة وهو ما توضح في هزائم ‏النظامين الصفويين في سوريا والعراق وانتقال المقاومة الشعبية اليمنية من ‏الدفاع ضد الغزو الإيراني لليمن بواسطة نغولهم الحوثيين الى الهجوم ‏وتحقيق انتصارات في جنوب اليمن تمهد لانتصارات في الوسط والشمال ، كل ‏ذلك بدأ يحدث قبل التوقيع على الاتفاقية وعجز قاسم سليماني والقوات ‏الإيرانية وحزب الله وحكومة العبادي والنغول الحوثيين عن ايقاف الانهيارات ‏، لهذا فالمال والسلاح الجديد الذي ستوفره الاتفاقية سوف يمنع الانهيارات ‏الإيرانية في سوريا والعراق واليمن وغيرها .‏

اما الامر المهم الثاني فهو ان منع  انهيار (اسرائيل الشرقية*  بالنسبة ‏لأميركا يعني تواصل عمليات شرذمة الاقطار العربية وصولا لتقسيم الاقطار ‏العربية وهو جوهر المخطط الصهيوني الأميركي ، لذلك فللصهيونية ‏الأميركية مصلحة ستراتيجية في ابقاء (اسرائيل الشرقية) قوية وقادرة على ‏تعميق الفتن الطائفية وسفك الدم العربي  ويمكن تحقيق ذلك برفع ‏العقوبات .‏

‏2-ان الاتفاقية تسمح لـ(اسرائيل الشرقية) بفرض امر واقع وهو اضفاء ‏الشرعية على نغولها ولهذا نرى ان الامم المتحدة وبدفع من أميركا بشكل خاص ‏تطالب بالاعتراف بالحوثيين طرفا اساسيا في الترتيبات اليمنية مع انهم لا يشكلون ‏سوى اقل من 2% من سكان اليمن ! ‏

‏3-الاتفاقية توفر غطاء قانونيا لـ(اسرائيل الشرقية) لممارسة الابتزاز ‏النووي ضد العرب فهي بدون ذلك السلاح كانت تبتز بقوة السلاح التقليدي ‏وبالفتن الطائفية فكيف سيكون ابتزازها بعد ان تملك صفة عضو في النادي ‏النووي العالمي ؟ يقينا ان النخب الفارسية سوف تزداد تطرفا واصرارا على ‏اذلال العرب وتوسيع احتلالها لاراضيهم وابادة وتهجير ابناءهم .‏

‏4-لن تجد اسرائيل الشرقية بعد الان معارضة رسمية أميركية شكلية –‏يناقضها الدعم العملي - لما تقوم به من توسع استعماري في الوطن العربي ‏وذلك ليس سوى تتويح لحالة قائمة تتمثل في ان التوسع الفارسي تم ويتم ‏بدعم أميركي واضح جدا وما تسليم العراق لها في عام 2011 ودعم خطة ابقاء ‏بشار الصفوي في الحكم او كجزء من الحل ، ودعم أميركا للحوثيين علنا ‏ودعم نغول إيران في البحرين الا امثلة دامغة على ان أميركا تدعم التوسع ‏الاستعماري الفارسي في كل قطر عربي وليس في العراق وسوريا فقط  .‏

‏5- الاتفاقية تسمح لـ(اسرائيل الشرقية) بالحصول على تكنولوجيا متطورة ‏واسلحة نوعية لا تمتلكها الان وهذا سوف يعزز قوتها وتسخيرها لقمع كل ميل ‏للاعتدال داخل (اسرائيل الشرقية) والرغبة في الوصول الى حلول سلمية للازمات ‏المشتعلة في الاقطار العربية بسبب الغزو الفارسي . ‏

‏6- الاسراع الأميركي في تقديم نص الاتفاقية الى الامم المتحدة لاقرارها ‏هدفه تحويل الاتفاقية الى جزء من القانون الدولي العام وهو ملزم لكافة الدول ‏ولهذا فان بعض دول العالم سوف تكون مضطرة لدعم (اسرائيل الشرقية) بكل ‏توجهاتها وازالة التحفظات ناهيك عن تعزيز دعم التوجهات الاستعمارية ‏الفارسية من قبل دول اخرى كانت تتردد بسبب لا شرعية هذا التوسع .‏

