مخطئ وساذج من يظن أن نظام الجمهورية (الاسلامية) الإيرانية يفکر بإنهاء نفوذه وهيمنته على العراق، خصوصا وبعد أن تم التوقيع على الاتفاق النووي الذي الى جانب إحتوائه على نقاط قوية فإن فيه نقاط ضعف وثمة مساحات من الممکن جدا أن يراوغ هذا النظام ويعبث فيه، وعلى عکس ماکان متوقعا، فإن طهران باتت بحاجة ماسة الى مناطق نفوذها (ومن ضمنها العراق)، کي تستخدمها کأوراق في المستقبل المنظور.
تعيين ممثل لمرشد نظام الجمهورية (الاسلامية) الإيرانية في العراق، والذي تم الاعلان عنه بعد الاتفاق النووي، يعتبر مٶشرا واضحا على النوايا المشبوهة التي يضمرها هذا النظام ازاء العراق وإصراره على تقوية وترسيخ نفوذه وهيمنته عليه والذي کما نرى يسير بسياق الانهاء التدريجي لسيادته الوطنية ولإستقلاله، خصوصا وان الخطوات التي سبقت الاعلان عن ممثل لخامنئي في العراق، قد مهدت لذلك.
النفوذ والهيمنة الاستثنائية لطهران في العراق والذي تجاوز و تخطى کل الحدود والمعروفة، أمر صار مفهوما للجميع وصارت قضية الدور والنفوذ الإيراني في العراق من القضايا الحساسة والمٶثرة ليس على العراق فقط وانما على أمن وإستقرار المنطقة أيضا، ولأن العراق يمتلك إمکانيات بشرية ومادية هائلة الى جانب موقع جيوسياسي مميز، فإنه يعتبر بمثابة مفتاح لطهران من أجل فتح بقية أبواب المنطقة أمام نفوذها، وان تعيين رجل الدين مجتبى حسيني ممثلا لخامنئي في العراق، يمکن إعتباره بداية عهد ومرحلة جديدة من النفوذ الإيراني بالصورة التي تتجاوز المراحل السابقة وتتخطاها، بالشکل الذي يجعل من العراق أشبه مايکون بدولة منتدبة تدار من جانب إيران.
الصمت عن الدور المشبوه لطهران وعدوانيتها المفرطة تجاه دول المنطقة وإستباحتها لأمنها وإستقرارها، تزداد مخاطره يوما بعد يوم والاهم من ذلك إن الضرورة التي تستوجب مواجهة هذا الدور و إنهائه تزداد يوما بعد يوم، ذلك إن الصمت عنه سينتهي ومن دون أدنى شك بإقامة الامبراطورية الدينية لولاية الفقيه کما أکدت على الدوام زعيمة المعارضة الإيرانية مريم رجوي و حذرت منه.
الصمت على تسمية ممثل لخامنئي في العراق، سوف يکون بمثابة قبول ضمني بهذا التدخل السافر والمرفوض من جانب طهران، ذلك أن الذي نعلمه جميعا هو ولع طهران بإستنساخ نماذجها واساليبها المستخدمة لأکثر من مرة.