‏7- تقديم الاتفاقية للكونغرس لاقرارها رغم الاعلان بانه سيرفضها يؤكد ان ‏أميركا تسرع قبل فوات فرص اصبحت متاحة لاكمال عمليات تقسيم الاقطار ‏العربية وخوفا من انهيارات إيرانية لا يمكن منعها بسب التضخم الهائل لاعباء ‏التوسع الاستعماري، لهذا فان اوباما اعلن بان رفض الكونغرس اذا حصل سيرد ‏عليه باستخدام  صلاحياته الدستورية لامرار الاتفاقية رغم قرار الكونغرس، ‏بتقديمها مرة اخرى للكونغرس بمجلسيه للتصويت عليها فان وافق ثلثا الاعضاء ‏فسوف تقر، ومن المرجح ان توفير هذه النسبة سيتم لاجل امرار الاتفاقية تحت ‏وعود كثيرة وبعد شرح  بنود الاتفاقية بطريقة مضللة لاعضاء في الكونغرس، وهو ‏بالضبط ما ستفعله الحكومة الإيرانية مع مجلس الشورى لديها لتجنب معارضة ‏البعض ولتوفير حجة لدى خامنئي للتراجع عن رفضه لبعض البنود.

وعندما يتم ‏ذلك فان أميركا و(اسرائيل الشرقية) ستوفران غطاء قانونيا لعلاقات ‏ستراتيجية متطورة رسميا وليس فعليا فقط كما هو الحال الان . ‏

‏8-الاتفاقية تشجع الطفيليين العالميين وهم كثر على زيادة تعاملهم مع (‏اسرائيل الشرقية) لتهريب ما تحتاجه بسرعة وعدم انتظار رفع العقوبات بعد ‏خمس سنوات، وهو امر كانت تلك الطفيليات تتردد في الاقدام عليه الا بحدود ‏وحذر خوفا من ضياع فلوسها في ظل المقاطعة والعقوبات الدولية . والمهربون ‏اخطر من الدول فهم لا يقومون فقط بتهريب ما لديهم بل الاخطر بكثير  هو ‏ان دولا كثيرة تستخدمهم لتصدير ما تريد سرا اما للحصول على المال او ‏لدعم طرف ربما يكون دعمه علنا فيه خسارة لها .‏

ولهذا نتوقع  في الفترة القريبة جدا وفي انتظار بدأ رفع العقوبات ان ‏يكون الدعم السريع لـ(اسرائيل الشرقية) بكل ما تحتاجه لمواصلة توسعها ‏الاستعماري عن طريق المهربين خصوصا المرتبطين بمخابرات أميركا واسرائيل ‏الغربية والذين تولوا مسؤولية تزويدها بالسلاح اثناء شن خميني الحرب على ‏العراق وما إيران غيت الا احد الامثلة الكبيرة على دور المهربين وعلاقاتهم بدول ‏مثل (اسرائيل) الغربية وأميركا وقصة ضباط الموساد المتقاعدين الذين شكلوا ‏بأمر الحكومة شركات وهمية لشراء السلاح لـ(اسرائيل الشرقية) من اسواق ‏التهريب وقصة العقيد اوليفر نورث بطل إيرانجيت المعروفة انموذج لدور ‏المخابرات في التعامل مع المهربين .  ‏

في ضوء ما تقدم فان العرب سيجدون انفسهم (كالايتام على مائدة ‏اللئام) ، سيصبحون اكثر عزلة عالميا وبلا دعم او حماية من اي طرف، بل ‏سيكونون عرضة لعقوبات دولية اذا قاموا باي عمل قد يفسر على انه عدوان ‏على (اسرائيل الشرقية) .

فما دام المشروع النووي قد دعم من قبل الخمسة ‏الكبار ومعهم كبار اخرين ومادامت الامم المتحدة سوف تقر الاتفاقية فاننا ‏بمواجهة حالة مختلفة نوعيا عما سبق سمتها الابرز اننا في عزلة عالمية قاتلة . ‏

 

يتبع..

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :135,626,933

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"